اختارت جماعة عشاق الخوف زعيماً مخيفاً، رأت أنه الأكثر إخافة من بينهم، ذهبوا إليه في بيته وقالوا له: اكتشفنا أن لك نابين عظيمين، وأن نقاط دماء تسيل عليهما، قل لنا يا باشا، كيف أصبحت مخيفاً لهذه الدرجة؟ ابتسم الزعيم المخيف بغموض فصرخوا من الافتتان به، وااااو، شو سكسي! أكيد هو مخيف أكثر بكثير مما يبدو عليه!
فتح الزعيم المخيف شباك بيته ورأى شعباً كاملاً من عشاق الخوف يقفون خارج باب بيته على ضوء القمر ويهتفون باسمه. ذهب الزعيم إلى مرآة بيته ولاحظ فعلاً أن نابيه أطول من نابي أي إنسان عادي. فخرج إلى الشباك ونظر لعشاق الخوف الذين يهتفون باسمه وزمجر في وجوههم، زمجرة واحدة ارتعبوا على إثرها ثم صرخوا طرباً من جمالها.
توج الزعيم المخيف على الشعب كله. وكان قليل الكلام لأنه مخيف، أو مخيف لأنه قليل الكلام، ولكن هذا لا ينفع في جميع الأحوال، لا يمكن مثلاً أن يسير الزعيم المخيف في الشارع ويرمي عليه واحد في الشارع قشرة برتقالة ولا يتكلم. حدث هذا الموقف مرتين، وفي المرتين قيل دفاعاً عنه إنه غامض جداً ولا أحد يعرف ما يفكر فيه. ولكن هذا لم يكن مقنعاً جداً.
المشكلة كانت تكمن في شعب عشاق الخوف، وهو شعب كبير وعريق وله تاريخ وحضارة وديانة عظيمة تقوم على عبادة الخوف، وآثاره تشهد بهذا في جميع الأماكن. ثارت إشاعة بين عشاق الخوف، تنوقلت سراً في الأول ثم أصبحت تقال على الملأ "الزعيم المخيف ليس مخيفاً جداً في الحقيقة. وناباه الكبيران هما مجرد عيب خلقي، وهو يؤجل من زمان الذهاب لطبيب الأسنان لمعالجتهما". وبسرعة شديدة بدأ يظهر من بين عشاق الخوف قادة ثوريون "نحن عشاق الخوف الحقيقيون في هذه البلاد. نحن نعرف الخوف ونصلي له، ويأتي ليتزعمنا شخص غير مخيف! هذه مهزلة!".
ولكن بعض الفلاسفة من بينهم قالوا إن هذه النظرية ستؤدي لمشكلة كبيرة، فإن لم يكن الزعيم مخيفاً، فهذا يعني، لسوء الحظ، أن لا أحد مخيفاً في هذا البلد، ويعني أن السنوات التي بتنا فيها في التوابيت في انتظار الزعيم المخيف كانت هباء، يعني أن آلهتنا لا شيء وأن أنبياءنا عدم. فهل أنتم جاهزون للتضحية بكل تاريخكم وعقيدتكم؟
ولهذا اتفق عشاق الخوف فيما بينهم على تصديق أن الزعيم مخيف، وقرروا مواصلة الخوف منه فعلاً، فحتى وإن لم يكن مخيفاً، لنكن نحن على الأقل خائفين. هذا أضعف الإيمان.