"القضية مش بس موضوع الأرض"، كرر مجد في مقابلاته الصحافيّة حول اشتراكه في «أسطول الحريّة» لاختراق الحصار المفروض على غزة قبل عامين. للوهلة الأولى قد تبدو هذه المقولة مفهومة، لكنها في الحقيقة بعيدة عن أن تكون كذلك، لأن الاستعمار اخترق تفاصيل التفاصيل في حياتنا، نحن القابعين في أراضي فلسطين 1948، فصار يهندس أحلامنا، طموحاتنا، تجاربنا، أفكارنا، لغتنا وحتى علاقاتنا الشخصية. أصبحت جميعها متأثرة بإيقاع الاستعمار، قوانينه ومفاهيمه.
الاستعمار الثقافي وأبعاده النفسيّة، ليست صدفة، وليست حتى نتيجة أخرى للاستعمار، بل هي سياسة مقصودة ومدروسة هنا في فلسطين، هدفها قمع شخصية المستعمَر وإخضاعه (...).
ما قام به مجد كيال قبل بضعة أسابيع هو كسر أحد هذه الحدود، حوّل حلمه وحلم الكثيرين لواقع، فسافر لبيروت. زيارته لم تذكرنا فحسب كم بيروت قريبة من حيفا جغرافيا، بل هي بمثابة رحلة لإدراك بيروت، لا كمستمعين ومشاهدين من خلال سماعة وشاشة بل من خلال الوجود فيها. ففي نصه الأخير يصف مجد بيروت بتفاصيلها، ويقارنها بحيفا وتفاصيلها، تلك التفاصيل التي يعرفها فقط من يعيش البلد ويمشي فيه. ولعلّ هذا أكثر ما يرعب السلطات الإسرائيليّة: أن يتحول العالم العربي حولنا من حلم على رف إلى مضمون نناقشه، نعيشه ونقارِن به، إلى جزء من تفكيرنا اليومي.
من مدونة «محاولة رقم 4»