لو أن مصر الجنرال عبد الفتاح السيسي هي "مصر التي في خاطري"، لما قدم عليها الجنرال ميشال عون المملكة العربية السعودية ومعها إمارة قطر المنفوخة بالغاز حتى لترى نفسها "عظمى"، في أول سفر له في زيارات رسمية خارج لبنان .
ولو أن مصر السيسي هي "مصر التي في خاطري" لما اتبع الرئيس اللبناني زيارته الأولى ذات اليوم الواحد، ولقاءاته الرسمية، وزيارة استثنائية للمرجعيات الدينية فيها – احتراماً للفولكلور المحلي: بطريرك الأقباط، وشيخ الجامع الأزهر.. بزيارة في اليوم التالي مباشرة لمملكة عبد الله بن الحسين بن طلال ابن الأمير عبد الله ابن الشريف حسين، ملك الحجاز قبل أن يخلعه عن عرشها حلفاؤه ومهندسو "الثورة العربية الكبرى" سنة 1915 والشركاء في معاهدة " سايكس – بيكو " البريطانيون في العام 1917.. وهم هم الذين وأدوا تلك "الثورة" ومزقوا أرضها المفترضة، فأعطوا الحجاز ونجد والمنطقة الشرقية ومعها الربع الخالي للوهابيين، أجداد الملك سلمان.. ثمّ اقتطعوا شرقي الأردن مــن البــادية الـسـورية ليــجعلوا منه "إمارة" صيرتها نكبة فلسطين في العام 1948 مملكة هاشمية، كجائزة ترضية.. وما لبثوا أن نصّبوا شقيقه فيصل، الذي طرده الفرنسيون من عرش سوريا، ملكاً على العراق، مغتالين بذلك ثورة العشرين الشعبية الباهرة.. في حين تركوا سوريا، بعد حذف وتعديل في الحدود، ومعها "متصرفية جبل لبنــان" لفرنسا لتجــعل منها، بعــد تعديــلات وإضــافات علــى حدودها، "الجمهورية اللبنانية".
في أي حال، فقد سمعنا الجنرال السيسي يعرض على الجنرال عون تعزيز القوات المسلحة في لبنان بسلاح صنع في مصر، في حين أن لبنان الذي سكر بصفقة المليار دولار التي "كانت" ستشتريها السعودية لحساب الجيش اللبناني، قد انتبه متأخراً، إلى أنها "ضاعت" واتهم "مهندسها" في عهد الملك عبد الله في ذمته المالية، كما في ولائه "للعهد الجديد" بالمحمدين المتصارعين على العرش بعد عم الأول ووالد الثاني ..
وبالتأكيد فإن مصر، ولو حكمها الجنرال السيسي ، ستظل أصدق عهداً والتزاماً من مملكة الصمت والذهب التي يخطط ولي ولي عهدها "الطفل المعجزة" لسعودية العام 2030 بينما سعودية هذه الأيام تعيش مسلسلاً لا ينتهي من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، لن تبقي ما يفيد في تسليح لبنان إلا بتمر "السبهان" والدعاء إلى الله العلي القدير بأن يكلأ هذا الوطن الصغير برعايته.. أنه سميع مجيب!
في أي حال، فإن البلاد العربية جميعاً أهم من حكامها التي جاءت بهم المصادفات، بالوفاة أو بالانقلاب العسكري قامع الثورة الشعبية. وإن ظلّ الرئيس – الجنرال أخف ظلاً ممن يملك الأرض ومن عليها، حتى يقضي الله أمراً كان مفعولاً!