إعداد وتحرير: صباح جلّول
"تسقط الحرب اللعينة
ويسقط الموت والدموم
ويسقط الجهل اللي بيلقط
في أولادك كل يوم"*
في تلك الجملة الأخيرة كل المسألة والمأساة. لقد قالتها نساء السودان بوضوح: هناك الحرب والموت وهناك الجهل الذي يحركها، وحشٌ ذو مخالب "يتلقّط" ويتكمّش بالأرواح ولا يرضى إلا تضييعها، يحولها إلى ماكينات موت بدورها أو يُجهز عليها ويترك عائلات مكلومة بالمئات والآلاف. هكذا أتى الاقتتال في السودان على حين غرة، فاستفاق الناس على رائحة الدم الذي يجرّ دماً في 15 نيسان/ ابريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات "الدعم السريع".
نساء السودان: معركة حقوقية وسط صراع سياسي محتدم
05-06-2021
الحراك في السودان بأصوات نسائه
08-03-2019
لكنّ نساء البلاد اللاتي كان لهنّ حضور بارز، بل طاغٍ، في فعاليات الثورة السودانية التي أطاحت بالبشير، واللاتي قدنَ الشارع بالشعارات والأغاني والبيانات التي ترفض العنف وحكم العسكر، قلن الكلمة مرة أخرى، مؤكّدات موقعهنّ وحقّهنّ في صنع مستقبل البلاد التي ينتمين إليها، رافضات للاقتتال والانزلاق نحو حربٍ عبثية ستحرق الجميع لو استمرت، ومعتبرات أن النساء بشكل خاص والفئات المهمشة ستدفع فاتورتها مضاعفة.
"في كل بيت إما مفقود أو جريح أو قتيل"، تقول أم سودانية بالصوت العالي وسط الشارع، باسم الأمهات الهلعات على مصير أولادهن وبلدهنّ. "كل الذين يموتون هم أبناء لهؤلاء الأمهات الواقفات هنا.. هناك بالتأكيد ألف حل وحل غير الموت الذي يدخل بيوتنا بيتاً تلو الآخر". تحذر السيدة من موت لا نعرف أسبابه أصلاً وكيف انفلت مرة واحدة، وتنهي بيانها بالقول "هذه البيوت انكوَت، انتهت، اكتفت"!
إلى جانب أمهات السودان، أطلقت "نساء ضد الحرب"، وهنّ مجموعة من السودانيات والناشطات في السودان ومختلف بقاع العالم، حملة الكترونية بعنوان "لا للحرب مجداً للسلام"، وأصدرن في 19 نيسان / أبريل بياناً باسمهنّ، مما جاء فيه:
"لإيماننا بمسؤوليتنا الوطنية وأننا المتضرر الأكبر من الحرب والاقتتال، ولأهمية وقوة دورنا وحقنا وشعبنا في السلام والسلامة والعيش الكريم والوطن الحر الديمقراطي، نعلن وبالصوت العالي رفضنا للحرب المخزية التي تقتل بنات وأبناء وطننا الكرام، وندين الأطراف الساعية لاستمرارها. كما ونؤكد على ضرورة وقف الإقتتال والخراب والانتهاكات الواقعة بحق المدنيين (...)
هذه الحرب لا منتصِر فيها إلا أعداء الشعب والحرية والسلام والعدالة .أكدت التجربة أن حمَلة السلاح حين يختلفون يحسمون خلافاتهم بالاقتتال الذي يسقط جراءه الكثير من المدنيين قتلى، لذا ظللنا وسنظل ننادي بضرورة استعادة التحول المدني الديمقراطي والدولة المدنية ذات الجيش الواحد بعقيدة وطنية تنهي ظاهرة تعدد الجيوش ويكون واجبها حماية السودانيين دون تمييز وحماية حدود الوطن ودستوره.
ندعو جميع أبناء الشعب السوداني و قواه المدنية لرفض الحرب والمطالبة بوقفها وتفعيل دورهم للمساهمة في تقديم العون لكل من يحتاجه.. السودان وطن الجميع، فلنتحمل جميعا المسؤولية بالقيام بأدوارنا المختلفة (...)
#أوقفوا_الحرب_الآن #لا_للحرب #السودان_ديمقراطية
****
بعد فشل عدة محاولات لتفعيل الهدنة منذ 15 نيسان/ أبريل، سرى وقف إطلاق النار المؤقت في السودان منتصف ليل الاثنين في 24 نيسان/ أبريل لمدة 72 ساعة، بعد أن قُتل في المعارك ما يزيد عن 400 شخص، مرشحين – للأسف – للازدياد.
*من صفحة "لا لقهر النساء" عن فيسبوك