الأذكياء والتاء المفقودة

سرنا في مظاهرة، فقال لنا الأذكياء إن المظاهرات لا جدوى منها لأننا لسنا حزباً سياسياً مؤثراً. رجعنا إلى البيت وكتبنا على الفايسبوك فقال لنا الأذكياء إن هذا لا جدوى منه لأننا لسنا حزباً سياسياً مؤثراً. أسسنا حزباً فقيل لنا إن الحزب ليس كبيراً، وأنه لابد أن يكون الحزب كبيراً ومؤثراً.قررنا أن نؤسس حزباً سياسياً مؤثراً، ذهبنا للجنة الأحزاب وسألناهم عن الأحزاب المؤثرة، فأشاروا لنا إلى باقة
2014-05-21

شارك

سرنا في مظاهرة، فقال لنا الأذكياء إن المظاهرات لا جدوى منها لأننا لسنا حزباً سياسياً مؤثراً. رجعنا إلى البيت وكتبنا على الفايسبوك فقال لنا الأذكياء إن هذا لا جدوى منه لأننا لسنا حزباً سياسياً مؤثراً. أسسنا حزباً فقيل لنا إن الحزب ليس كبيراً، وأنه لابد أن يكون الحزب كبيراً ومؤثراً.
قررنا أن نؤسس حزباً سياسياً مؤثراً، ذهبنا للجنة الأحزاب وسألناهم عن الأحزاب المؤثرة، فأشاروا لنا إلى باقة الأحزاب المؤثرة وكانت تضم حزب الإسلام وحزب الجيش، وباقة الأحزاب غير المؤثرة وكانت تضم كل ما عدا ذلك. سألناهم عن إمكانية الانضمام لباقة الأحزاب غير المؤثرة والتحويل بعدها إلى باقة الأحزاب المؤثرة، فقال لنا الأذكياء إن هذا غير ممكن، لأن الأحزاب المؤثرة تولد مؤثرة وغير المؤثرة تولد غير مؤثرة. سألناهم عنا، ماذا يرون فينا، هل ولدنا لنكون مؤثرين أم لنكون غير مؤثرين، فضحكوا وقالوا غير مؤثرين. سألناهم وماذا نفعل؟ قالوا لنا انضموا إلى الأحزاب المؤثرة. وهذا ما حدث، انضم بعضنا إلى حزب الإسلام وانضم بعضنا الآخر إلى حزب الجيش.
هذا ما حدث، وبما أننا جميعاً في أحزاب مؤثرة الآن فقد قررنا أن نؤثر. عارض بعضنا سياسات حزب الإسلام من داخله وبعضنا الآخر عارض سياسات حزب الجيش من داخله. ولكن الأذكياء داخل كل حزب قالوا إن معارضتنا بلا جدوى لأننا لسنا مؤثرين. قلنا لهم كيف هذا ونحن في أحزاب مؤثرة. قالوا لنا إن هذا لا يكفي، وإنه حتى نكون مؤثرين فيجب علينا أن نسمع كلام من هم أكبر منا.
قلنا لهم إن هذا خطأ منطقي، فأن نسمع الكلام هو العكس المطلق من أن نكون مؤثرين. وجموا قليلاً وقالوا لنا، هل قلنا مؤثرين، عفواً، نحن نقصد متأثرين، هناك تاء سقطت. وجمنا نحن أيضاً، سألناهم، وهل هذه التاء سقطت من البداية خالص؟ قالوا لنا، تقصدون ماذا بالبداية؟ قلنا لهم، من البداية خالص أخبرنا أشخاص أذكياء، مثلكم تماماً، أننا لابد أن نكون مؤثرين. قالوا لنا هذا احتمال كبير، فنحن كأذكياء لنا لغة خاصة بنا، وجميعنا نخطئ الأخطاء اللغوية نفسها.
هذا أمر شائع بيننا كأذكياء. قلنا لهم إن الأذكياء لا يرتكبون أخطاء في اللغة. فقالوا لنا إن كلامنا غير مضبوط، لأن الذكاء والغباء أمران نسبيان، وأننا لا نعرف هذا لأننا لسنا أذكياء، ثم من أنتم حتى تخبرونا ماذا نقول وماذا لا نقول، هل نسيتم أنكم أصلاً غير مؤثرين.

(كتب نائل الطوخي ورسم مخلوف)