كان من الضروري الحضور شخصياً إلى مقرّ فرع الجوازات بناءً على طلبهم. لقد امتنعوا عن تسليم جواز السفر، إلى حين حضوري الشخصي حاملاً ما يُفيد بأني ليبيّ الجنسية. وعلى الرغم من عدم معرفتي بأيّ جذور أخرى لي خارج ليبيا منذ أكثر من 800 عام... صعدت الدور الأول من المبنى: زواريب متداخلة أشبه بأزقة الحارات العتيقة، الأتربة متناثرة، نتف من الأوراق وأعقاب السجائر المبعثرة، أبواب حديدية أشبه بالزنازين يتوسطها عدد من الشبابيك. هناك مواطنون ينتظرون من يجيب على استفساراتهم الطويلة والمتعدّدة. تزاحم وتكاثف.
طرقت باب أحد الشبابيك، عرّفته عن نفسي وما أنا قادمٌ لأجله. أحالني على الفور إلى مكتب مجاور، ولجت ضمن جمع لا يزيد عن عشرة أشخاص، قدّمت نفسي للموظف المعنيّ فطلب منّي العودة إلى المكتب السابق كما طلب مني أن أبلغ زميله بتسليمي جواز السفر ومرفقاته. وبالفعل استلمت الجواز، لكنّي لاحظت كتابةً بالخط الأحمر على ظاهر المستندات المرفقة يطلب إحضار ما يؤكّد جنسيتي. عدتُ إلى الموظف الأول، فنظر بالمستند الخاص بالجنسية (وهي شهادة إثبات الجنسية الليبية الصادرة عن إدارة جوازات سبها)، توقّف قليلاً ثم أفادني بأن هذه لا تكفي. أجبته: أنا ليبي بالولادة.
من مدونة «آهات جنوبية» الليبية (31 تشرين أول/ أكتوبر 2014)