إعداد وتحرير: صباح جلّول
في فيديو، يحاول الجنود إذلال أسرى فلسطينيين بتعمية عيونهم وتربيطهم صفاً واحداً يتقدمه أسير غرس الجنود علماً إسرائيلياً في ياقة سترته. في فيديو آخر، الجندي الإسرائيلي "شيمون فرينكل" يسمع أغنية في السيارة ويغنّي مع زميله، ويصوّر خلفهما أسيرين فلسطينيين مربطّين ومكمّمي الفم والعيون، يصطحبانهما إلى جهة مجهولة.
رقيب إسرائيلي من الكتيبة 8717 من "لواء غفعاتي"، يصوّر فيديو لمدرسة تلتهمها النيران، قصفها الاحتلال في غزة. يقول: "العام المقبل سنحرق المدرسة ونضرب جميع المعلّمين أيضاً. آه، كم هي ممتعة مشاهدة المدارس تحترق في غزة. ليموتوا جميعاً هؤلاء القمامة الإرهابيين. عاهرات".
"الإبادة من المسافة صفر" .. الآن!
06-03-2025
"أفلامنا": "فعل مقاومة ضروري"
02-01-2025
في الصورة، جنديان يلبسان ملابس نسائية داخلية. الجندي الإسرائيلي "هاريل أمشيكا" نشر الصورة على صفحته على إنستغرام في منزل عائلة نزحت من رفح. وفي صورة أخرى، الرقيب في الجيش الإسرائيلي "ليام ليفي" من وحدة الهندسة القتالية 601 في غزة، يرتدي ملابس داخلية لامرأة فلسطينية نازحة. كتب تحتها، "بعد يوم رهيب ولحظات اعتقدنا فيها أننا انتهينا"... "شكراً على كل شيء، دائماً"، مع صورة "إيموجي" لقلبٍ أحمر.
في فيديو عن قناة تلغرام إسرائيلية، يقوم جندي إسرائيلي بلبس زيّ ديناصور ويحمّل القذائف ويقصف غزة أمام الكاميرا، ثمّ يؤدّي رقصة على ظهر دبابة، كنوعٍ من "الدعابة" الإباديّة.


جنديان يحرقان الأطعمة في دكان في غزة، وآخرون يلهون بالمعدات الطبية والشاش والأربطة في المستشفى الاندونيسي بعد اقتحامه.
وفي فيديو آخر، جندي من "لواء غفعاتي" الإسرائيلي يأخذ جولة بين ركام البيوت ويقول للمشاهدين: "ليس لديكم مكان لتعودوا إليه أيها الغزّيون، أيها الغزّيون الأعزّاء. لستم أعزّاء، أنتم رخيصون. أنتم بلا مأوى. مشرّدون. نحن هنا لنحوّل حياتكم إلى بؤس.. كل ثانية ستكون معاناة لكم. ستموتون".
في مقابلة تلفزيونية، قائد ميداني إسرائيلي في برنامج حواري، يُصرّح: "علينا أن نمحو ذِكر العماليق (يقصد الفلسطينيين، بعبارة الحرب التوارتية)... أن نضربهم ضربة يصرخون ألماً منها... ليعرفوا أن سيّد هذا البيت قد جنّ جنونه".
...
ثمانية عشر شهراً على الإبادة، لم يتورّع فيها الجنود القتلة من توثيق جرائمهم، لكنّ "اعترافاتهم"، على وقاحتها وحجمها ووفرة أدلتها – لم توقف الإبادة بعد.
هذه المواد المذكورة أعلاه - المواد التي تصعب قراءتها أو مشاهدة مقاطعها المصورة والمسجلة والمنشورة من قبل جنود إسرائيليين، وعلى قنواتهم ومنصاتهم، بدون أن تشعر بالدوار أو انقلاب أحشائك - ما هي إلا عينة صغيرة جداً من مئات مقاطع الفيديو والصور والمنشورات التي جمعتها وحدة الجزيرة الاستقصائية، ضمن قاعدة بيانات كبيرة بعنوان "أول إبادة بالبث المباشر". نُشرت القاعدة لترافق الفيلم الوثائقي "غزة" الذي يتقصى عن جرائم الحرب الإسرائيلية من خلال استخدام مقاطع فيديو وصور نشرها الجنود الإسرائيليون بأنفسهم على الإنترنت، على مواقع التواصل الاجتماعي إنستغرام، وفيسبوك، وتيك توك، ويوتيوب... تُظهر المقاطع أنشطتهم في غزة، مستخدِمين أسماءهم الحقيقية، وغالباً ما تتضمن تفاصيل عن متى وأين وقعت الحوادث المصورة.
لمشاهدة الفيلم الوثائقي "غزّة"، مجاناً: https://aje.io/mx0z1k
"ملف رقميّ دامغ"
تقول الوحدة الاستقصائية إن السلوكيات في هذه المقاطع "تتراوح بين النكات البذيئة والجنود الذين يبحثون في سراويل النساء الداخلية، وصولاً إلى ما يبدو أنه عمليات قتل مباشِرة للمدنيين العزل". كما تستعرض وجوه وأسماء الجنود الذين تمّ التعرف عليهم من قبل الوحدة الأولى بالإضافة إلى أدلة على أفعالهم، مرفقة دائماً بمصادر هذه المواد.

صُنفت المواد تحت عدة عناوين، تمثِّل كل منها مجموعة بيانات فرعية: "تدمير المنازل والمستشفيات والمدارس"، "استخدام الفلسطينيين كدروع بشرية"، "سرقة البيوت وارتداء ثياب النساء الداخلية"، "النكات المسيئة"، "التصريح بالنية في ارتكاب الابادة"... وتوثِّق اللقطات بوضوح انتهاكات القانون الدولي، مثل تدمير البنية التحتية المدنية، والنهب، واستهداف المدنيين، وتكتيكات الحرب اللاإنسانية.
في دليل الصور المعنون "دليل الجرائم الإسرائيلية المحتملة"، هناك 25 صفحة تحتوي كل منها 10 وثائق، يُحدَّد لكل منها تصنيف، عنوان، وصف للمحتوى، ومصدر الصورة.
وبرأي عدة خبراء قانونيين، فهذه الفيديوهات والصور "توفر مستوى غير مسبوق من التوثيق في الوقت الحقيقي"، إذ أنه على عكس المعتاد، حيث تخضع جرائم الحرب للتحقيق فيها بعد وقوعها، فإن مرتكبي هذه الجرائم، في هذه الحالة، يقدّمون أدلة فورية على أفعالهم.
لقد استخدمت هذه المواد بالفعل من قبل عدة أشخاص لرفع قضايا إلى المحكمة الجنائية الدولية. على سبيل المثال، تقدم المحامي الهولندي هارون رضا في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي بشكوى إلى المحكمة الجنائية الدولية ضد ألف جندي إسرائيلي متهماً إياهم بارتكاب جرائم حرب في غزة، بالاستناد إلى أدلة من مقاطع فيديو جُمعت عن مواقع التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى ما وثقته منظمات أخرى.
كلّ ما ذُكر يشكّل ما يسميه الخبراء "ملفاً رقمياً دامغاً" بالأدلة المطلوبة لإدانة الاحتلال الإسرائيلي وإيقافه عن ارتكاباته ومعاقبته على جرائم حربه - هذا في عالمٍ يُقيم أيّ اعتبار لتعريفات القانون الدولي وحقوق الإنسان!