أنا قررت أن تكون عندي نظرية سياسية. منذ طفولتي لم تكن عندي نظرية سياسية، ولا واحدة يا صاحبي. قررت عدم الاستسلام. تابعت النظريات السياسية حولي، رأيت أشخاصاً مع إسرائيل واشخاصاً ضدها، وأشخاصاً مع الخصخصة وأشخاصاً ضدها. رفض عقلي جميع هذه النظريات وبدأت في محاولة صياغة نظرية جديدة، ثم توصلت إلى أن العيب في الشعب. نوّرت الجملة في رأسي وتساءلت كيف لم يفكر فيها أحد من قبل. جلست مع أصحابي وقلت لهم إن العيب في الشعب، فقالوا لي صح، وهزوا رؤوسهم بلا مبالاة. لم يحبطن رد فعلهم. قلت ربما تعوزهم الإثباتات فأخذت في محاولة التوثيق للنظرية. مثلاً، هناك زحام في الشارع وهذا يثبت أن العيب في الشعب، واللغة تدهورت وهذا يثبت أن العيب في الشعب، الـ«دليفري» يتأخر وهذا يثبت أن العيب في الشعب. بالإضافة لذلك، فهناك لصوص بين الشعب، وهناك قوادون ومجرمون وعاهرات،ثم تقولون لي إن العيب ليس في الشعب؟
على النظرية السياسية أن تكون مقنعة. هذا ألف باء السياسة. يقال لي أحياناً إن الشعب ثائر فأقول إن المشكلة أنه يثور لأتفه سبب وهذا لا بد أن يتغير. ويقال في أحيان أخرى إن الشعب صبور فأقول إن هذا يدلل على نظريتي لأن الشعب تعوّد على ثقافة الذل. طبعاً يقول لي البعض إن السلطة أيضاً تكذب وتسرق وترتشي فأسألهم، وهل أتت هذه السلطة من المريخ؟ هم من الشعب. العيب في الشعب.
الآن أنا أسأل نفسي سؤالاً، طالما أن نظرية العيب في الشعب قادرة على إثبات كل شيء، فلماذا لم يؤمن بها الجميع؟ ثم أهدأ وأفكر أن هذا بالضرورة لأن العيب في الشعب. أرفع الإبهام لنفسي في المرآة وابتسم باطمئنان.
(نص نائل الطوخي ورسم مخلوف)