سليمان حميد وهدان عمارة، المشهور بسليمان وهدان، عضو سابق بـ"الحزب الوطني" المنحل. وهو حاصل على دبلوم المعهد الفني التجاري، ويملك مؤسسة لتجارة السيارات والاستيراد والتصدير. في أواخر 2014 انضم لحزب الوفد، وبسرعة أصدر السيد البدوي قراراً بتعيينه مساعداً لرئيس الحزب. في انتخابات مجلس النواب المصري أواخر 2015، كان المرشح الوفدي الوحيد الذي فاز بعضوية البرلمان عن جنوب محافظة بورسعيد، وهي التي نُظر إليها دائما باعتبارها معقلاً تقليدياً لحزب الوفد. ثم فاز بمقعد الوكيل الثاني للبرلمان بعد منافسة شرسة مع النائب علاء عبد المنعم، الذي تفوق بوضوح في الجولة الأولى، لكن وهدان حصل في جولة الإعادة "الحاسمة" على 285 صوتا مقابل 281 صوتا لعبد المنعم مرشح ائتلاف دعم مصر، المعروف بولائه للنظام المصري. في كلمته بعد الفوز، شكر وهدان النواب، متعهداً بمساعدة الحكومة، خاتماً كلمته التشريعية بالترنيمة المشهورة "تحيا مصر" ثلاث مرات. وهدان يشاغب على "ائتلاف دعم مصر" وليس على النظام المصري. فبعد تفجير الكنيسة البطرسية، تقدم وهدان بمشروع قانون، لإضافة تعديل لقانون الإجراءات الجنائية، يتضمن إحالة جميع القضايا الإرهابية والجرائم المرتبطة بها إلى محاكم القضاء العسكري. مع أنّ محاكمات الجرائم الإرهابية فضفاضة، حتى في قضائنا المدني، وتتسع لإعدام مئات المدنيين بالجملة، كما حدث في قضايا مشهورة أثارت ضجة عالمية.
ومن بين أمثلة أخرى، تقدم وهدان بمشروع قانون عجيب لا يسمح بموجبه بمزاولة الوكالة البحرية للأجانب والقطاع الخاص إلا بالمشاركة مع شركات تساهم فيها الدولة، مع السماح لوزير النقل بقصر الوكالة البحرية على شركات الدولة عند اقتضاء دواعي الأمن القومي، دون أن يحدد القانون هذه المقتضيات، وقد يقع في نطاقها مناقشة تجري بين فتاتين في المترو حول الغلاء، فيجري حبسهما بتهمة الانتماء لجماعة إرهابية. وقد رفضت لجنة النقل في البرلمان مشروع القانون بالإجماع معتبرة أنّ مجرّد مناقشته تمثل خطراً على الاقتصاد، وعودة للتأميم.
الأكثر غرابة في مسألة تقنين أراضي واضعي اليد على أملاك الدولة، أن الصحف المصرية نشرت يوم 21 كانون الثاني/ يناير 2017 خبراً لم يلتفت إليه أحد، مفاده أن رئيس لجنة الزراعة بالبرلمان التقى وفدا من المُضارين من عدم تقنين الأراضي التي وضعوا أيديهم عليها، مؤكداً لهم على أن هذا الملف "في رقبتنا، نحن نواب الشعب"!
وفي 23 كانون الثاني/ يناير 2017، طلب المحامي عمر هريدي من رئيس البرلمان الإذن برفع الحصانة عن وهدان، حتى يمكن التحقيق معه في قضيتيْ نصب بالاشتراك مع شقيقه حسن، المسجل شقي خطر من الفئة (ج) بمديرية أمن بورسعيد، والصادر بحقه عدد من الأحكام الجنائية، وكذلك مع متهم آخر، مسجل شقي خطر من الفئة (أ) بالأمن العام، ومحبوس حاليا على ذمة قضية تزوير، حيت اتهمهم الشاكي ببيع قطعة أرض مساحتها 60 فدانا باعتبار حسن مالكاً لها عن طريق التخصيص من جمعية "أم خلف" البحرية، وقد بلغ ثمن الأرض 4.2 ملايين جنيه مصري، دفعها الشاكي في مكتب وهدان بالبرلمان، قبل أن يكتشف أنّ هذه الأرض تخرج عن ولاية تلك الجمعية، وتقع في ولاية أملاك الدولة، دون أن يملك النائب وهدان ولا شقيقه أية مستندات تثبت ملكيتهما لها، وبذلك لم يكن من حقهما بيعها. وعندئذ طالبهما الشاكي برد الثمن فرفضا. وهو قدم ما يراه دليلاً على سوء استخدام وهدان لسلطته، فذكر أنّ وكيل البرلمان أبلغه بعد الدّفع أنّ الأرض للدولة ولكنّه سيُقنّن وضع يد شقيقه عليها، ووجه له دعوة لحضور اجتماع لجنة الزراعة بالبرلمان لمناقشة ذلك الموضوع. ويسأل الشاكي: ما الذي يمنح وكيل البرلمان سلطة تكليف لجنة الزراعة بمناقشة موضوع يؤدّي إلى تقنين وضع يد شقيقه على أرض مملوكة للدولة؟ وأرفق صورة فوتوغرافية له مع المتّهمين في مكتب وهدان بالبرلمان، حيث تمت الصفقة. وبحسب الشكوى، رفض الرجل الانتظار حتى يحقق وهدان وعده بتقنين وضع يد شقيقه على الأرض المباعة، وأصر على المطالبة بالملايين التي دفعها، فطردوه عنوة، واستولوا على الأرض والمعدات والمباني التي شيدها.
صدر أمر ضبط وإحضار لهؤلاء البلطجية من نيابة جنوب بورسعيد ، لكن قائدهم يعتمد على نجله، الملازم أول بقسم شرطة الضواحي، في جنوب بورسعيد، لتعطيل أمر الضبط والإحضار
وقد طلب الشاكي أيضاً الإذن بالتحقيق مع وهدان بسبب قضيتين أخريين، ارتبطتا بشيكين أصدرهما لشركة "مدينتي" بدون رصيد، فصدر ضده حكمان غيابيان بالحبس وذلك قبل انتخابات البرلمان. لكنّ وهدان استأنَف على الحكمين بعد دخوله البرلمان، مخفياً عن المحكمة صفته النيابية، غشاً وتدليساً عليها، لأنّ واجبه كما ينص الدستور المصري واللائحة الداخلية للبرلمان، أن يخطر المحكمة بصفته النيابية لاستصدار الإذن برفع الحصانة عنه أولا وقبل استكمال الإجراءات.
الأكثر غرابة في مسألة تقنين أراضي واضعي اليد على أملاك الدولة، أنّ الصحف المصرية نشرت يوم 21 كانون الثاني/ يناير 2017 خبراً مرّ بلا لفت نظر أحد إليه، مفاده أنّ النائب هشام الشعيني رئيس لجنة الزراعة بالبرلمان التقى وفداً من أهالي جنوب بورسعيد (دائرة وهدان) من المضارين من عدم تقنين الأراضي التي وضعوا أيديهم عليها، مؤكداً على أن هذا الملف "في رقبتنا، نحن نواب الشعب"، وأن البرلمان عقد جلسة تاريخية لمناقشة هذه المسألة، انتهت إلى ضرورة الانتهاء من الأمر بأسرع وقت. أضاف الشعيني أيضا بصراحة أنّ هذا الملف في يد وكيل البرلمان، وهدان، الذي يبذل جهده لحل الموضوع (!)
ربما لم يكن ليحق لنا مساءلة وكيل البرلمان عن تاريخ أسرته لولا أنه تورط في عقد صفقة لأحد أفرادها، المسجل خطر والصادرة ضده أحكام جنائية، وذلك في مكتبه في البرلمان، مع التقاط صور تذكارية لتخليد تلك الذكرى!
ومع تقصي الأمر، عثرتُ على استغاثة منشورة بتاريخ 26 أيار/ مايو 2011 على موقع "هموم"، باسم السيدة مايسة سليمان وهدان، تستغيث فيها بوزير الزراعة من استيلاء عمها حسن وهدان على أرض مساحتها 135 فدانا ورثتها عن والدها سليمان وهدان (الذي يبدو من تسلسل الأسماء أنه عم النائب سليمان حميد وهدان)، ولسبب لا نعرفه تسرد المستغيثة أمثلة لحالات أخرى من الاستيلاء، يأتي بينها والد النائب وهو حميد وهدان الذي اتهمته بالاستيلاء على171 فدانا، ضمن ملف كبير عرف في الصحافة المصرية باسم "مافيا سهل الحسينية"، حيث تم الاستيلاء على أراض شاسعة من تلك المنطقة وتحويلها لمزارع سمكية بعد تبويرها. وعثرتُ أيضا على شكوى لوزير الداخلية منشورة على موقع فيسبوك، باسم محمد حسن الحديدي ، بتاريخ 20 نيسان/ أبريل 2013 يستغيث فيها من استيلاء مجموعة من البلطجية على أرضه المسجلة باسمه في عقود رسمية، وتبلغ مساحتها 110 أفدنة، حيث هاجمه البلطجية بالأسلحة النارية وأصابوا ابنه إصابة جعلته بين الحياة والموت. وقد صدر أمر ضبط وإحضار لهؤلاء البلطجية من نيابة جنوب بورسعيد ، لكن قائدهم يعتمد على نجله الملازم أول بقسم شرطة الضواحي، جنوب بورسعيد، في تعطيل أمر الضبط والإحضار، فمن هو قائد هؤلاء البلطجية بحسب الشكوى؟ إنه حسن حميد وهدان ، شقيق النائب سليمان حميد وهدان، المتهم معه في القضية محل طلب رفع الحصانة عنه.
ربما لم يكن ليحق لنا مساءلة وكيل البرلمان عن تاريخ أسرته لولا أنه تورط في عقد صفقة لأحد أفرادها، المسجل خطر والصادر ضده أحكام جنائية، وذلك في مكتبه كوكيل للبرلمان، مع التقاط صور تذكارية لتخليد تلك الذكرى الجميلة، ولولا أنه وجه دعوة للشاكي لحضور اجتماع لجنة برلمانية يفترض أن دورها حل مشكلة عامة تحفظ حق الوطن.
وهذا مثال واحد.. وهلم جرا!