إذا وضعتَ دجلة إلى يمينك، وقدت سيارتك بمعدل ٤٠ كم بالساعة، إذا وضعتَ دجلة.. ولا أقصد دجلة كلها، دجلة قبل التحامها بالفرات بعشر دقائق، إذا أبصرت دجلة وهي تنزع من عنقها جدولاً يلتوي حوله شارع ضيق، إذا سلكت هذا الشارع ثم سمعت أغنية "وياك إخذني"، أو أغنية أخرى مدتها ست دقائق، ستكون قد بلغت غرب غرب القرنة، والفرات خلفك تأبط دجلة وهرَبا نحو البحر، وآدم وزوجته يفرِّخان تحت الشجرة الكئيبة. ستكون قد وصلت إلى أرض معزولة وتربة مزيجية تصلح لزراعة الثوم، إذا تلفتَّ يمنة ويسرة ستعثر عليه.
سيقول لك نفس الكلام، قاله لي ولكل من زاره صدفة وتعطلت سيارته، كل ما أطلبه منك هو الإصغاء جيداً، لأني أنوي التأكد من ترديده لنفس العبارات بالضبط لكل من يلتقيه.
ستجده بين أبواب السيارات المتروكة، اصطنع له منزلاً ومصلى، سترى المكان وتصدق بأنه معمل أو مرأب حوله بساتين ونخل مبتور الجذع، سيذكرك بعشرات الأمثال الشعبية عن الرجل المصاب بالعنة، لكنه سيقول لك: هذه الأرض تدعى "مقبرة الحمير"، لا أحد يستثمرها ولا يجوز التبول فوقها، لا تتعب نفسك بالاستفادة منه كإنسان وسؤاله عن أي غرض بشري، لن ينفعك هذا العجوز في شيء، ولا تستعجل، لا تنزل، سيجيء ويقف بجانبك لأنه يظنك واحداً من معارفه (...)
من صفحة "مرتضى كزار" على فايسبوك