"حالة عشق": أفضل وثائقي طويل في مهرجان القاهرة السينمائي

حصل الفيلم الوثائقي الطويل، "حالة عشق"، للمخرجتين "كارول منصور" و"منى الخالدي" على جائزة أفضل فيلم وثائقي طويل خلال حفل ختام "مهرجان القاهرة السينمائي الدولي" في دورته الـ45، الذي أقيم مساء الجمعة 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 في دار الأوبرا المصرية. وقد أهدت المخرجتان الجائزة للطواقم الطبية التي تقوم بعمل جبار في غزة..
2024-11-29

شارك
المخرجتان كارول منصور ومنى خالدي بعد فوز فيلمهما الوثائقي الطويل "حالة عشق" بجازة أفضل فيلم وثائقي طويل في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بدورته الـ45.

صرنا نعرف جرّاح التجميل والترميم الفلسطيني-البريطاني الدكتور غسان أبو ستة، بعد تطوعه في غزة منذ بداية حرب الإبادة الإسرائيلية على القطاع، ومن ثمّ مع إطلالاته الإعلامية المتكررة محاولاً نقل شهاداته، ووصف واقع يصعب نقله بالكلام، ومناشدة الدنيا وقف المجازر الأفظع ضد المدنيين والأطفال. خرج الرجل إلى شاشات التلفزة ومقالات الأخبار، إلى المسرح العام، بفعل اضطرارٍ فرضته عليه مسؤوليته كطبيبٍ شاهدٍ على الإبادة. 43 يوماً أمضاها في غرف طوارئ مستشفيَي الشفاء والأهلي المعمداني في غزة - والمستشفيان شهدتا اثنتين من أبشع مجازر الاحتلال الإسرائيلي وأحيلتا إلى مشارح موت ودمار، سيبقى عارها على العالم حياً طويلاً. لم يوفّر الدكتور غسان خلال تلك المجازر وبعدها جهداً في نقل ما عاينه من إبادة ممنهجة للقطاع الصحي الغزي، على وجه الخصوص، عبر الاستهدافات المتعمدة المتكررة للأطباء والمرافق الطبية والصحية، وعبر منع الأدوية والمخدر والمستلزمات الأساسية عن القطاع، كما عبر خلق أوضاع صحية كارثية بمنع الماء والطعام...

هكذا تعرفنا إلى الطبيب في الإعلام، إلى أن قررت صديقتاه المخرجتان كارول منصور ومنى خالدي مرافقته ومحاولة اكتشاف دوافعه إلى اتخاذ القرار الصعب. من هو غسان أبو ستة عندما لا يكون غارقاً في عمل دؤوب من داخل إبادة رهيبة، وكيف يصير الطبيب هو ذلك الشخص المستعد لترك بيته والابتعاد عن عائلته في لندن مسارِعاً إلى غزة الجريحة، ليس لمرّة أو اثنتين، بل خلال ستّ حروبٍ متتالية على القطاع؟

الدكتور غسان أبو ستة مع أطباء وجراحين في مستشفى الشفاء أثناء حرب الإبادة الإسرائيلية/ سعيدون بنجاح عملية لأحد الأطفال المصابين.
أفراد من عائلة الدكتور غسان يلاقونه في عمّان بعد خروجه من غزة (الصورة عن موقع فيلم "حالة عشق").

هذا ما يسعى لاكتشافه الفيلم الوثائقي "حالة عشق" (“A State of Passion”)، فيبوح بالجواب على تلك الأسئلة متضمّناً في عنوانه: "الجواب يكمن ببساطة في عشقهم المشترك: فلسطين، وهو العشق الذي تعبّر [العائلة] عنه من خلال دعمها لعمل [الدكتور غسان ] الإنساني المحفوف بالمخاطر".

حصل هذا الفيلم الوثائقي الطويل، "حالة عشق"، للمخرجتين كارول منصور ومنى الخالدي على جائزة أفضل فيلم وثائقي طويل خلال حفل ختام مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ45، الذي أقيم مساء الجمعة 22 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024 في دار الأوبرا المصرية. وقد أهدت المخرجتان الجائزة للطواقم الطبية التي تقوم بعمل جبار في غزة..

المهرجان الذي قرر هذا العام منح مساحته وربط الفنون السينمائية بفلسطين، وما يجري فيها كموقف واعٍ، بدأ حفله بقصيدة الشاعر الفلسطيني محمود درويش "على هذه الأرض ما يستحقّ الحياة"، ثمّ بعرض من "فرقة وطن للفنون الشعبية" التي يشارك فيها شبان وشابات من غزة، كما قال رئيس المهرجان الممثل حسين فهمي، الذي منح المنصة لقصص فلسطين وأفلامها.

قصة كل غزّي واحدة من هذه القصص، كذلك هي قصة الدكتور غسان كنموذج قلّ نظيره، واضعاً مصلحة المجتمع المصاب فوق مصلحته الشخصية، ورابطاً الموقف السياسي باتساق مع عمله وقدراته وتواجده على الأرض.

كثر منّا اعتاد القول أنه "بطل"، وأن غيره من المقاوِمين ضدّ الاحتلال، ومن الأطباء وعمال الإغاثة والإسعاف "أبطال"، وهم كذلك. غير أنّ لهؤلاء جميعاً عائلات وأحباء ينتظرون عودتهم، وهم نقطة ضعف هؤلاء "الأبطال"، غالباً ما لا نراهم في إطار الصورة. هذا الفيلم يعيد هؤلاء إلى الإطار ويضع الجميع في سياق واحد بوجه معتدٍ واحد. ثمّة سبب يدفع كل هذه التضحيات، ولا يمكن تفسيره إلا بكونه حباً عظيماً – حالة عشق.

تعتبر كارول منصور أن الفيلم، بكل العاملات والعاملين فيه، والداعمين له، كان "حالة عشق" مشتركة، كما يعبِّر التقديم على موقعه الإلكتروني أيضاً، إذ أنه على الرغم من التمويلات المحدودة التي حصل عليها، وجد دعماً من أصدقاء وأناس أرادوا له الخروج إلى الضوء، كما تقول كارول منصور في مقابلة لها بعد الفوز بالجائزة.

******

محطات من حياة الدكتور غسان أبو ستة

1969: ولد غسان أبو ستة في الكويت لأم لبنانية وأب فلسطيني هُجّرت عائلته من بئر السبع إلى غزة خلال النكبة عام 1948.

2012: أصبح رئيس قسم الجراحة التجميلية والترميمية في المركز الطبي للجامعة الأمريكية في بيروت، ورئيساً لبرنامج إصابات الحرب للأطفال وعيادة إصابات الحرب.

2015: شارك في تأسيس أول منهاج عربي ل"طب النزاع والحروب" في معهد الصحة العالمية في الجامعة الأمريكية في بيروت، وأداره.

صدر له كتاب بعنوان "إعادة بناء المريض المصاب في الحرب"، وكتاب "سردية الجرح الفلسطيني" بالتعاون مع الكاتب ميشال نوفل.

2020: عاد إلى المملكة المتحدة لممارسة عمله كجراح تجميل وترميم.

ما بين تلك السنوات، عمل كجراح حرب في اليمن والعراق وسوريا وجنوب لبنان، وخلال الحروب الخمس على قطاع غزة قبل الإبادة الحالية.

2023: وصل الدكتور أبو ستة إلى غزة يوم 9 تشرين الأول/ أكتوبر وقضى 43 يوماً في علاج المرضى في مستشفيي الشفاء والأهلي أثناء وقوع الإبادة الجماعية.

2024: تم انتخابه رئيساً فخرياً لجامعة غلاسكو في اسكتلندا. أسس في كانون الثاني/ يناير 2024 "صندوق غسان أبو ستة للأطفال"، لتقديم العلاج للأطفال مصابي حرب الإبادة في غزة ومصابي الحرب الإسرائيلية على لبنان.

مقالات من العالم العربي

لبنان مجدداً وغزة في القلب منه

... أما أنا فأفرح - الى حدّ الدموع المنهمرة بصمت وبلا توقف - لفرح النازحين العائدين بحماس الى بيوتهم في الجنوب والبقاع وضاحية بيروت الجنوبية. لتلك السيارات التي بدأت الرحلة...