«...هكذا يا جوليانو مضت سنتان. لم نحتفِ بك هذه السنة كما فعلنا في السنة السابقة، ولم نتابع ملف اغتيالك لنعرف من الجاني (أهو في الشرطة الإسرائيلية أم الأمن الفلسطيني أم الشاباك الإسرائيليّ؟)...»جوليانو شهيد الحرية» ردّدنا بعناد، ولكننا نسينا أنّ الشهيد لا يُحاسَب على موته، لا أحد يُصرّ على معرفة الجاني، فهو شهيد وحيّ يُرزق هناك. أنت قتيل الحرية ونحن نسينا لماذا قتلوك أصلاً... لم أعد إلى مسرح «الحرية» من بعدك... أنا غاضب يا جوليانو على مخيم جنين. أتصدّق؟ حتى الآن. غاضب وحاقد. ستقول إنّ القاتل لا يمثل ناسه، وسأوافقك، لكنّ صمتهم المُدوّي (حتى اليوم) جعلهم شركاء في الجريمة.
كم من السهل أن نصوغ الآن بيان استنكار للذكرى الثانية لمقتلك. سنحمّل الأمن الفلسطيني والإسرائيلي مسؤولية التقاعس عن معرفة القاتل، وقد يُجرون مع أحدنا لقاء إذاعياً. وسنتحدّث عن مآثرك وعن حجم مشروعك الذي لا يتكرّر. وبعدها؟ سنرفع نخبك في مقهى على ناصية الخيبة، وسنعود إلى مشاغلنا أصغرَ قليلاً. هل رأيتَ كم صغرنا- في عيون أنفسنا بالأساس؟ هل رأيتَ كيف فقدناك دفعة واحدة وبلا مقاومة؟ ولكن عليك أن ترضى بهذا يا جوليانو، فالمقاومة للدبابة فقط، أما الفن والفنانون فلهم الصفحات الأخيرة، بعد إعلانات «سيارات للبيع".
من مدونة علاء حليحل