هنالك مستقبل

عندما أفكّر في أحداث السنوات القليلة الماضية، وفي حصّتي الشخصية منها، أشعر أنني محظوظ وعديم الحظّ في آن واحد. نعم، أنا كنت شاهداً على هروب بن علي من قصره إلى جدّة، لكنني، أيضاً، شهدت فوز سياسيّ عجوز من معاصريه في انتخابات البرلمان. كنت شاهداً على تنحّي مبارك ووقوفه في القفص، لكنني أيضاً شهدت الحكم عليه بالبراءة. شهدت سقوط القذافي لكنني، أيضاً، شهدت سقوط ليبيا في براثن حرب أهليّة. شهدت السوريين
2014-12-18

شارك

عندما أفكّر في أحداث السنوات القليلة الماضية، وفي حصّتي الشخصية منها، أشعر أنني محظوظ وعديم الحظّ في آن واحد. نعم، أنا كنت شاهداً على هروب بن علي من قصره إلى جدّة، لكنني، أيضاً، شهدت فوز سياسيّ عجوز من معاصريه في انتخابات البرلمان. كنت شاهداً على تنحّي مبارك ووقوفه في القفص، لكنني أيضاً شهدت الحكم عليه بالبراءة. شهدت سقوط القذافي لكنني، أيضاً، شهدت سقوط ليبيا في براثن حرب أهليّة. شهدت السوريين يهتفون بالحريّة لكنني، أيضاً، شهدتهم وقد صاروا لاجئين.
للسنوات القليلة الماضية مذاق حلو ومذاق مرّ، يتمازجان ويتناقضان. لكنني، برغم كلّ شيء، ما كنت لأختار زمناً آخر. أنا أفضّل في أيّ يوم، وتحت أي ظرف، زمن التحوّلات الكبرى والاصطفافات الكبرى (والخيبات الكبرى) الذي نحياه على زمن الهدوء الذي كانت فيه الأخبار تقتصر على زيارات السيّد الرئيس، وأغنية "وين الملايين؟" تلخّص كل شيء.
لقد أجابت السنوات القليلة الماضية على سؤال "وين الملايين؟"، كما وحررتهم من عتمة السؤال طارحة أسئلة جديدة أعمق: ماذا يريد هؤلاء الملايين؟ (...) يقول عالم الاجتماع الفرنسي بورديو "ما دام هنالك صراع هنالك تاريخ". بعد كل ما حدث في السنوات القليلة التي مضت، وما سيحدث في السنوات القادمة، يمكن لنا أن نضيف: وهنالك مستقبل.

من صفحة Mahmoud Omar على فايسبوك