قبل وأثناء حرب صيف 1994 كان توفيق سيف كثير النقد لما يسميه الثقافة البرْقية الخاطفة، السهلة والاستهلاكية. كان ضد تخندق الناس في مشاريع تحمل شعارات رنانة ولا تقدّم الجديد. يومها لم ننصت إليه نحن الذين كنا نأمل التغيّر والتحوّل. ثم اكتشفنا أهمية ما كان يطرحه بعد أن عشنا الكارثة.
اليوم، أفكّر به وبسجّانيه. ماذا يريدون منه وأي خطر يمكن أن يشكّله عليهم؟ توفيق القباطي أو توفيق سيف أو توفيق الأكسر، كما بدّل اسمه أكثر من مرّة، لم يكن لديه، إلى ما قبل أربعة أشهر، حتى تلفون موبايل وليس لديه صفحة فيسبوك أو تويتر. وأكثر ما يمكن أن يقوم به هو أن يقول رأيه بصوت خفيض في أحد المقاهي أو اللوكندات الشعبية التي صارت مقراً لإقامته. أي خطر من رأي يمكن أن يقوله؟ توفيق الذي يكتب الشعر ويعمل باحثاً في مركز الدراسات والبحوث اليمني ليس له جبهة أو حزب يمكن أن يحميه أو يحتمي به. فقد بقي طوال العقود التي عرفناه فيها متمرّدا على كل مظاهر المؤسسة، بما في ذلك مؤسسة العائلة والكتابة، وبقي بهذا ملتحفاً بهوى الفقراء اليمانيين الذين يعيش معهم في الأماكن الرخيصة والفقيرة.
توفيق الذي كتب قصيدة عن رنا والنسيان، لم يعرف أحد خبر اعتقاله سوى قبل أيّام، وكانت الحرب قد أنستنا السؤال عن كل شيء بما في ذلك توفيق الذي هو نحن...
من صفحة "علي المقري" على فايسبوك