"مطلبية" سياسية ضد مطلبية نقابية!

 كثرت في الأشهر والأسابيع الأخيرة جميع ضروب الانتقاد والتشكيك والتجريح في الاتحاد العام التونسي للشغل ونقاباته. البعض يتلقط أخطاء وتصرفات نقابية جزئية هنا وهناك للتغطية على مساوئ التوجهات السياسية وقيادتها في البلاد. 
2017-03-25

شارك

 كثرت في الأشهر والأسابيع الأخيرة جميع ضروب الانتقاد والتشكيك والتجريح في الاتحاد العام التونسي للشغل ونقاباته. البعض يتلقط أخطاء وتصرفات نقابية جزئية هنا وهناك للتغطية على مساوئ التوجهات السياسية وقيادتها في البلاد. صرنا على قاب قوسين أو أدنى من شيطنة الاتحاد. المطلبية النقابية معروفة، وهي في نهاية المطاف مطلبية نقابية. لها وجع ولكنه وجع جزئي مؤقت وقابل للعلاج. أما السياسة فبعض نتائجها غير قابلة للعلاج، وخاصة غير قابلة للقلب إلى الوراء مثلها مثل الوقت. "المطلبية" السياسية المهيمنة والقائدة اليوم في تونس لا تخفى مقاصدها على الملاحظ النابه: استرجاع روح النظام السابق، وطي صفحة الثورة، وشل إمكاناتها التي ما تزال مفتوحة على المستقبل. وطبعا هذا لا يمنع الثورة المضادة من مباركة شعارات الثورة وإضفاء طابع الاحترام والاجلال على رموزها وشهدائها (هكذا فعلت كل الثورات المضادة مع رموز الثورات). وتجد الثورات المضادة أحسن الوسائل بين الانتهازيين والمحسوبين على الثورة والتقدميين القدامى. والاتحاد العام التونسي الذي لعب دورا رئيسيا في الثورة هو آخر وأهم معقل يدافع عن رمزيتها الاجتماعية وعن مكتسباتها الأساسية. فالصراع مع الاتحاد ليس فقط وليس بالخصوص مسألة اقتصادية هذه المرة، بل مسألة سياسية: قبر معنى الاحتجاج أيّا كانت طبيعته، واعتبار الثورة حادثا عرضيا وعبثيا، وقوسا صغيرا في تاريخ تونس، فُتح وأغلق بسلام. وأما العودة الرمزية لمبارك في مصر (وكانت منتظرة منذ الانقلاب) فتبشر بالخير في تونس. ولكن البشرى هي حلم يراود أنصار التجمع الدستوري، وهي في الحقيقة بعيدة عن الواقع. والبعيد لا يعني المستحيل. لذلك فإن من ينتقد المطلبية النقابية اليوم في تونس ليس منشغلاً بعواقبها الاقتصادية، وإنما بما قد ينجرّ عنها من تعقيدات سياسية قد تعيد شبح الثورة إلى وسط الميدان للقطع فعلاً ونهائياً مع النظام السابق ومع ورثته.
من صفحة AbdelazizLabib عن الفايسبوك


وسوم: العدد 235

مقالات من تونس