أنظر معي رجاءً يا إبني. سأريك بعض الفيديوهات من الستينيات في مصر. انظر كم كانت مصر جميلة. انظر، الممثلات الجميلات، والممثلون أيضاً، والشوارع خاوية، والألوان أبيض وأسود. انبهرت؟ أنا أيضاً منبهر. والآن أرني أنت فيديوهات من زمانكم، أرني قبحكم بليز، ليس لديك شيء صح؟ ما رأيك إذن أن نعيد الستينيات؟ هل تعرف ما هي المشكلة في زمانكم؟ المشكلة أنك تتطاول علي، ما الذي يبرر إذن أن تتطاول عليّ، أنا آت من الستينيات وأنت من الألفينيات. وبصفتي قادماً من الستينيات، فأنا أملك امتيازاً عليك، وعليَّ أن أضربك.
تعرف، في زماني لم يكن الضرب مشيناً. كان للتوعية والنصح، وكل نظم التربية الحديثة هذه هراء بالنسبة لي. الآن يتحدثون عن الحرية والديموقراطية. أية حرية وديموقراطية؟ على زماننا لم تكن هناك حرية وديموقراطية. يجب أن نسحق الحرية والديموقراطية حتى يعود زماننا الجميل. ويجب أن أسحقك أيضاً. لماذا تغضب؟ على أيامنا لم يكن المضروب يغضب. غضبك هذا إشارة سيئة جداً. يبدو لي أنك لا تريد إعادة الستينيات معي.
ماذا تريد؟ تريد المستقبل؟ ملأوا رأسك بالمستقبل والكلام الفارغ؟ ولكن المستقبل مجهول وخطر يا ابني. رجاء حاول معي تلوين الشوارع بالأبيض والأسود. ألا تحب فاتن حمامة ورشدي أباظة؟ هما كانا أبيض وأسود. أعرف مدى صعوبة المهمة. ليس سهلاً أن تقوم الصبح وتلون الشوارع كلها بالأبيض والأسود. ولكن هذا سهل إن بدأنا بأن أضربك. بعدها كل شيء سيصبح سهلاً. عفواً. فهمتني خطأ. أنا لا أنتظر أن تسمح لي بأن أضربك. من أنت لتسمح لي أو لا تسمح. سأضربك في كل الأحوال. كل ما أطلبه منك ألا تغضب عندما أضربك. تقبل الضرب ولا تغضب وتذكر نبل الهدف وجمال الستينيات.
(نص نائل الطوخي ورسم أحمد مخلوف)