مسرح الميدان مُضرِب منذ أسبوع بعد سنتين من محاولة حل أزمة التمويل الذي تمنعه عنه وزارة الثقافة الإسرائيليّة. المُهم في هذا الإضراب أنه يذكّر بعدّة أمور تغيب عنّا غالباً:
1- أنه لا يُمكن لأي مؤسسة فلسطينيّة أن تقف بأي مواجهة مع السلطة من دون التفاف ودعم جماهيري فاعل، لا يوجد أي مجال فعليّ لخوض قضايانا بنفس بيروقراطي أو قضائيّ "نظيف" ولا بالغرف المغلقة. قضايانا (من مسرح الميدان وحتّى هدم البيوت) ليست إداريّة ولا تقنيّة، ولا مجال لمواجهتها إلا من خلال تحريك الناس والاعتماد عليها.
2- لا يضرّ الإضراب بمصلحة إسرائيليّة مباشرة، ولكنّه يستعيد قيمة مركزيّة: لا يُمكن للحياة أن تستمر بشكلٍ اعتياديّ مقابل تصعيد السُلطة، أن والتعوّد و"العيش مع مصيبتنا" و"الاستمرار رغم كل شيء" هي مرادفات للتكيّف مع وضع – لا شيء أخطر من التكيّف مع قمع السلطة دون رد، فهو ليس خضوعًا معدوم الكرامة فحسب، إنما هو ضوء أخضر للسلطة بأن تستمر وتصعّد دون قلق.
3- لا يُمكن للثقافة في ظرفنا السياسي أن تتعامل مع نفسها بروح الإنتاج المؤسساتي التقليديّ والمُريح. الظرف يفرض على الثقافة أن تتبنّى أدوات التنظيم السياسيّ حتّى تؤدّي وظيفتها كاملًا: تجنيد الناس والاحتجاج والمعركة الإعلاميّة وانتقاء المصطلحات وانتهاز الفرص وبناء الائتلافات والإدراك التام بأنه لا يمكن فصل المضمون الثقافيّ عن السُلطة من دون فصل ظروف الانتاج والإدارة (هذا لم تذوّته الأحزاب السياسيّة بعد، على مهل ولكنّه سياسيّ بامتياز.)
إضراب الميدان مُقدم على خطوة مهمّة: أن يتم إحياء المسرح من خلال الاحتجاج. بمعنى أن يتحوّل الاحتجاج ضد السُلطة هو البرنامج الفنّي والثقافيّ الذي يُحيي المسرح. والأهم أنه يخوض المعركة على الحقوق من باب الوعي والانتباه التام لضرورة التأسيس لاستقلاليّة الانتاج الفنّي، وأن هذه الاستقلاليّة جوهريّة في التحرّر الثقافي والمعرفي. علينا أن ندعم إضراب الميدان ونشاطه النضاليّ، وأن نكون كجمهور ومتلقّين جزءًا فاعلًا في الاحتجاج.
من صفحة مجد كيال عن الفيسبوك