تحضـيـر روح قتـيل المـدرعـة

(شقة مظلمة بحيث نرى فيها وجوه الناس بصعوبة. مجموعة من البشر جالسون في دائرة. في وسطهم يجلس وسيط روحاني. وأمامه على الناحية المقابلة يجلس وكيل النيابة وبجانبه كاتب النيابة يكتب وراءه. روح الشخص الذي استشهد تحت عجلات المدرعة العسكرية تحل على الوسيط الروحاني. وكيل النيابة يحقق مع روح القتيل).
- س : في أي ساعة متَّ بالضبط؟
- الساعة اتنين الفجر.
- س : وما السبب الذي دفعك لهذا؟
- كنت في تظاهرة وجات مدرعة جيش داستني.
- س : وهل تعتبر أن مرور مدرعة جيش في الشارع سبب كاف لكي تنقتل بهذا الشكل؟
- المدرعة داستني.
- س : حاول أن تصف لنا الدقائق الفاصلة بين أن داستك المدرعة وبين أن قررت أن تموت. يعني لماذا اتخذت هذا القرار؟
- (مرتبك قليلاً) لأ. مش كدا، انا مش فاكر اللي حصل بالظبط.
- (بتفهم) اتخذت القرار في لحظة انفعال يعني؟
- (ما زال مرتبكا) انا كنت خايف.
- مفهوم جداً. وهذا ما دفعك لأن تنفعل وتقرر الانقتال.
- الـ إيه؟ انقتال؟
- (بلا مبالاة) تقرر تموت يعني. (يواصل التحقيق)
س. هل أنت شهيد؟
- مش عارف.
- يعني هل استقبلوك في السماء استقبال عادي أم استقبال شهداء؟
- لسة ماحدش استقبلني. انا لسه ميت من سبع ساعات.
يلتفت وكيل النيابة ليملي كاتب النيابة: وقد اعترف المذكور أنه قام بالانقتال في الثانية فجراً بعد أن رأى مدرعة عسكرية تدوسه، ولم يوضح العلاقة بين المدرعة وبين قراره هذا، ولكنه قال إنه كان في لحظة انفعال. واعترف أن أحداً لم يستقبله استقبال الشهداء عندما انقتل ولذلك فهو مصنف تحت بند منقتل عادي وليس منقتل شهيد. (للوسيط الروحاني) هل لديك أقوال أخرى؟
الروح: آه. أنا أصلاً ماخدتش قرار. انا فجأة.. أصلاً..
وكيل النيابة: (يقاطعه) ماتخافش. الصيغة اللي كتبنا بيها المحضر هتخليهم يخففوا الحكم عنك. دي كدا تهمة انقتال خطأ. (يمد له يده بسيجارة) سيجارة؟