قبل وصوله إلى القاهرة، أمضى محمد طوس، 70 عامًا، أكثر من نصف عمره، 39 عامًا تحديدًا، في سجون الاحتلال الإسرائيلي، بعد أن نجا بأعجوبة من غارة جوية استهدفت خلية مقاومة أسسها مع عدد من رفاقه المحسوبين على حركة فتح، أطلقوا عليها اسم «خلية الشهيد ماجد أبو شرار».
بين عامي 1983 و1985، نفذت الخلية عمليات ضد جيش الاحتلال والمستوطنين في منطقة جبل الخليل، قبل أن تتعرض لوشاية مكّنت الجيش الإسرائيلي من رصدهم أثناء محاولتهم الفرار إلى الأردن. وفي كمين نُفّذ على بُعد مترين فقط منهم، أطلقت القوات الإسرائيلية النار عليهم، ما أسفر عن مقتل أربعة من رفاق طوس وإصابة جميع أفراد المجموعة.
نجا طوس وحده من الهجوم، ومنذ ذلك الحين بات يُعرف بـ«الشهيد الحي». احتُجز في سجون الاحتلال منذ أكتوبر 1985، ورفضت السلطات الإسرائيلية الإفراج عنه في كل المحطات السياسية والميدانية الكبرى التي شهدتها القضية الفلسطينية، بما في ذلك الانتفاضتين الأولى والثانية، واتفاق أوسلو، وصفقات تبادل الأسرى السابقة كافة. لذا عرف أيضا طوس بـ«عميد أسرى الضفة الغربية الفلسطينيين»، ويعد ثالث أقدم أسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وفي يناير الماضي، وافقت إسرائيل على إطلاق سراح طوس، في إطار تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في الحرب الدائرة منذ السابع من أكتوبر 2023، بوساطة مصرية قطرية أمريكية، أفرجت خلالها حركة حماس عن 33 محتجزًا إسرائيليًا في غزة، مقابل إطلاق إسرائيل سراح 1737 أسيرًا فلسطينيًا.

من بين هؤلاء الأسرى الفلسطينيين، طوس هو واحد من 225 من أصحاب الأحكام الطويلة والمؤبد، والذي وضعتهم إسرائيل ضمن «فئة المتورطين في قتل إسرائيليين»، تم إبعادهم إلى مصر كمحطة عبور أولى نحو منفاهم، وذلك في إطار عقوبة تالية لعقوبة السجن، حيث تفرج عنهم السلطات الإسرائيلية دون إبقائهم داخل أراضيها المحتلة، وهو ما تُعدّه الاتفاقيات الدولية على اختلافاتها «جريمة حرب».
في أحد الفنادق الفاخرة بمنطقة القاهرة الجديدة، يشكو طوس من غموض مصيره ونحو مئتي أسير وصلوا إلى القاهرة منذ 25 يناير الماضي. غير أن كثيرًا من الدول رفضت استقبالهم، ليجدوا أنفسهم مقيدين داخل مصر وفنادقها، بـ«تمويل قطري» و«تأمين مصري»، وذلك بالتوازي مع انهيار اتفاق الهدنة بين «حماس» وإسرائيل الذي أُبرم في منتصف يناير، وأُفرج عنهم بموجبه.
«إلى متى سنظل مقيمين في الفندق؟ خرجنا من السجن، لكن ما زلنا مقيدين»، يقول طوس لـ«مدى مصر» خلال لقائنا به في مقر إقامته في الثامن من أبريل الجاري.
يروي طوس تفاصيل الإفراج عنه وترحيله الى مصر. «عرفت بقرار الإفراج قبل تنفيذه بثلاثة أيام، وبدأت أُحضّر نفسي للعودة إلى الضفة»، يقول، موضحًا أن محاميه زاره في سجن رامون الواقع جنوب صحراء النقب في 22 يناير الماضي، وأبلغه بأنه مدرج على قائمة الأسرى المقرر الإفراج عنهم ضمن الصفقة.
«بعد يومين، قسّمتنا إدارة السجن إلى مجموعتين: الأولى نُقلت إلى سجن عوفر القريب من رام الله، والثانية إلى سجن النقب. ذهبت برفقة 69 أسيرًا إلى سجن النقب، وهناك أبلغنا ضباط من جهاز الشاباك الإسرائيلي أننا سنُبعد إلى خارج البلاد، شأننا شأن كل من قَتل بيده، وطلبوا منا التوقيع على وثائق بهذا الخصوص. قلت لهم إني دفعت الثمن، أكثر من 39 عامًا في السجن، لكنهم قالوا إن القرار صادر عن الجهات العليا».
يتابع طوس: «عرضوا عليّ وثيقة صادرة عن الصليب الأحمر تتضمن إبعادي عن الضفة الغربية لمدة ثلاث سنوات. رفضت التوقيع في البداية، لأن عقوبة الإبعاد والنفي من أشد أنواع العقاب، لكني لم أجد مفرًا من الهروب من جحيم السجن سوى بالتوقيع، وذلك في اللحظات الأخيرة قبل نقلنا من السجن إلى مكان وجود الحافلات المصرية».
بحسب طوس، قُسّم الأسرى إلى فئتين: مبعدون بشكل نهائي، وآخرون بشكل مؤقت. الغالبية وُقعوا على وثائق تنص على إبعادهم مدى الحياة عن الوطن، فيما نصّت الوثيقة التي وقّعها هو على إبعاده لمدة ثلاث سنوات، شريطة ألا يتواصل خلالها مع من وصفتهم الوثيقة بـ«الإرهابيين».
ويضيف: «سألت من تقصدون بـ الإرهابيين؟ فقالوا: حماس، الجهاد الإسلامي، وأبو مازن».
يروي طوس لحظات التنكيل التي تعرّض لها الأسرى قبل تسليمهم للجانب المصري: «حتى على بُعد متر من الحافلات المصرية، أصرّ ضباط الشاباك على إنزالنا من الحافلتين واحدًا تلو الآخر، كل منا منحنى الرأس، يرافقه ضابط وكلب بوليسي».
«بمجرد صعودنا إلى الحافلات المصرية، شعرنا وكأننا أصبحنا أحرارًا»، يقول طوس، واصفًا لحظات الوصول إلى معبر رفح: «كان في انتظارنا أطباء مصريون فحصونا، وأعطونا ملابس نظيفة، لأننا كنا نرتدي ملابس ممزقة، وبعضنا كان حافي القدمين. الأخوة في حماس وفّروا لكل واحد منا هاتفًا محمولًا وخطًا مصريًا، وتواصلوا مع عائلاتنا ليُعلموهم بخروجنا، وطلبوا ممن يرغب من الأهالي في مرافقتنا إلى مصر أن يرسل أسماءهم».
أقام طوس لمدة شهر في فندق الماسة بالعاصمة الإدارية الجديدة، قبل أن تُقرر المخابرات المصرية نقلهم إلى فندق آخر في القاهرة الجديدة، مطلع مارس الماضي، بسبب انعقاد القمة العربية في الفندق الأول. وخلال مدة إقامته في الفندقين، لم يُسمح له بالمغادرة سوى مرتين، بتنسيق أمني، حيث نُقل تحت حراسة إلى مستشفى فلسطين بمصر الجديدة لتلقي العلاج.
جاء طوس ضمن الدفعة الأولى من الأسرى الفلسطينيين الذين وصلوا إلى فندق الماسة بالعاصمة الإدارية الجديدة في يناير الماضي، قبل أن تلحقه ست دفعات أخرى، كانت آخرها في نهاية فبراير، تزامنًا مع انتهاء المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار.
يتشابه الأسير عبد العظيم حسن مع طوس في كثير من تفاصيل الإبعاد، فكلاهما أُبعد عن الضفة الغربية لمدة ثلاث سنوات. غير أن حسن وصل إلى القاهرة في الثامن من فبراير الماضي، ضمن الدفعة السادسة من الأسرى الفلسطينيين.
«وصلت إلى فندق الماسة في السادسة من مساء 8 فبراير، وبعد ساعات لحقت بي زوجتي وابني الذي تركته قبل 25 عامًا، وكان عمره آنذاك تسعة أشهر، لأشعر بإحساس الأبوة لأول مرة في حياتي»، يحكي حسن لـ«مدى مصر».
اعتُقل الأسير البالغ من العمر 58 عامًا في السجون الإسرائيلية أربع مرات؛ ثلاث منها كانت مدتها ست سنوات، أما الرابعة فبدأت منتصف نوفمبر 2000، وكانت تهمته آنذاك «الاعتداء على مستوطنين إسرائيليين» في جنوب شرق نابلس، وحُكم عليه بالسجن 34 عامًا.
استمر سجنه حتى أبلغه أحد ضباط الشاباك، في 7 فبراير الماضي، بقرار الإفراج عنه مقابل توقيع وثيقة تقضي بإبعاده عن البلاد لثلاث سنوات.

يُوضح حسن آلية تحديد مدة الإبعاد من قبل السلطات الإسرائيلية، قائلًا إن الأمر يخضع لتقديرات جهاز الشاباك، بناءً على عمر الأسير وتاريخه النضالي، مشيرًا إلى أن الغالبية العظمى من الأسرى الذين أُفرج عنهم تم إبعادهم بشكل نهائي، في حين تم إبعاد عدد أقل لفترات مؤقتة تتراوح بين ثلاث وعشر سنوات.
الأسرى المحررون: "لا تنسوا الأسرى"!
11-07-2024
ويضرب مثالًا بالأسير أحمد أبو خضر، الذي أُفرج عنه معه ضمن الدفعة السادسة من الأسرى المبعدين، لكنه وقّع على وثيقة تنص على إبعاده مدى الحياة عن الضفة الغربية. أبو خضر، 54 عامًا، كان أحد ضباط قوات الأمن الوطني الفلسطيني، وعضوًا في كتائب شهداء الأقصى. وقد انخرط في العمل المسلح خلال الانتفاضة الثانية، وظل مطاردًا من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي لمدة ثلاث سنوات قبل أن يُعتقل في عام 2002 بتهم تنفيذ عمليات فدائية ضد أهداف إسرائيلية، وحُكم عليه بأكثر من ألف عام سجنًا.
يشير حسن إلى أن حركة حماس وافقت على الشرط الإسرائيلي القاضي بإبعاد الأسرى عن الضفة الغربية، والإبقاء عليهم داخل فندق في القاهرة، إلى حين التوصل إلى اتفاق مع دول تستضيفهم. ويشدد على أن هذا الشرط يمثل مخالفة للموقف الوطني الثابت: «منذ صفقة وفاء الأحرار عام 2011، أصبح هناك توافق فلسطيني على أن الإبعاد جريمة وطنية. الإخوة المصريون يعاملوننا معاملة جيدة، لكن مصيرنا ما زال معلقًا بقبول أي من الدول طلب حماس باستضافتنا».
ترجع صفقة وفاء الأحرار إلى عام 2011، حين أبرمت «حماس» وإسرائيل اتفاقًا بوساطة مصرية، تم بموجبه الإفراج عن الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط، الذي كانت «حماس» أسرته وأخفته لمدة خمس سنوات، شنت خلالها إسرائيل حربين على قطاع غزة بحثًا عنه، قبل أن تفرج عن 1027 أسيرًا فلسطينيًا، بينهم 43 أُبعدوا إلى دول مثل سوريا وتركيا وقطر والأردن، إضافة إلى إبعاد 163 آخرين من الضفة الغربية إلى قطاع غزة لمدد متفاوتة.
في القاهرة، لم يغادر حسن الفندق منذ وصوله إلى القاهرة، موضحًا أنه وصل إلى فندق الماسة في الثامن من فبراير، ومكث فيه قرابة شهر، قبل أن يُنقل مع باقي الأسرى إلى مقر إقامتهم الحالي في أحد الفنادق الفاخرة بمنطقة القاهرة الجديدة. قوة أمنية بالفندق تحرس الأسرى المحررين، وفي حال رغبة أي أسير في مغادرة الفندق للعلاج أو لشراء أغراض أو للذهاب للسفارة الفلسطينية، يطلب من مندوب عن حركة حماس، المقيم مع الأسرى داخل الفندق، والذي يتم التنسيق معه قبل أي تحرّك للأسير، على أن يتولى المندوب التنسيق مع جهاز المخابرات المصرية لتأمين خروج الأسير وعودته.
وبينما منعت السلطات الإسرائيلية العديد من عائلات الأسرى المبعدين من مغادرة الضفة الغربية لملاقاتهم، ضمن سياسة التضييق عليهم، تمكنت زوجة حسن وابنه من مرافقته بعدما غادرا الضفة إلى الأردن قبل أيام من الإفراج عنه، ومن هناك سافرا إلى القاهرة. اليوم، تقيم زوجة حسن وابنه في شقة استأجرها على نفقتهما الخاصة بالقرب من الفندق الذي يقيم فيه حسن. «تأتي زوجتي وابني إلى الفندق صباح كل يوم، نقضي اليوم معًا ثم يغادران في المساء».
يقول حسن إن بقاء الأسرى داخل الفندق وعدم مغادرته يُعدّ أحد البنود الأساسية في الاتفاق الذي توصلت إليه حركة حماس مع الجانب الإسرائيلي، برعاية ووساطة من الولايات المتحدة وقطر ومصر.
«عند تسليمنا، وضع ضباط الشاباك على أيدينا أساور كُتب عليها: لن نسامح، لن ننسى قتل أبنائنا، وسنلاحقكم أينما كنتم ولهذا تؤمننا المخابرات المصرية»، يتذكر حسن.
في حديثهما المنفصلين، يقول طوس وحسن، أن قطر تتحمل تكاليف إقامة الأسرى في الفنادق، لكنها ترفض استضافة أي منهم. «القطريون يدفعون تكاليف الإقامة لحماس، لكن القضية ليست مسألة مال. إلى متى سنبقى في الفندق؟ لسنا أحرارًا، خرجنا من السجن لكننا ما زلنا مقيدين. نعلم أن هناك قيودًا أمنية خوفًا على حياة الأسرى، حتى لا يقع أحد الشباب في يد العدو»، يقول طوس.
يشير طوس إلى أن الدول التي أبدت استعدادها لاستضافة الأسرى المبعدين لم تستقبل أحدًا منهم، باستثناء تركيا التي استقبلت 30 أسيرًا في فبراير الماضي، جميعهم من القدس، وماليزيا التي غادر إليها 15 أسيرًا منتصف أبريل الجاري، فيما لا يزال مصير البقية مجهولًا. يؤكد الأسيران أن دولًا مثل الجزائر، إندونيسيا، وباكستان، سبق أن أبدت استعدادها لاستضافة الأسرى المبعدين، لكنها تراجعت بسبب الضغوط الأمريكية. يضيف طوس أن هناك مفاوضات جارية حاليًا مع عدد من الدول، بينها إسبانيا، لاستضافة مجموعات من الأسرى المبعدين.
«الإخوة في مصر أبدوا استعدادًا لاستضافة عدد من الأسرى، لكن ليس جميعهم»، يضيف حسن. «يظل مصيرنا معلقًا على وقف الحرب، وعلى قبول حماس بنزع سلاحها وتخليها عن حكم غزة».
لا يمتلك الأسرى المبعدين حرية اختيار دولة استضافتهم الأخيرة، بحسب طوس، حيث إنه أمر يتم التفاوض عليه بين «حماس» والدولة المستضيفة، ولكنه يقول: «لو أتيح لنا الخيار سيختار الكثير مصر لأن المصريين الله يبارك فيهم استضافوا عشرات الآلاف من الغزيين، ولكني أفضل البقاء في الأردن لقربها من الضفة».
أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس، أيمن الرقب، يرى أن رفض كثير من الدول استضافة المبعدين يعد نموذجًا مصغرًا لرفض الغالبية لسيناريوهات تهجير الفلسطينيين وعدم قابليتها للتطبيق. يقول الرقب إن أمريكا تتحدث عن التهجير ولكن لا توجد دولة مستعدة لاستقبال أهالي غزة شأن الأسرى.
يلفت أستاذ العلوم السياسية إلى أنه لم يسبق أن تم إبعاد أسرى فلسطينيين إلى القاهرة، وبينما استقبلت مصر أكثر من 120 ألف فلسطيني إلى جانب من دخلوا للعلاج ممن تختارهم منظمة الصحة العالمية، ولكن منذ بداية الحرب حتى اليوم لم تصدر الحكومة المصرية ورقة إقامة واحدة لأي من هؤلاء الفلسطينيين. جميعهم موجودون في البلاد بشكل مؤقت.
مارست إسرائيل سياسة الإبعاد منذ بدايات احتلالها، والتي طالما أشار إليها الفلسطينيون كجزء من سياسات التهجير؛ تسارعت في 1967 وأثناء انتفاضة 1987، وتراجعت بعد اتفاقيات أوسلو 1992 لتعود مع انتفاضة 2000.
مثل طوس، كان حسن يفضّل البقاء في السجن على الإبعاد عن وطنه، قائلًا: «لو بقيت السجون الإسرائيلية على حالها قبل 7 أكتوبر، لبقينا فيها، فهو أهون علينا من النفي. الأسرى الفلسطينيون حققوا نضالات كبيرة على صعيد حقوقهم داخل السجون، لكن مع اندلاع الحرب، تبددت كل تلك الانتصارات».
فإن سنوات السجن قبل السابع من أكتوبر كانت شيئًا، وبعده شيء آخر تمامًا، يقول حسن. «قضينا الأشهر الستة الأولى بعد الحرب دون مياه للاستحمام، وحُرمنا من تبديل ملابسنا. كثير منّا أُصيب بالجرب والسكابيوس، وفي الساعات الأربع والعشرين الأخيرة قبل تسليمنا للسلطات المصرية، تُركنا في العراء تحت المطر، وتعرضنا للضرب والإهانة حتى لحظة الوصول إلى معبر رفح».
أكثر الناس حريّة..
23-01-2025
كلاهما، حسن وطوس، يروون لحظة اندلاع الحرب من داخل الزنزانة دون توقع أنها ستؤدي للإفراج عنهما. «كنا نعلم أن القادم بحر من الدم الفلسطيني» هذا ما توقعه طوس. «عرفنا عن الحرب من اللحظة الأولى. في السادسة صباحًا يوم 7 أكتوبر، فتحنا التلفاز وشاهدنا الشاشة الإسرائيلية تتحول إلى اللون الأحمر، مع خبر عاجل عن هجوم للمقاومة، وأن الجيش يتصدى له». لكن إدارة سجن رامون الإسرائيلي سارعت لحرمان الأسرى من المتابعة. «في نفس اليوم، دخلت قوة إسرائيلية صادرت كل أجهزة التلفاز والراديو. السجن كله مكشوف، لكن نجحنا في الاحتفاظ بجهازَي راديو وهاتف نتابع منهما الأخبار لحظة بلحظة».
«فرحتنا بالخروج من الأسر مغمّسة بالدم. أنا مناضل ضحّيت من أجل استقلال الوطن، لكن القصة انقلبت، وصار الشعب كله يضحّي من أجل خروجي»، يقول حسن. ينتظر مع طوس وغيره انتهاء الحرب ليس فقط من أجل وضوح مصيرهم وتحديد وجهتهم وإنما ليتوقف إحساسهم بالذنب. «مش قادر أشعر إني حر لما بنزل على البوفيه، بشوف أطفال غزة وهما مش لاقيين حبة رز».