يشتغل الجميع أو دعني أقول غالبية أهل ليبيا بالحرب الدائرة في بلادهم، حرب تقرّبهم إلى التقسيم والانهيار أكثر فأكثر. دائماً ما تشغل الحروب العالم اجمع، فما بالك عندما تكون الحرب دائرة في وطنك؟ أظن أني فكرت مرة قبل الثورة كيف سيكون شكل ليبيا إذا دخلت حرباً ما؟ اليوم لست في حاجة لتشغيل مخيّلتي كثيراً. لكن للحرب قصصا غير قصة المحارب المغوار صاحب الصيحات العالية وغير قصص تسويق السياسيين لحروبهم. بين ثنايا هذه الحرب يوجد طالب جامعي لم تستهوه البدلة العسكرية (إلاّ حينما احتاجته في أحداث الثورة، ثم تركها لمصلحة دفاتره) بقدر ما استهوته فكرة المساهمة في بناء ليبيا جديدة. لكن لم يخبروه بأن البناء سيكون عبارة عن أحجار على حافة قبره وقبور شباب غيره.
أرغمت الحرب هذا الطالب على التوقّف عن الدراسة بعد أن أقفلت جامعة قاريونس التي كانت منبعاً للكثير من النخب قبل أن تصبح ساحة حرب. محيط منزل الشاب صار أيضاً باحة للقتال، سقطت قذيفة على منزله، الكل سيأخذ نصيبه من الدمار في بنغازي (...) هناك من هذه النسخة الكثير، ولكلّ قصته وحكايته.
من مدونة "تنتوش" الليبية