متى تتوقف مصر عن التبادل التجاري مع إسرائيل!

ما جدوى الكتابة وتوثيق ما يحدث في ظل استمرار كل تلك الدماء والخراب، والصمت الرسمي للأنظمة العربية ومن خلفها العالم؟ الإجابة: ربما كي نبرئ أنفسنا من التخاذل أمام الأجيال القادمة... حتى نقول لهم إننا لم ننصرف عن فلسطين، لم نشارك في الإبادة بالصمت المهين، لم نستسلم على الرغم من منعنا من الغضب في الشوارع - في مصر على الأقل. حَاصَرنا حِصارُنا كما قال "محمود درويش"، بالجنون، والمقاطعة، والكتابة، وأضعف الإيمان!
2024-09-15

صفاء عاشور

باحثة وصحافية من مصر


شارك
سفينة مصرية تبحر نحو الموانئ الإسرائيلية

قتلوا الفتاة التي كانت تلهو بمزلاج، "تلا أبو عجوة"، التي حاولت خداع قسوة قلب العالم، والخراب في غزة، بارتداء حذاء تزلج وردي، واللعب لدقائق معدودة كما وعدت والديها، فعاد حذاؤها ملطخاً بالدماء، ولم تعد. "ليش أحنا مش عايشين زى كل أطفال العالم؟ أنا نفسي نعيش حياة هادية". كانت "تلا" ذات العشرة أعوام لا تكف عن التساؤل منذ اندلاع الحرب الأخيرة على غزة، التي حرمتها من الذهاب إلى مدرستها، واستبدلت الكتب في حقيبتها بالملابس، وغيرها من الأدوات الضرورية، مع زاد الأسرة النازحة من منطقة إلى أخرى، أملاً في النجاة.

لم تكن "تلا" القصة الوحيدة، التي تدمي القلب خلال أحداث النكبة الفلسطينية الجديدة. سبقها آلاف الأطفال، تحديداً 14 ألف طفل، جعلوا من الطريق بين غزة والسماء مزدحماً، وكأن الحرب الوحشية هدفها الأول هو التخلص من جيل جديد، في ظل صمت قبيح من حكومات العالم - عدا دول محدودة - وبيانات دولية تثبت الإبادة والجرائم، واحتجاجات شعبية تعيد الأمل في التضامن الإنساني، وصمت عربي، وارتباك مصري.

فالجارة الأقرب إلى غزة: مصر، والأكثر تأثراً بأحداث الحرب، بدلاً من تقليص معاملاتها الاقتصادية مع إسرائيل، زادت من التبادل التجاري، بل وفتحت موانئها لاستقبال السفن المحملة بالبضائع والأغذية إلى إسرائيل، في مقابل المجاعة، التي تفتك بأهالي غزة، وخاصة في الشمال، وتعنت الجانب الإسرائيلي في تمرير شحنات المساعدات الإنسانية. يقولون إن هذا شأن يدخل ضمن المعاهدات الدولية البحرية لمصر، التي لا يجوز خرقها أو تعطيلها!، ويجب هنا استحضار دروس من التاريخ، عن مواقف اتخذتها مصر، خرقت خلالها قواعد ومعاهدات، وانتصرت لمكانتها الحقيقية في المنطقة.

حرب الكرامة

فعلينا أن نذكر حرب 1973، حينما كان إغلاق "باب المندب" في وجه شاحنات البترول المتجهة إلى إسرائيل من قبل القوات المسلحة المصرية نقطة مهمة في مسار الصراع. وقد تمت تلك الخطوة بمباركة "حكومة اليمن" وقتها، تماماً كما يفعل "الحوثيون" الآن، من استهداف السفن المتجهة إلى "ميناء إيلات"، ما أدى إلى شلل تام في الميناء، وتسريح للعمالة، مع العلم بأهمية الميناء في استيراد ما يقرب من نصف المواد الغذائية لدولة جيش الاحتلال. ولولا الدعم غير المحدود من الدول الغربية وأمريكا، لتعرضت دولة الكيان المحتل لظروف ضاغطة.

وزاد الأمر سوءاً اليوم ما تناقلته وسائل الإعلام عن مشروع "جسر بري" بين الإمارات وإسرائيل، لنقل البضائع والأغذية. وذكرت "مبادرة صحيح مصر"[1] أن الشركة المصرية التي انضمت إلى اتفاقية تأسيس الجسر البري، اسمها WWCS، وهي مملوكة لإحدى شركات رجل الأعمال المصري "هشام حلمي"، إذ وقّعت عقداً مع شركة "تراكانت" الإسرائيلية، لتكون الوكيل الحصري لخدماتها الإلكترونية المقدمة للشاحنات عبر المسار الجديد إلى مصر.

الجارة الأقرب إلى غزة، مصر، والأكثر تأثراً بأحداث الحرب، بدلاً من تقليص معاملاتها الاقتصادية مع إسرائيل، زادت من التبادل التجاري، بل وفتحت موانئها لاستقبال السفن المحمّلة بالبضائع والأغذية إلى إسرائيل، في مقابل المجاعة التي تفتك بأهالي غزة، وخاصة في الشمال، وتعنت الجانب الإسرائيلي في تمرير شحنات المساعدات الإنسانية.

المشهد الشعبي يختلف تماماً عن المشهد الرسمي للنظام المصري، إذ تحتل مصر المرتبة الثانية في ترتيب الدول العربية المقاطِعة بعد الأردن، حيث استخدم المصريون ذلك السلاح الشعبي ضد العلامات التجارية الداعمة للاحتلال، وانتشرت قوائم المقاطعة على وسائل التواصل الاجتماعي، تتضمن بدائل محلية وعربية، مع إنعاش للسوق المحلي بشكل ملحوظ.

لنعد إلى تاريخ حرب العبور عام 1973 مرة أخرى، لنتذكر كيف استخدمت دول النفط سلاح البترول في الحرب نفسها، لتحييد القوات الأمريكية والدول الداعمة لإسرائيل - وعلى رأسها السعودية، التي يمر اليوم الجسر البري سالف الذكر عبر أراضيها. تمَّ حظر النفط بتاريخ 17 تشرين الأول/ أكتوبر، أي بعد 10 أيام فقط من بدء القوات المصرية والسورية الهجوم على جيش الاحتلال في الأراضي المحتلة في سوريا ومصر، وقد أذل الأمر أمريكا نفسها، فلماذا لا يتكرر الأمر الآن، بصيغة رمزية على الأقل؟ وإلى متى ستنتظر الدول العربية من دون استخدام وسائل ضغط حقيقية وفعالة!

دعم مباشر

وبجانب الشلل التام لـ "ميناء إيلات" – "أم الرشراش" – في الأراضي المحتلة، نجحت ضربات "الحوثيين" أيضاً في وقف مرور السفن العابرة عبر مضيق "باب المندب"، ثم "قناة السويس" إلى الموانئ الفلسطينية المحتلة المطلة على البحر المتوسط. هذا ما أظهرته البيانات، التي توفِّرها المصادر المفتوحة للمواقع البحرية الراصدة لحركة السفن بين الموانئ، والتي كشفت أيضاً عن استقبال الموانئ المصرية على البحر المتوسط السفن المتجهة من وإلى إسرائيل، ربما لتزويدها بالوقود أو البضائع وسائر الخدمات، علماً بأن النقل البحري عبر البحر المتوسط قد صار مصدراً رئيساً لنقل المواد الغذائية والبناء بعد إغلاق "ميناء إيلات"، وتسريح العمالة فيه، وبخاصة مينائي "أسدود"، و"حيفا" في الجانب المحتل، بالطبع تحكم تلك المعاملات عدد من الاتفاقيات والمواثيق الدولية، لكن وبالمقابل، ألا يوجد أي نوع من الضغط، تستطيع الحكومة المصرية ممارسته لصالح وصول المزيد من المساعدات إلى غزة، وخاصة شمالها الذي يتضور جوعاً!

فالبيانات الأممية تتوالى حول تعرض سكان غزة إلى مستويات مرتفعة من المجاعة، والحد الأقصى من انعدام الأمن الغذائي[2]، مع انتشار سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة. وذكر تقرير دولي أن معدلات الوفيات غير الناجمة عن إصابات تتسارع، علماً أن البيانات تظل محدودة، كما هي الحال في مناطق الحروب، وأن نصف عدد السكان في غزة قد استنفدوا بالكامل إمداداتهم الغذائية وقدرتهم على التكيف، ويعانون من الجوع الكارثي.

كشف تقرير حديث أصدره "مكتب الإحصاء الإسرائيلي" عن ارتفاع التبادل التجاري بين إسرائيل وأربع دول عربية، خلال النصف الأول من العام الجاري. وجاءت مصر في المركز الثاني بـحجم تبادل تجاري وصل إلى 35 مليون دولار، بزيادة 29 في المئة على المسجل في حزيران/ يونيو من السنة الماضية، فيما تراجعت دولة الأردن إلى المركز الثالث.

بالعودة إلى موقع Vesselfinder ، يمكن تتبع 15 سفينة بتاريخ العاشر من أيلول/ سبتمبر الجاري، تنقلت بين موانئ: "أبو قير"، و"العريش"، و"بورسعيد"، و"دمياط"، و"السويس" من الجانب المصري، وبين موانئ: "أسدود"، و"حيفا" من جانب الأراضي المحتلة - التابعة لسلطة جيش الاحتلال. حملت تلك السفن أعلام دول: "بنما"، و"ليبيريا"، وإسبانيا"، و"سنغافورة"، و"الدنمارك"، ودولة "سانت فينسنت"، و"الغرينادين". وتعددت حمولات تلك السفن، التي لا تفصح عنها مواقع التتبع، لكن يمكن توقعها، وفقاً لنوع السفينة نفسها. فمن الممكن أن تحمل الحاويات مواداً بترولية، كما السفن المخصصة لنقل مواد البناء والفحم، فيما يغلب على السفن الخمس عشرة المذكورة نقل البضائع والمواد الغذائية، مثل السفينة Shira-e التي تحمل علم دولة "سانت كيتس ونيفيس"، ووصلت من ميناء "العريش"، إلى ميناء "أسدود"، بتاريخ التاسع من أيلول/ سبتمبر الجاري.

مقالات ذات صلة

والمعروف أن ميناء "العريش"[3] مخصص لتصدير البضائع العامة وتصدير المنتجات الزراعية، وكذلك الخدمات البحرية المختلفة، وميناء "أبو قير" من الموانئ التي تتبع القوات المسلحة، أما ميناء "بورسعيد" فيقع على المدخل الشمالي لقناة السويس، ويعتبر أحد أهم الموانئ المصرية، نظراً لموقعه المتميز على مدخل أكبر ممر ملاحي عالمي (قناة السويس) وفى منتصف أكبر خط ملاحي تجارى يصل أوروبا بالشرق، وميناء "دمياط" يقع أيضاً غرب ميناء "بورسعيد".

المصادر المفتوحة للمواقع البحرية الراصدة لحركة السفن بين الموانئ، كشفت عن استقبال الموانئ المصرية على البحر المتوسط السفن المتجهة من وإلى إسرائيل، ربما لتزويدها بالوقود أو البضائع وسائر الخدمات، علماً بأن النقل البحري عبر البحر المتوسط قد صار مصدراً رئيساً لنقل المواد الغذائية والبناء بعد إغلاق "ميناء إيلات"، وتسريح العمالة فيه، وبخاصة مينائي "أسدود"، و"حيفا" في الجانب المحتل.

يمكن بواسطة موقع Vesselfinder ، تتبع 15 سفينة بتاريخ العاشر من أيلول/ سبتمبر الجاري، تنقلت بين موانئ: "أبو قير"، و"العريش"، و"بورسعيد"، و"دمياط"، و"السويس" من الجانب المصري، وبين موانئ: "أسدود"، و"حيفا" من جانب الأراضي المحتلة - التابعة لسلطة جيش الاحتلال. حملت تلك السفن أعلام دول: "بنما"، و"ليبيريا"، وإسبانيا"، و"سنغافورة"، و"الدنمارك"، ودولة "سانت فينسنت"، و"الغرينادين". وتعددت حمولات تلك السفن، والتي لا تفصح عنها مواقع التتبع.

أما الأمر الصادم فهو السفينة "Pan GG" التي تبحر تحت العلم المصري[4]، بين الموانئ المصرية وموانئ الأراضي المحتلة، في رحلات متكررة، منذ "طوفان الأقصى"، وقبلها منذ عام 2020 بعد نقل ملكيتها إلى مالك مصري. وبالبحث في موقع marine man المتخصص في بيانات السفن، وجد أن إدارة تلك السفينة[5] تقع في إحدى البنايات في منطقة "مصر الجديدة" بالعاصمة القاهرة، ما يعنى - وبلا أي مجال للشك - أن السفينة المذكورة تحمل بالبضائع المصرية وتنقلها إلى الأراضي المحتلة، وكأنها نوع مباشِر من الدعم لجيش الاحتلال! فأي عار يمكن أن يلحق بمثل هذا التعاون في ظل حرب إبادة أهلنا في غزة!

المقاطعة الشعبية

المشهد الشعبي يختلف تماماً عن المشهد الرسمي للنظام المصري، إذ تحتل مصر المرتبة الثانية في ترتيب الدول العربية المقاطِعة بعد الأردن، حيث استخدم المصريون ذلك السلاح الشعبي ضد العلامات التجارية الداعمة للاحتلال، وانتشرت قوائم المقاطعة على وسائل التواصل الاجتماعي، تتضمن بدائل محلية وعربية، مع إنعاش للسوق المحلي بشكل ملحوظ، خاصة في مجال المشروبات الغازية والأغذية المعلبة. ونشر موقع "سي إن إن" الأمريكي عن تراجع أرباح الشركة الكويتية للأغذية "أمريكانا"، المالكة لامتيازات عديدة أبرزها دجاج "كنتاكي" و"بيتزا هت"، بنسبة 48.3 في المئة ليبلغ 32.8 مليون دولار، مقارنة بصافي ربح 63.4 مليون دولار في الربع الرابع من 2022. وكان للشركة المذكورة تواجد كبير في السوق المصرية، قبل أن تُدرج على قوائم المقاطعة السوداء.

ونحمل كمصريين كمّاً من مشاعر الغضب وعدم الرضا عن المجازر المرتكَبة ضد غزة، لكننا مكبلون، بسبب تقويض حرية الرأي والتعبير والتظاهر بوجه عام، وباتفاقية "كامب ديفيد" المقيتة، التي تفرض علينا التعامل الدبلوماسي والتجاري القسري مع العدو الصهيوني، الذي سيظل عدواً! فلا تجد عائلة متجذرة في مصر إلا ولها شهيد على الأقل في الصراع العربي-الإسرائيلي الممتد منذ النكبة عام 1948.

مقالات ذات صلة

وقعت اتفاقية "كامب ديفيد" بين مصر وإسرائيل عام 1979، و بموجبها تعهد الطرفان بإنهاء حالة الحرب وإقامة علاقات ودية بينهما تمهيداً للتسوية، كما انسحبت إسرائيل من "سيناء"، التي احتلتها عام 1967. الاتفاقية كانت ولا تزال مرفوضة على المستوى الشعبي. لكن التعاملات التجارية استمرت منذ ذلك التاريخ، ولم تتراجع حتى خلال عام الثورة المصرية 2011، إلا بنسبة ضئيلة، كما توضح بيانات موقع Tradingeconomics.

الأمر الصادم هو سفينة "Pan GG" التي تُبحر تحت العلم المصري، بين الموانئ المصرية وموانئ الأراضي المحتلة، في رحلات متكررة، منذ "طوفان الأقصى"، وقبلها منذ عام 2020 بعد نقل ملكيتها إلى مالك مصري. وبالبحث في موقع Marine man المتخصص في بيانات السفن، وُجد أن إدارة تلك السفينة تقع في إحدى البنايات في منطقة "مصر الجديدة" بالعاصمة القاهرة، ما يعنى ــ وبلا أي مجال للشك ــ أن السفينة المذكورة تُحمَّل بالبضائع المصرية لتنقلها إلى الأراضي المحتلة.

وبلغت صادرات مصر إلى إسرائيل 143.79 مليون دولار خلال عام 2023، وفقًا لقاعدة بيانات Comtrade التابعة للأمم المتحدة بشأن التجارة الدولية. تمّ تحديث تلك البيانات الشهر الحالي، وتشمل أبرز منتجات تلك القائمة: البلاستيك، والأسمدة، والخضروات، والفاكهة، والزيوت النباتية، والمواد الكيميائية، فيما بلغت صادرات إسرائيل إلى مصر 126.8 مليون دولار خلال عام 2022.

كشف تقرير حديث[6] أصدره "مكتب الإحصاء الإسرائيلي" عن ارتفاع التبادل التجاري بين إسرائيل وأربع دول عربية، خلال النصف الأول من العام الجاري. وجاءت مصر في المركز الثاني بـحجم تبادل تجاري وصل إلى 35 مليون دولار، بزيادة 29 في المئة على المسجل في حزيران/ يونيو من السنة الماضية، فيما تراجعت دولة الأردن إلى المركز الثالث، بنسبة تراجع في التبادل التجاري، يصل إلى 14 في المئة مقارنة بحزيران/ يونيو من العام الماضي. لم يذكر التقرير توقف التعاملات التجارية بين إسرائيل وأية دولة عربية، بينما لم يصدر رد رسمي من أيٍّ من الدول التي شملها التقرير، الذي أشار أيضاً إلى ارتفاع حجم التبادل التجاري بين دولة الاحتلال وكلٍّ من: الإمارات، والبحرين، والمغرب.

يأتي ذلك، في ظل فقدان مصر القدرة على نقل المعونات عبر معبر "رفح، الذي كان بمثابة شريان حياة لسكان غزة. ومن قبلها دُمِّرت كل الأنفاق، التي كان لها دورها في نقل البضائع الغذائية أيضاً إلى القطاع. وبالمناسبة، كان الرئيس الراحل "محمد حسني مبارك" يستخدمها في الضغط على إسرائيل، خلال المفاوضات أثناء الحروب المتكررة ضد غزة. فعلى الرغم من فساد عصر ذلك الرجل، إلا أنه كان يعي مدى أهمية الحفاظ على الأوضاع في غزة، وقدرات المقاومة ــ هناك ــ لحماية الحدود الشمالية الشرقية للبلاد.

وبلغت[7] صادرات مصر إلى إسرائيل 143.79 مليون دولار خلال عام 2023، وفقًا لقاعدة بيانات Comtrade التابعة للأمم المتحدة بشأن التجارة الدولية. تمّ تحديث تلك البيانات الشهر الحالي، وتشمل أبرز منتجات تلك القائمة: البلاستيك، والأسمدة، والخضروات، والفاكهة، والزيوت النباتية، والمواد الكيميائية، فيما بلغت صادرات[8] إسرائيل إلى مصر 126.8 مليون دولار خلال عام 2022، وفقاً لقاعدة بيانات الأمم المتحدة للتجارة الدولية أيضاً، وشملت أبرز منتجات القائمة: البلاستيك، والمواد البترولية، والمنسوجات، وحتى القطن! حيث صدرت إسرائيل قطناً إلى مصر، بقيمة ما يزيد على 5 مليون دولار، في دولة كانت تعد من أهم الدول إنتاجاً للقطن في العالم. فما الذي حدث!، الإجابة سنجدها في نقطتين: الأولى منهما قانون منطقة "الكويز الصناعية"، والاتفاقية المبرمة بشأنها، الذي يفرض على مصر استخدام مواد خام إسرائيلية مقابل تصدير المنتجات إلى الأسواق الأمريكية معفاة من الضرائب، والثانية التعاون المصري-الإسرائيلي في المجال الزراعي عقب اتفاقية "كامب ديفيد"، الذي تسبب في تخريب وسرقة عدد من المنتجات الزراعية المصرية. فكما تسرق إسرائيل الأرض والهوية والثقافة، تسرق البذور المصرية وتعيد زراعتها في الأراضي المحتلة بعد تحسينها. وربما حان وقت فتح تلك الملفات ومواجهة إسرائيل بسرقاتها المتعددة في كافة المجالات، وفي سائر الدول العربية، وليس في مصر فقط.

الآن ومنذ اندلاع الحرب على غزة التي قاربت العام، نتساءل: ما جدوى الكتابة وتوثيق ما يحدث في ظل كل تلك الدماء والخراب، والصمت الرسمي للأنظمة العربية ومن خلفه العالم؟ الإجابة: ربما كي نبرئ أنفسنا من التخاذل أمام الأجيال القادمة... حتى نقول لهم إننا لم ننصرف عن فلسطين، لم نشارك في الإبادة بالصمت المهين، لم نستسلم على الرغم من منعنا من الغضب في الشوارع - في مصر على الأقل. حاصَرنا حصارُنا كما قال "محمود درويش"، بالجنون، والمقاطعة، والكتابة وأضعف الإيمان!

______________________

  1. الجسر البري "الإسرائيلي الإماراتي"، يمتد إلى مصر: شركة wwcs المصرية تشارك في اتفاقية التأسيس، تقرير نشر بتاريخ 12-2023 https://2u.pw/RpqeldUu
  2. تقرير دولي: المجاعة وشيكة في شمال غزة وجميع السكان يواجهون أزمة جوع كارثية، الأمم المتحدة، آذار/ مارس 2024 https://2u.pw/Sx1B0Qo2
  3. المعلومات الواردة عن الموانئ المصرية مصدرها موقع قطاع النقل البحري الحكومي https://2u.pw/Tqa7R72
  4. تتبع رحلات السفينة المصرية Pan ggإلى الموانئ الإسرائيلية https://2u.pw/91UGiv5Z
  5. بيانات السفينة المصرية عبر موقع https://2u.pw/7gMQjRRz
  6. تقرير تناقلته وسائل الإعلام، من بينها CNNواnziv.net https://2u.pw/ZYV0eRcC
  7. صادرات مصر إلى إسرائيل https://2u.pw/a2mnHeFr
  8. صادرات إسرائيل إلى مصر https://2u.pw/uYxuNDxu

مقالات من مصر

عمْ "سيِّد"

هو أحد أقارب والدي، لا أراه إلا نادراً. عرفتُ قصته بالصدفة في حوار عائلي عابر، ولكن الرجل – بعد تردد - أطلعني على بقية التفاصيل المؤلمة، التى لايعرفها إلا قلة...

للكاتب نفسه