في مدينة الظلام الدامس التي اسمها القاهرة الآن، ثمة رجل يمشي في الظلام. رجل ملابسه ممزقة. «جاكيت» قديم ممزق فوق اللحم و«بنطلون» متسخ مقطوع قطْعاً طويلاً عند الفخذ. يمر من الحواجز العسكرية. ينظر له جنود الجيش بلا مبالاة. يمر من اللجان الشعبية، تنظر له اللجان الشعبية بلا مبالاة. الرجل يصفق كفاً بكف ولا يفهم ما يحدث. يشعر بشعورَين متزامنَين: شعور بالأسى على المدينة، وشعور بالفرح لأنه أصبح فجأة ملك المدينة. يمشي بكامل حريته.
الرجل يصفر، يتبول على الجدار، ينظر للعساكر ويشتمهم بعنف ثم يجري، يتنطط في الشارع، يذهب إلى عساكر آخرين ويطلب منهم سيجارة، يعطونها له فيشتمهم هم الآخرين ويجري. الآن هو ليس مجنوناً، الآن هو ملك الشارع. لا بشر حوله ليضايقهم أو يضايقوه. لا بشر أصلاً من حوله. المدينة بلا بشر. يركن رأسه على الجدار. يحاول النوم. لا يستطيع. تخطر على باله صور كئيبة. شعور يراوده إن المدينة اليوم حزينة، طبعاً هو لا يقول «حزينة». هو رجل بسيط. يقول: «زعلانة». يرقد على الأرض واضعاً ساقاً على ساق ويقول لنفسه: «الناس زعلانة من بعضها جامد». ثم يشعل السيجارة ويأتيه النوم هذه المرة.
الزاوية الحمرا
حظر تجوال
في مدينة الظلام الدامس التي اسمها القاهرة الآن، ثمة رجل يمشي في الظلام. رجل ملابسه ممزقة. «جاكيت» قديم ممزق فوق اللحم و«بنطلون» متسخ مقطوع قطْعاً طويلاً عند الفخذ. يمر من الحواجز العسكرية. ينظر له جنود الجيش بلا مبالاة. يمر من اللجان الشعبية، تنظر له اللجان الشعبية بلا مبالاة. الرجل يصفق كفاً بكف ولا يفهم ما يحدث. يشعر بشعورَين متزامنَين: شعور بالأسى على المدينة،
2013-08-21
شارك