سيتم إقرار كتاب جديد على طلاب المرحلة الثانوية اسمه "الأخلاق والمواطنة". وهناك تساؤلات عن إلغاء مادة التربية الدينية أو عن استبدالها بمادة الأخلاق والمواطنة.. وهو ما أثار جدلاً خلال الأيام الماضية، أبطاله هما وزير الأوقاف ووزير التربية والتعليم.
تطرق وزير الأوقاف في مقابلة تليفزيونية للكتاب الجديد، قال إنه "كفيل بتقليص الفكر المتطرف"، وأنه كتب بنفسه مقدمة هذا المنهج الدراسي الجديد الذي وضعه قسم المناهج التابع لوزارة التعليم، وأن شيخ الأزهر وبابا الكنيسة الأرثوذكسية راجعاه وسيتم إقراره على طلاب الثانوي، محدداً أنه و"لأول مرة، سيكون لدينا منهجاً يتحدث عن المشتركات الإنسانية في الشرائع السماوية، وعن المشترك في الأديان بين الأديان السماوية"، من دون أن يتناول مسألة كونه بديلاً عن مادة "الدين" التي تدرس في المدارس لكل الطلاب بمختلف مستوياتهم. ولكن الصراع السلفي القائم الآن في مصر، والصراع حول الأزهر، أشعل الموقف، وجعل وزير التعليم يصدر بياناً يصرح فيه أنه لا إلغاء لمادة الدين أو لتطبيق قرار اعتماد منهج الأخلاق الجديد.
التطرّف والإرهاب
مع اتساع نطاق العمليات الإرهابية هنا، وخاصة تجاه المصريين المسيحيين، وتفجير الكنائس القبطية منذ أسابيع قليلة، ارتفعت حدة الحديث عن مسؤولية المناهج التعليمية عن ذلك الفكر الإرهابي، وخاصة لمادة الدين وللتعليم الأزهري. وهناك دعوات متكررة لتطوير المناهج الأزهرية بل ولعزل شيخ الأزهر نفسه لأنه لا يطوّر المناهج في هذه المؤسسة التعليمية الهائلة والمنتشرة على كل مستويات التعليم وفي كل بقاع البلاد. وهناك حالياً مشروع قانون في مجلس النواب لتعديل مدة ولاية شيخ الأزهر.
حدث انتشار للتعليم الأزهري في العقدين الأخيرين بنسبة تقدر بثلاثة أضعاف التوسع الذي عرفه التعليم الحكومي للفترة نفسها، بسبب انسحاب الدولة من الإنفاق على التعليم العام وبناء المدارس التي تستوعب كل الطلاب.
فمناهج الأزهر التعليمية "تحتاج إلى تغيير شامل" كما يقول الباحث د. كمال مغيث في دراسة له عنها، مبرزاً أنها تحتقر غير المسلم وتدعو إلى ازدرائه، بل هي تكرس بذرة التطرّف وتحديداً تجاه المصريين المسيحيين، وهو أشار إلى أن داخل الصفوف في المدارس الأزهرية يشيع نعتهم بـ"الكفار".
وقد حدث انتشار للتعليم الأزهري في العقدين الأخيرين بنسبة تقدر بثلاثة أضعاف التوسع الذي عرفه التعليم الحكومي للفترة نفسها، بسبب انسحاب الدولة من الإنفاق على التعليم العام وبناء المدارس التي تستوعب كل الطلاب، علاوة على المساحة التي احتلتها الجمعيات الأهلية والإسلامية التي تبني مدارس وصفوف لاستيعاب الفقراء، وهم وحدهم من يلتحق بها، لاسيما أن اشتراطات الحصول على ترخيص لمعهد أزهري تعليمي سهلة للغاية. وقد وصل عدد طلاب الثانويات الأزهرية إلى نصف مليون طالب وطالبة يلتحقون بجامعة الأزهر، حيث يكفل القانون لهم القيد والقبول المباشر بهذه الجامعة مهما كان مجموع الطالب في الثانوية الأزهرية، مما أدى إلى زيادة الطلب على هذا النوع من التعليم الديني، مقابل العراقيل والقيود للالتحاق بالتعليم المدني في الجامعات الحكومية. وتعزز ذلك مع الأزمة الاقتصادية من جهة، وارتفاع فاتورة الدروس الخصوصية من جهة ثانية.
السفور فجور
من ضمن ما يشدد عليه في التعليم الأزهري الآن هو ارتداء الحجاب والجلباب للطالبات وذلك من الصف الأول الابتدائي، بل والسماح بالنقاب في المراحل الأعلى، بالإعدادي والثانوي والجامعة، واعتبار ذلك من المقدسات.. حتى أن مستشار شيخ الأزهر، قال منذ أيام في مقابلة مسجلة معه، وفي إطار معركة الأزهر والمناهج الجارية، أن "سفور المرأة فجور"، وأن غير المحجبة تنشر الفجور وتدعو الرجال للتحرش بها.
مستشار شيخ الأزهر، قال منذ أيام في مقابلة مسجلة معه، وفي إطار معركة الأزهر والمناهج الجارية، أن "سفور المرأة فجور"، وأن غير المحجبة تنشر الفجور وتدعو الرجال للتحرش بها
... وفي اليوم التالي لتصريحات مستشار شيخ الأزهر، قامت سيدة تحمل مقصاً معها بمحاولة قَص شعر زميلة صحافية في مترو الإنفاق، واتهمتها بالفجور. والأخطر في هذه الواقعة هو تهريب الآخرين للسيدة التي اعتدت على الزميلة بحجة أنها قد تكون "غلبانة"، وأنها اعتقدت أن الزميلة.. مسيحية!
أخطر ما يواجه مصر الآن، بجانب الأزمة الاقتصادية التي تعتبر البيئة الحاضنة للتطرف ولنموه، هو توغل الفكر "الداعشي"، ووجود تعاطف معه. ومحاولات تغيير وتطوير المناهج الدينية أصبحت فرض عين، حرصاً على مستقبل الوطن نفسه من الانقسام.