فى بدايات شهر آب/ أغسطس من العام 2015، وفي لقاء متلفز قبل رحيله بأيام قليلة، ظهرالممثل نور الشريف، وقد حقق المرض انتصاره على جسده المنهَك، وأكد بصوت يحمل مرارات كثيرة، أن "أفظع شيء في الدنيا هو الإحساس بالظلم". وقال: وجدتُ زملائي.. بعض زملائي يسبونني.. شاركوا في المذبحة. واتهمتني بعض الأقلام بأنني خائن وغير وطني"[1] .
قبل هذا اللقاء بسنوات كثيرة، كنتُ حريصاً على شراء نسختي من جريدة "أخبار اليوم" كل يوم سبت، كمصدر شبه وحيد لتلقِّي الأخبار وقراءة التحليلات.. وفى عدد 7 كانون أول/ ديسمبر من العام 1991، لفتني أن الجريدة بدأت فى مهاجمة فيلم "ناجى العلي"[2]، الذي قام ببطولته نور الشريف وأخرجه عاطف الطيب، عن قصة الكاتب بشير الديك. كان الهجوم شرساً وغير مسبوق، وتصاعدت وتيرته بسرعة كبيرة. بدأ بنقد ناجي العلي نفسه، ثم نقد الفيلم نقداً حاول أن يبدو فنياً ومتماسكاً، قبل التشكيك في مبررات إنتاجه، ومصادر تمويله، وانتهاءً باتهام صُنّاعه بالخيانة!
فى ذلك الوقت، كانت معلوماتي عن ناجى العلي غائمة وغير مكتملة، فهو لم يكن ينشر رسومه الكاريكاتورية في أي من صحف القاهرة. وحتى الصحف العربية التى نشر فيها، مثل السياسة الكويتية أو السفير اللبنانية أو القبس الدولية، لم تكن تعرف طريقها إلى بائع الجرائد المتواضع بجوار بيتي. غير أن الحملة التي دشنتها صحيفة أخبار اليوم، ثم انتشرت بسرعة إلى كل المطبوعات المصرية، جعلتني أبحث عن رسوم ناجي العلي، واستفزتني الحالة الماكارثية، التى كانت تطال صُناع الفيلم.
صباح الخير ناجي العلي
28-08-2016
في الثاني والعشرين من تموز/ يوليو من العام 1987، كان ناجي العلي في طريقه إلى جريدته وسط لندن، عندما قام أحدهم بإطلاق النار على رأسه بمسدس كاتم للصوت، ليدخل فى غيبوبة كاملة حتى وفاته بعد ذلك بشهر تقريباً في 29 آب / أغسطس.
مات ناجي العلي قبل شهور قليلة من "انتفاضة أطفال الحجارة"، فيما ظلت أصابع الاتهام تشير إلى جهات عديدة، لم تُحسم هويتها حتى الآن، كان على رأسها الموساد الإسرائيلي، ومنظمة التحرير الفلسطينية نفسها، التي طالت رسومه الحادة بعض قياداتها، بانتقادات لاذعة واتهامات بالتفريط والتواطؤ.

بعد الاغتيال بأربع سنوات، أُنتج الفيلم الذي يحكي عن مسيرة ناجى العلي، كأنه يحاول إعادة القضية الفلسطينية الغائبة إلى متن المشهد، بعد أن أزاحها بخشونة نحو الهامش توقيع مصر لاتفاقية كامب ديفيد مع إسرائيل. وعُرض الفيلم فى القاهرة، وكأنه يلقي حجراً ضخماً في مستنقع آسن، ويعيد التذكير بقضية العرب الأهم، وجرحها الذي لم يتوقف عن النزف.
كانت القاهرة تعيش أجواء ذلك التجاهل. وكانت السلطة في مصر امتداداً طبيعيّاً إلى ثقافة كامب ديفيد. الثقافة التي انتقلت إلى وسائل إعلام السلطة وألسنة مثقفيها ورموزها، وقد أزعجهم الفيلم الذي نكأ جراحاً قديمة، وأعاد التذكير بدور مصر المحوري والتاريخي. .
إلا أنه، على الرغم من ذلك، فعندما طالب ياسر عرفات الرئيس مبارك بمنع عرض الفيلم في مصر، متخوفاً من أصابع الاتهام التي أشارت بحذر إلى القيادات الفلسطينية، طلب مبارك من مستشاره السياسي، الدكتور أسامة الباز، مشاهدة الفيلم، وهو ما حصل بالفعل. أُبلغ الرئيس أن الفيلم لا يحمل أية رسائل سلبية تمنع عرضه، فعُرض في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في الثاني من كانون أول/ ديسمبر 1991.
في الثاني والعشرين من تموز/ يوليو من العام 1987، كان ناجي العلي في طريقه إلى جريدته وسط لندن، عندما قام أحدهم بإطلاق النار على رأسه بمسدس كاتم للصوت، ليدخل فى غيبوبة كاملة حتى وفاته بعد ذلك بشهر تقريباً في 29 آب / أغسطس.
في مقدمة الفيلم، وفي مونولوج قصير بدون موسيقى، يقدِّم ناجى العلي أوراق اعتماده للمشاهد: رؤيته وفلسفته وقناعاته التي كرَّس حياته لأجلها: "ولدت حيث وُلد المسيح ، بين طبريا والناصرة، في قرية الشجرة بالجليل الأعلى. أخرجوني من هناك عام 48 وعمري عشر سنوات، إلى مخيم عين الحلوة في لبنان.. أذكر هذه السنوات العشر أكثر مما أذكره من بقية عمري، أعرف العشب والحجر والظل والنور، لا تزال ثابتة في محجر العين كأنها حُفِرت حفراً.. أنا لست محايداً، أنا منحاز إلى من هم "تحت".. الذين يرزحون تحت نير الأكاذيب وأطنان التضليلات وصخور القهر والنهب وأحجار السجون والمعتقلات. أنا منحاز إلى من ينامون في مصر بين قبور الموتى، وإلى من يخرجون من حواري الخرطوم ليمزقوا بأيديهم سلاسلهم، وإلى من يقضون لياليهم في لبنان شحذاً للسلاح الذي سيستخرجون به شمس الصباح القادم من مخبئها.. وإلى من يقرأون كتاب الوطن في المخيمات..".

الحملة
في الأيام التالية لعرض الفيلم فى المهرجان، بدا أن تغيراً حاداً قد حدث في مزاج الصحافيين الذين شاهدوه، وبدا معه أن الأجهزة التى سمحتْ بعرضه في مهرجان القاهرة الدولي شعرت بالورطة التي أحدثها الفيلم، وأنها لن تسمح بعرضه فى مهرجانها المحلي.
ثم في 5 شباط/ فبراير 1992 أصدر فاروق حسني، وزير الثقافة حينذاك، قرارين، الأول قضى بتشكيل لجنة تحكيم المهرجان الذي سوف يُفتتَح فى 14 شباط/ فبراير برئاسة أنيس منصور وعضوية ثمانية من النقاد والمثقفين، والقرار الثاني قضى بتشكيل لجنة أخرى من ثلاثة أعضاء من هؤلاء النقاد، يعملون على تصفية اختيار الأفلام نظراً لكثرتها. وقد قرر هؤلاء استبعاد سبعة أفلام من الاشتراك في المهرجان، كان على رأسها فيلم ناجى العلي[3] .
وكما قدّم ناجي العلي أوراق اعتماده في بداية الفيلم، قدّم نبوءته مع المشاهد الأخيرة: "أعلم أنني سأواصل الطريق، فأنا على موعد هناك، بعيداً، ولن أخلفه. سنلتقي ذات يوم حاملين صورة الوطن في العيون، وسندق سارية علم فلسطين في تراب الوطن... وسنستمر!
كان القاسم المشترك لكل المهاجمين للفيلم هو تحفظهم على الرسوم الكاريكاتورية لناجي العلي، والتي كانت تتعارض بشدة مع توجهات السلطة الرسمية فى مصر. ومن ثَمّ فقد اتجه جزء كبير من الحملة الصحفية إلى مهاجمة ناجي العلي نفسه، في محاولة للحط من قدراته الفنية، ثم التشكيك فى نواياه السياسية.. وإبداء الدهشة المحسوبة والموجهة ضد إنتاج فيلم عن حياته!
وانصب غضب كثير من الصحافيين على وضع عبارة "الإشراف السياسي" على ملصقات الفيلم – لأول مرة في تاريخ الأعمال السينمائية، والذي تولاه المنتج وليد الحسيني. ورأوا أن ذلك الأمر يعد من قبيل فرض الوصاية أو الرؤية السياسية على أحداث الفيلم. يقول وليد الحسيني: إن نور الشريف حاول إقناعه بحذف بعض الأجزاء من الفيلم، ربما لتخفيف لهجة الانتقاد لحركة فتح، إلا أن وليد الحسينى أصر على بقاء تلك المشاهد، معتبراً أنه يتحمل المسؤولية السياسية عن الفيلم، وبعدها قام بوضع تلك الإشارة التى رآها واجبة[4] .
كما ذهب جزء كبير من الحملة إلى التشكيك في مصادر تمويل الفيلم نظراً لضخامة إنتاجه، وهو ما دفع البعض إلى الاعتقاد أن العقيد القذافي كان يقف وراء تمويل إنتاج الفيلم نظراً لموقفه الرافض لمعاهدة كامب ديفيد، وعلاقة الشد والجذب بينه والسلطة المصرية، وهو ما نفاه وليد الحسيني بشدة، مؤكداً أن القذافي لم يدفع دولاراً واحداً في إنتاج الفيلم .
قال نور الشريف في واحد من اللقاءات المنشورة: "دفعتُ ثمن مواقفي كثيراً وفكّرتُ في الهجرة إلى خارج مصر"، وكأنها إعادة لتغريبة ناجي العلي، الذى يجتر حزنه فى واحد من مشاهد الفيلم، قائلاً: "من فلسطين إلى الأردن، ومن الأردن إلى لبنان، ومن لبنان لوين يا حنظلة؟!".
تأثر نور الشريف فنياً ومادياً كبيرا بعد التحريض في الشارع المصري والعربى بسبب الاتهامات التي لاحقته، وتَعرّض لحملة مقاطعة كبيرة في الدول العربية، التي رفضت عرض أفلامه. وفي مصر، تعرّض لحصار ممنهج وطويل، لمنعه من الإنتاج والعمل.
أما أحد أكثر الأسباب التى فجرت غضب منتقدي الفيلم، وأججت الحملة المستعرة ضده، فقد كان الدور الذى قام به الممثل محمود الجندي (مثّل دور المصري الوحيد في الفيلم)، حيث يظهر ثملاً وساخراً، وينتظر الجيوش العربية التي لا تأتي أبداً. ورأوا أنه يُقدِّم نموذجاً بالغ السوء عن مصر، ويشير بقسوة إلى غيابها المتعمد عن المشهد السياسي العربي. فيما رأى صنَّاع الفيلم أن الدور يمثِّل صوت الضمير الثائر المستنكِر. فيقول بشير الديك، مؤلف الفيلم : "إن شخصية المصري تكاد تكون المعادل الموضوعي للفكرة المحورية للفيلم، الشخصية التي تستدعي الجيوش العربية على الأرض بدلاً من تلك الشعارات الزاعقة التى رددتها الدول العربية طوال الوقت بلا طائل. يقول جازماً: "الضمير الوحيد في الفيلم هو الشخص المصري".

يقول الناقد السينمائى مجدي الخطيب، إنه جرى التحريض ضد الفيلم من خلال ادعاء وجود أحداث لم تقع، مثل ذلك الاستطلاع المزعوم الذي أجراه محرر جريدة المساء بين جمهور الفيلم، والذي ادّعى فيه أنهم أخبروه أن الفيلم تافه ويسيء إلى سمعة مصر.
وفي وثائقي الجزيرة، يقول بشير الديك إنهم "عندما أخبروني أن ناجي العلي يكره مصر، قلت لهم ناجي يكره السياسات السلطوية للدولة المصرية، ونحن كذلك. ناجي كان ضد كامب ديفيد، ونحن كذلك". وأضاف: " خطة الحملة قامت على تصوير أن هذا الثلاثي الذي صنع الفيلم ( جابر - وهو الاسم الحقيقي لنور الشريف، محمد جابر - والطيب، والديك ) هم من يرفضون اتفاقية كامب ديفيد، أما باقي الشعب فإنه يرحِّب بالاتفاقية، ومن ثم يجب أن تُسحب من هؤلاء الثلاثة جوازات سفرهم!
واحد من الأسباب الإضافية للغضب المزعوم، هو أنه تجاوز نصر أكتوبر، في الوقت الذي قام بالتركيز على هزيمة حزيران/ يونيه وتنحّي جمال عبد الناصر.
وفيما يذهب الصحافي براء الخطيب إلى أن تجاهل حرب أكتوبر كان خللاً جوهرياً في الفيلم، يحمل سوء قصد، يقول المؤلف بشير الديك إن الدراما لم تقتضِ ذكرها.. لقد كنا نتكلم عن ناجي العلي في مرحلة الانهيار العربي، ومن ثَمّ سوف يكون مفتعلاً للغاية أن يتم إقحام حرب أكتوبر في سير الأحداث.

استمر الهجوم على الفيلم لمدة ستة أشهر، كان صنّاع الفيلم خلالها في مرمى النيران، وكتبت مراسلة أخبار اليوم في الإسكندرية (دينا زكي) أن الجمهور قاطع أفلام نور الشريف التي تُعرض بالثغر، وعلى رأسها فيلم ناجي العلي الذي لم يحقق فى أسبوعه الأول سوى سبعة آلاف جنيه، وهو أقل إيراد حققه فيلم عربي خلال الموسم الشتوي بالمحافظة. واضطر نور الشريف إلى دفع 5500 جنيه ليستمر عرض الفيلم للأسبوع القادم حتى لا يلقى مصير فيلم "الصرخة" الذى قام ببطولته أيضاً، والذي استمر عرضه أسبوعاً واحداً، لم يحقق خلاله إلا ستة آلاف جنيه فقط.
قال لي المخرج الكبيرعلي بدرخان أن "فيلم ناجي العلي مثال للسينما الملتزمة والهادفة، وقد تم إنتاجه في ظروف تاريخية صعبة بالنسبة إلى القضية الفلسطينية واللاجئين الفلسطينيين في لبنان. تناول الفيلم جانباً من القضية الفلسطينية، بوجهة نظر قوبلت بالترحيب من البعض والرفض من البعض الآخر. ولكن ذلك لا يقلل من قيمة الفيلم كأحد أهم الأعمال السينمائية التي تناولت قضية فلسطين، كما أن فريق العمل من كتابة وإخراج وتمثيل أجادوا في تنفيذ أدوارهم بكل تميّز".
تأثر نور الشريف فنياً ومادياً كبيرا بعد التحريض في الشارع المصري والعربى بسبب الاتهامات التي لاحقته، وتَعرّض لحملة مقاطعة كبيرة في الدول العربية، التي رفضت عرض أفلامه. وفي مصر، تعرّض لحصار ممنهج وطويل، لمنعه من الإنتاج والعمل.
يقول مجدي الخطيب إنه كان من الصعب أن يفكر نور الشريف فى الهجرة خارج مصر بعد هذه المذبحة. ولكن نور الشريف في واحد من اللقاءات المنشورة، قال: "دفعتُ ثمن مواقفي كثيراً وفكّرتُ في الهجرة إلى خارج مصر"، وكأنها إعادة لتغريبة ناجي العلي، الذى يجتر حزنه فى واحد من مشاهد الفيلم، قائلاً: "من فلسطين إلى الأردن، ومن الأردن إلى لبنان، ومن لبنان لوين يا حنظلة؟!".
شهادات ومراجعات
في محاولتي استعادة أجواء منع العرض، قمت بسؤال الأستاذ عبد العزيز مخيون عن شهادته عن الفيلم، فأخبرني أنه تلقى حينها اتصالاً هاتفياً من الممثل الفلسطينى غسان مطر يطلب منه مشاهدة الفيلم معه - ربما بتكليف من ياسر عرفات - بعد حالة اللغط التى أثيرت بشأن علاقة حركة فتح بمقتل ناجي العلي ، لمعرفة رأيه في الفيلم، فقال: "عندما شاهدته لم أجد ما يمكن أن يشير إلى ضلوع ياسر عرفات أو أي من القادة الآخرين في استهداف ناجى العلي بشكل صريح".
قال الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي في ناجي العلي:
ما املكش غير أحسدك خالص على قتلك،
قتيل في غربة.. بيفرق عن قتيل الدار،
يا ماشي للنور.. ومش ماشي على مهلك،
وإحنا خطاوينا يمّ الموت، تجيب العار.
أما المخرج الكبير علي بدرخان فقد أخبرني أن "فيلم ناجي العلي مثال للسينما الملتزمة والهادفة، وقد تم إنتاجه في ظروف تاريخية صعبة بالنسبة إلى القضية الفلسطينية واللاجئين الفلسطينيين في لبنان. تناول الفيلم جانباً من القضية الفلسطينية، بوجهة نظر قوبلت بالترحيب من البعض والرفض من البعض الآخر. ولكن ذلك لا يقلل من قيمة الفيلم كأحد أهم الأعمال السينمائية التي تناولت قضية فلسطين، كما أن فريق العمل من كتابة وإخراج وتمثيل أجادوا في تنفيذ أدوارهم بكل تميّز" .
عودة ناجي العلي
بقي الفيلم ممنوعاً من العرض في مصر، وحتى في معظم الدول العربية، لمدة 22 عاماً. قبل أن يُعرض للمرة الأولى في عام 2014 عبر التلفزيون المصري، مما مهّد لإعادته إلى الظهور بعد تلك السنوات الطويلة.
تغيّرت قناعات وأفكار كثير من الصحافيين عن ناجي العلي. فكما يقول عبد الله السناوي: "مشكلة فيلم ناجي العلي كانت في توقيته فقط، بدليل أن كثيراً من الصحافيين والكُتاب في أخبار اليوم وغيرها، اذا ما استمعنا اليوم إلى آرائهم، سوف نكتشف اختلاف شهاداتهم عن الفيلم اختلافاً جذرياً".
... بالضبط كما جرى في قضية اغتيال ناجي العلي نفسه، التي أعادت سكوتلاند يارد التحقيق فيها، لأنها تأمل أنه بمرور الوقت وتغيّر الولاءات، قد يظهر من يتكلم مجدداً عن هذا الاغتيال، ويميط اللثام عن وجه قاتله.

جرت تحت الجسور مياه كثيرة، عاد بعدها ناجي العلي إلى صدارة الأحداث من جديد، وعاد معه حنظلة، وهو لا يزال يدير ظهره إلينا غاضباً وحزيناً، ومتسائلاً عن مصير وطنه الذي يغوص في البعد يوماً بعد يوم. عاد ناجى ليؤكد أن الرخويات التى قام برسمها، والتي جاءت لتعبِّرعن القيادات المستسلمة والمهيضة الجناح، من العرب والفلسطينيين، قد عرفت طريقها إلى التكاثر والتبجح. وأن الخذلان هذه المرة يأتي عربياً خالصاً.
وكما قدّم ناجي العلي أوراق اعتماده في بداية الفيلم، قدّم نبوءته مع المشاهد الأخيرة: "أعلم أنني سأواصل الطريق، فأنا على موعد هناك، بعيداً، ولن أخلفه. سنلتقي ذات يوم حاملين صورة الوطن في العيون، وسندق سارية علم فلسطين في تراب الوطن... وسنستمر!
قالها ناجي العلي مبكراً للغاية، فاستحق العلامة الكاملة، فيما تركنا نكابد ألم أننا لا نزال هنا...
ما ملكش غير أحسدك خالص على قتلك،
قتيل في غربة.. بيفرق عن قتيل الدار،
يا ماشي للنور.. ومش ماشي على مهلك،
وإحنا خطاوينا يمّ الموت، تجيب العار[5].
- - https://www.youtube.com/watch?v=3siWZL34sZ8 ↑
- -الفيلم كما يمكن مشاهدته على يوتوب: https://tinyurl.com/5fz6jxdd ↑
- - وثائقي "خارج النص"، إنتاج قناة الجزيرة، https://www.youtube.com/watch?v=WQ1QKYQuiJo ↑
- - المصدر السابق. ↑
- - قصيدة "الموت على الأسفلت"، كتبها في ناجي العلي، عبد الرحمن الأبنودي ↑