Porteadoras. كلمة إسبانية تعني حمّالات، إذا ترجمت حرفيّاً، وهي ما بات من المتعارف عليه إطلاقها على أولئك النسوة المغربيات اللاتي تنقلن البضائع على ظهورهنّ من مدنهنّ وقراهنّ إلى سبتة ومليلة المحتلتين، عبر حدود مغلقة هذه الأيام لكنّها تشهد في أوقات فتحها تدفقاً بشرياً هائلاً تبرز فيه تلك النسوة بحزمهن الكبيرة التي يصل وزنها إلى نصف أوزان بعضهن. المسافة التي تقطعنها تتراوح بين 1.8 كيلومتر إذا كان القدوم من القرية الحدودية، الفنيدق، التي تبلغ نسبة "الحمّالات" 80 في المئة من نسائها، وتصل إلى 39.8 كيلومتراً إذا كانت العاملات قادمات من تطوان. وقد تأتين من أماكن أخرى أبعد كطنجة التي تبعد 71.9 كيلومتراً عن الحدود. العدد الإجمالي لهنّ حوالي 7 آلاف إمرأة، معظمهن يعمل لصالح تجّار، ومنهنّ أيضاً من يعملن لحسابهنّ. الجامع بينهن هو أنّهن جميعاً معيلات. تتراوح أعمار تلك النساء بين 35 و60 عاماً. هذا العمل منهك فماتت صفية عزيزي عام 2008 على الطريق. وعلى الطريق تلك تتعرّض النساء لاعتداءات عديدة، فإمّا ضربٌ أو إهانة لفظيّة أو اعتداء جنسي. الصور التي تُنشر لهن في الإعلام تدلّ على شقائهن، وبعض هذا الإعلام لا يجد رادعاً يمنعه من استخدام مصطلح "النساء ــ البغلات"!
ما تفعله الـPorteadoras هو نضالٌ يوميٌّ متوقّعٌ دائماً من النساء عندما تصعب ظروف العيش. واحتلال سبتة ومليلة يسمح للتّجار باستغلال هذا النضال بدفع أجرة يوميّة للحمالات تتراوح بين 8 و25 يورو، في حين يضاعفون ربحهم لأنهم لا يدفعون تعريفة جمركية على البضائع المنقولة بهذه الطريقة. ولكن المفارقة أن نسبة استفادة إسبانيا من النشاط الاقتصادي الذي تنتجه المعابر التي تفصل سبتة ومليلة المحتلتان عن باقي المغرب أكبر بـ10.7 في المئة من نسبة استفادة المغرب. الحدود في كلّ مكانٍ مصطنعة، ولكنها شرسة. والحدود بين سبتة ومليلة وسائر المغرب هي من أكثرها ظلماً. فعلاوة على اقتطاع هذه الأرض من البلاد وعزلها وتوظيفها في أغراض استعمارية شتى، تحتل النساء الحمالات جزءا من المشهد الرمزي للفقر والاستغلال والاضطهاد بينما يحتل جزءه الثاني آلاف المهاجرين من أفريقيا السوداء الذين يصطدمون بالسياج الصاد ويموتون فوقه أحياناَ..