من مواقع صديقة: أورينت XXI
مقالة لـ : بيتر هارلينغ ولؤلؤة الرشيد
الحملة على الموصل مستمرة منذ أشهر وما من أحد لديه أدنى شك في أنها ستؤدي في نهاية المطاف إلى هزيمة تنظيم الدولة الاسلامية. إلا أن المدنيين الذين تم تحريرهم لا يستبشرون خيراً، فأقدارهم معرضة لعسف الميليشيات، وقصور الدولة العراقية، ولعبة الأمم المبهمة التي تلعبها الأطراف الإقليمية والدولية مثل إيران، وتركيا والولايات المتحدة الأميركية.
لا يمكن أن تكون الفجوة بين الرواية السائدة عن الحرب على الدولة الإسلامية من جانب ومعاناة الناس المحاصرين في تبادل إطلاق النار من جانب آخر، أعظم مما هي اليوم. فالقصة التي روّج لها أبطال مكافحة الارهاب في العراق هي قصة توافقية وبسيطة: رويت على أنها زحف نحو استرجاع مدينة الموصل، وتحرير المدنيين المحتجزين كرهائن؛ يتلقى فيها المدنيون المساعدات، بينما يُفنى الإرهابيون. وعلى الرغم من وجود تشكيلة لا تنسيق فيها من القوى الخارجية ، والقوات العراقية والميليشيات المحلية، إلا أنّ الهدف الموحّد اي القضاء على الدولة الإسلامية يعلو فوق الانقسامات المحتملة.
إلا ان الحقيقة هي أن السكان العزل من العراقيين يكادوا لا يجدون أنساناً يمكن التعويل عليه فهم يشعرون بالخوف من جميع الاطراف. وعلى الرغم من أنّ تقدير عدد هـؤلاء البؤساء مجرد تخمين، إلا أنّ مئات الآلاف من المدنيين محاصرون في الموصل حسب ما جاء في التقارير. وما من جهة في هذه الحملة قد فرضت، أو حتى ناقشت، إمكانية إنشاء معبر إنساني لتسهيل هروبهم. ولقد فر أبناء مدينة الموصل مشياً على الأقدام جرّاء شتى ضروب الحرمان ومطاردة داعش لهم، كلما سنحت لهم الفرصة بذلك آخذين معهم ما يمكن حمله، ويتجه أغلبهم نحو جنوب المدينة حيث لا يُنجز إلا القليل لاستقبالهم. وحسب تقدير مسؤولين في وزارة الهجرة والمهجرين، وهي الوزارة المسؤولة رسمياً عن التعامل مع النازحين، ف هناك 000 10 وافد جديد يومياً منذ بدء المرحلة الثانية لتحرير الجانب الأيسر من الموصل. وهؤلاء المسؤولين يعترفون سراً بأن الوسطاء يستحوذون على حصة الأسد من المعونة قبل وصولها إلى النازحين أنفسهم. المخيّمات مكتظّة وتتسم برداءة تجهيزاتها، حتى عندما يتعلق الأمر بمرافق الصرف الصحي. وعلى الرغم من ذلك، نجد السياسيين العراقيين يصوّرون أنفسهم وهم برفقة الناجين من الموصل، ويوزّعون صدقات نقدية رمزية، في حملتهم للانتخابات البرلمانية.