غرابة الأطوار

لم يكن لموضوع أبلة فاهيتا أن يمر بتواطؤ بين الشعب والسلطة. في جنازة زوجها الراحل، صرخت أرملة ضابط الشرطة بأن أبلة فاهيتا هي السبب وراء مقتل زوجها. كتبت الدمية أبلة فاهيتا على تويتر أنها تتمنى الطيران في الهواء، فالتقط الإرهابيون هذه الشفرة وفجروا الطائرة. هناك شيء في حياتنا يرتبط بقوة بالقصص الخيالية وبالخيال النشط للمصريين، الخيال النشط الذي يوحد الشعب والسلطة. في النهاية، يبدو أن الأحداث في مصر لا تسير وفق منطق محدد. هناك طبعاً ظل من المنطق، ولكن يداخله الكثير من قصص الخيال العلمي والألغاز البوليسية. لا ينطبق هذا فقط على النظريات. ينطبق على الحركة على الأرض أيضاً. 
في الأيام الماضية نُشر خبر عن شخص سرق عمود نور من على كوبري قصر النيل. قام الشخص بنشر العمود ولم يعثر عليه أحد. ولكن الشرطة لم تظل عاجزة. في خبر تالٍ تم القبض على شخصين سرقا غزالتين من حديقة حيوانات الجيزة ووقفا لبيعهما أسفل كوبري عباس القريب من الحديقة.
صحيح أن الشرطة بدأت تمارس عملها بجدية، وأنها عالجت تقصيرها في المرة الأولى بالمزيد من الكفاءة في المرة الثانية، ولكن يبدو أن المشكلة الآن لم تعد ثورة، ولا إخواناً، ولا طابوراً خامساً، وكل هذه الثرثرة الإعلامية. المشكلة الحقيقية، المشكلة على الأرض، هي حالة من غرابة الأطوار بدأت تتسلل لحياتنا بهدوء ونعومة، وأننا على ما يبدو سنحيا معها طويلاً.
كيف يمكن لسلطة أن تتعامل مع غرابة الأطوار؟ ربما يكون هذا هو العدو الأساسي لها. الإخوان للأسف متوقعون، اعتصام يليه فض اعتصام يليه إرهاب. والثوار متوقعون، دعاوى على الفايسبوك لحرية فلان ثم تظاهرة ثم اشتباكات ثم عودة إلى البيوت. ما هو غير متوقع هو الشعب، ظهر طلبة كثيرون في المرحلة الإعدادية يستطيعون تحطيم نظريات النسبية لأينشتاين والجاذبية لنيوتن. يأتي هذا في ظل تهديدات الكون بإنهاء كوكب الأرض عن طريق النيزك الذي صدمنا.