"من الجليل جاءت. ربما أرادت أن تلتقي بنبض من غزة، عرفتها إنسانة رائعة، كان اللقاء الأول عبر إذاعة الشمس في حلقة لنقل شهادة امرأة في غزة تعيش الحرب.
قبل هذا الموعد كنت قد أرهقت حدّ الموت، فقد كانت ليلة بشعة لم نغفُ فيها دقيقة واحدة بسبب القصف... كنا نستضيف عائلتين، جاءتا إلينا قبل صلاة الفجر بعد تهديد البيت الملاصق لبيتهم. كان الصغار ملتصقين بأمهاتهم لدرجة فشلت بدفعهم للجلوس وإراحتهم من الشدّ والتقوقع داخل أحضان أمهاتهم اللواتي تقوقعنَ بدورهنّ على أبنائهنّ... أمّا جدّهم العجوز ففشلت كلّ محاولاتي لدفعه للنوم فوق الفراش «يا ابنتي هل يستطيع خائف أن ينام!»
ساعة ونصف، وجاءت الصواريخ المدمرة التي زلزلت المنطقة، واعتلى الفزع الوجوه. مرة أخرى قصف عنيف، ثم قصف آخر أكثر عنفاً لكن في مكان آخر. أذكر جيداً عائلة الغنّام حين استشهد أغلب أفرادها، إلاّ شاب وحيد بالكاد أخرجوه من تحت الردم. كان البيت ملاصقاً لبيت خالي، وكان الأرق قد نال منا جميعاً. الفجر في العالم كان اعلاناً عن الحياة لكنه في غزة كان يعلن الموت. أصرت العائلات أن ترجع أدراجها إلى البيت. قتلوا العائلة بعد السحور وهم يحاولون النوم...".
من مدونة «هداية شمعون» الفلسطينية