بدت الفترة الممتدّة بين 1975 و1995 حاسمةً في تشكيل العالم العربي. بدأت بالحرب الأهليّة اللبنانيّة، تلتها الانتفاضة الفلسطينيّة الأولى العام 1987 وحرب الخليج العام 1991، وانتهت بتوقيع معاهدتيّ "أوسلو" العام 1993 و"وادي عربة" العام 1994. هذه الأحداث دمغت مسارات أشخاص ودول وعوالم، وغذّت، في الوقت نفسه ممارسات فنيّة مختلفة لرصد التحوّلات التي نعيشها الآن.
من هنا جاء معرض "طقوس الإشارات والتحوّلات (1975 – 1995)" الذي سيتمّ افتتاحه مساء يوم الثلاثاء القادم 19 أيّار/مايو 2015 في دارة الفنون في عمان. يرصد المعرض تاريخ الفنّ في المنطقة اليوم، ويتقصّى العلاقة بين الفنون التشكيليّة والتحوّلات السياسية والتاريخية، ومخاطبتها للفنون الأخرى من أدب وموسيقى وسينما. كما يقوم باستعادة الفنون التشكيليّة، والكتب، والإنتاجات البصريّة والسمعيّة كـ"تأكيد على دور الفنون وارتباطها بتاريخنا الفرديّ والجمعيّ".
وهذا جزء أوّل من معرضين يرصدان التحولات الفنية في العالم العربي في الفترتين (1975-1995) و(1995 – 2015)، من خلال مجموعة خالد شومان الخاصّة التي تضم لوحات لأحمد نعواش، آدم حنين، إسماعيل فتّاح، إيتيل عدنان، جمانة الحسيني، جنان العاني، سامية حلبي، سليمان منصور، شاكر حسن آل سعيد، شوقي شوكيني، ضياء العزّاوي، عبد الرزاق الساحلي، عدنان يحيى، عزيز عمّورة، عصام السّعيد، علي الجابري، فؤاد الخوري، فيرا تماري، قويدر التريكي، ليلى الشوّا، محمد القاسمي، محمد عمر خليل، مروان قصّاب باشي، منى حاطوم، ناصر سومي، نبيلة حلمي، نديم كوفي، يوسف عبدلكي.
في السبعينيّات، كان المشهد الفنّي العراقي محترَفاً محوريّاً لأعمال فنيّة وسمت تلك المرحلة بالتجريب والتنظير كمحاولة للابتعاد عن الجماليّات الفنيّة الغربيّة الجاهزة. كما أنتج المشهد الفنّي الفلسطينيّ أجيالاً من الفنّانين الذين اتّخذ كلّ منهم مساراً فنيّاً مختلفاً انهمك في تقصّي القضيّة الفلسطينيّة.
في المقابل، شهد العام 1975 نهاية مسيرة أم كلثوم: أبرز الفنّانات اللواتي أسرن الشّحنات التعبيريّة العربيّة على مدى عقود. وصدرت الطبعة الأولى من رواية "المتشائل" لإميل حبيبي التي تنصّلت، بسخريتها السوداء، من كلاسيكيّات الأدب الفلسطينيّ المباشر. كما كان إدوارد سعيد يصدر كتابه المحوريّ "الاستشراق" العام 1978 الذي أسّس لنبرة جديدة في عالم أكاديميا ما بعد الكولونياليّة.
وفي العام 1994، وبعد معرفته بإصابته بالسّرطان، كتب المسرحي السوري سعد الله ونّوس مسرحيّة "طقوس الإشارات والتحوّلات" (التي يستلهمها المعرض في عنوانه) كإحدى أبرز الأعمال الفنيّة التي تواجه استعمال السياسة للخطاب الديني، فيما نراه اليوم بما يشبه نبوءة، وأحد أبرز الأعمال التي تطرح التساؤلات المناسبة لما يمكن أن يكشف عنه الفن.