ليبيا الدولة أصبحت من الماضي، وذلك منذ أن تحوّل الشعب الليبي إلى قطعان من القبائل والأقليات العرقية والدينية المتناحرة. فعليّاً ليس السلاح هو المشكلة، وإنما الانتماء والولاء القبلي والجهوي والطائفي، فلم يعد يهمّ الليبيين ما يحدث لـ«ليبيا» طالما أن القبيلة أو الجماعة الدينية بخير، حتّى لو ادّعى كل فصيل حرصه على وحدة البلاد في الشعارات المُعلنة. فالبلد الذي يعتمد مبدأ المحاصصة، وتستند فيه أحكام القضاة على انتماءاتهم العرقية والجهوية والأيديولوجية، لا يمكن أن يكون إلا ساحة للاقتتال والتناحر والسلب والنهب، حتى تتربع كل قبيلة أو جماعة دينية على نصيبها من هذا البلد.
على مدى أربع سنوات، يتعاطى الليبيون الأحلام والتسويفات بأنهم مقبلون على مستقبل واعد زاهر بالخيرات، وأن أرضهم ستغدو قطعة من جنات النعيم. لا حدود للحلم الذي لا يمثل إلا حالة فرار هستيري من مواجهة الواقع كما هو، والتعامل مع مشكلاته، أو على الأقل محاولة إنقاذ ما يمكن إنقاذه، وهو ما دفع مئات الآلاف للهجرة حفاظاً على حياتهم وحياة أطفالهم وذويهم.
أما آن الأوان لمواجهة الحقيقة وهدم جدران الوهم؟
لن تجدي نفعاً حالة الفرار والنكران... فلنكن واقعيين. البشر لا التراب ما يحفظ للأوطان!
من مدونة «محمد اقميع» الليبية (الجمعة 7 تشرين الثاني/نوفمبر 2014)