ترتبط قضايا النساء في مجتمعاتنا العربية بالدين من جوانب متعدّدة ووثيقة، وتحاول النساء المؤمنات على اختلاف قناعاتهن الإيمانية - خاصة مع تطور الوعي النسوي - إعادة النظر في النصوص المقدّسة وتفاسيرها ونقد السيطرة الذكورية على المؤسسات الدينية، من أجل التحرّر من النظرة الدونية والتحجيم والتهميش الذي يتعرضن له على أساس ديني.
وفيما يتعلّق بالمسيحيات في مصر، هناك العديد من القضايا التي تستدعي النقاش، بدءا بالنصوص الواردة في الكتاب المقدّس عن المرأة، مرورا بمسائل الزواج والطلاق، وليس انتهاء بوضع المرأة داخل الكنيسة وحدود المسموح والممنوع، سواء على مستوى المناصب الدينية أو الأماكن المتاح لها دخولها/ وهذا يختلف من طائفة لأخرى.
ففي نيسان/ إبريل 2020 على سبيل المثال، اضطر الأنبا إسحق، أسقف طَما وتوابعها للأقباط الأرثوذكس بمحافظة سوهاج، لتقديم اعتذار [1] بعد نشر مقطع مصوّر له وهو يؤدي أحد طقوس عيد القيامة حول المذبح (يُعدّ أهم أجزاء الهيكل، والهيكل هو أعظم وأقدس مكان بالكنيسة لذلك يُسمّى قدس الأقداس) بإشراك عدد من النساء المكرّسات بالدير، وهو ما أثار ضده الانتقادات كون ذلك مخالفاً للتعاليم الكَنَسية [2] ، وقال في اعتذاره إن تصرّفه كان غير مناسب، وإنه كان يقصد فقط أن يفرح قلب المكرّسات.
نسوية مسيحية؟
إزاء ذلك، يمكّن تلمّس ردود فعل نسائية - على نطاق محدود ربما - ناقدة للقيود المفروضة على المرأة داخل الكنيسة ومدافعة عن حقوقها من منظور مسيحي، من خلال مقالات لشابّات مسيحيات [3]، أو صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي [4] .. وهي تبدو أصوات فردية لا يجمعها إطار تنظيمي، كما أنها تختلف في سقف مطالبها.
ربما لا يعكس وجود امرأة في مناصب عليا – بالضرورة - تحسّن أوضاع النساء بوجه عام، لكنه من ناحية أخرى يظل دالّا على مكانة المرأة في أي نظام: هل لها حقوق متساوية مع الرجل؟ هل تُقبل كقائدة؟ هل هناك تمييز على أساس الجنس يعرقل النساء ذوات الكفاءة؟ وبطبيعة الحال فإن تقييد أو تحجيم النساء أو الانتقاص من حقوقهن عادة ما يستند إلى نصوص كتابية.
"لماذا تُزعجون المرأة؟" [5] و"الله والمرأة والآخرون" كانا عنوانين لافتين بالنسبة لي بجناح إحدى دور النشر المسيحية بمعرض كتاب بالإسكندرية قبل حوالي عامين، تأليف الكاتبة والباحثة مارسيل فؤاد، صدرا عامي 2016 و2018 عن دار "رسالتنا". تناولتْ فيهما قضايا عديدة منها رسامة المرأة قسيسة، تفاسير الرجال لكلمة الله، وصايا الزواج في الكنيسة، غطاء الرأس، الزينة الخارجية للمرأة، ختان الذكور والإناث، ميراث المرأة، الصفات الأنثوية لله.. والمؤلفة - كما تُعرَّف على الغلاف الخلفي للكتاب - حاصلة على بكالوريوس علوم لاهوتية، ودبلوم في التراث العربي المسيحي من كلية اللاهوت الإنجيلية بالقاهرة.
النساء والقيادة الدينية
تخرّجت مارسيل فؤاد في كلية اللاهوت بتفوق على زملائها من الرجال والنساء، إلا أن كنيستها رفضت ترسميها قسيسة، ليتلاشى حلم تمنّته منذ الطفولة. على الرغم من أن الأمر "محسوم إنجيلياً بسبب عقيدة "كهنوت جميع المؤمنين" وهو مبدأ إصلاحي أصيل يُعلن أن الجميع متساوين أمام الله وقادرين على الدخول إليه دون وساطة.." كما تذكر في كتابها نقلاً عن القسّ إكرام لمعي. بل هي ترى أن المرأة أجدر بالقيام بهذا الدور ومناسِبة أكثر له لأن فيها جانب الأمومة والرعاية التي هي صلب عمل القسّ، كما أن وجود المرأة في هذا المنصب يعطي أماناً أكثر للشعب، مع انحراف رجال دين عديدين لنزوات جنسية واستغلال الهالة المقدسة المرسومة حولهم للإيقاع بالنساء.
وترفض التذرّع بالأسباب البيولوجية لرفض رسامة المرأة، فالجسد لا يتنجّس إلا بالخطيّة. وتستنكر أن يؤخذ قرار رسامة المرأة من خلال مجمع كله رجال، هم من يحدّدون مصير النساء، وتقول إنه من غير المنطقي أن يحترم الملحدون عقل المرأة ووجودها ويؤمنون بالمساواة بين البشر، وألا يفعل ذلك من يعتبرون انفسهم "رجال الله"، وإن المجتمع الخارجي استوعب التطور وصارت المرأة تتولى أعلى المناصب، بينما لا يزال المجتمع الكنسي ينظر للمرأة "نظرة عقيمة متأخرة"، فقيمتها فيه "لا تزيد عن الكرسي الذي أجلس عليه، فدائماً "أصمت، أخضع، أتبع"، أي أموت.
وتقول مارسيل فؤاد، التي اتجهت للكتابة والعمل الإعلامي، إن النسبة الأكبر من دارسي اللاهوت ليست للنساء بل للرجال، فالأمر بالنسبة للرجل مسار دراسي مهني ينتهي بالحصول على وظيفة، والرجال الدارسون الذين ُيرسّمون قسوساً يتكفّل المَجْمع بمصاريفهم. فعلى عكس المرأة التي تتحمّل تكلفة الدراسة، يدرس الرجل بالمجان ثم يحصل على وظيفة براتب ثابت.
تخرّجت مارسيل فؤاد في كلية اللاهوت بتفوق على زملائها من الرجال والنساء، إلا أن كنيستها رفضت ترسميها قسيسة، ليتلاشى حلم تمنّته منذ الطفولة. على الرغم من أن الأمر "محسوم إنجيلياً بسبب عقيدة "كهنوت جميع المؤمنين" وهو مبدأ إصلاحي أصيل يُعلن أن الجميع متساوين أمام الله وقادرين على الدخول إليه دون وساطة.." كما تذكر في كتابها.
وتضيف أن أعلى رتبة وصلت إليها المرأة داخل الكنيسة الإنجيلية هي شيخ مدبّر، وهي إدارياً تحت القسيس مباشرة، وأن هذه الخطوة جاءت بعد جَهد، وبتصميم من راعي إحدى الكنائس [6] على الرغم من عدم تأييد المَجْمع وقتها، مما يعكس إيمان بعض الرجال بحقوق المرأة والسعي لإقرارها كما تقول، كما أن عدد من تمّ ترسيمهن شيخات مدبّرات محدود [7] . وتؤكد أن النساء يقمن بالفعل بخدمات عديدة داخل الكنيسة [8] كالتعليم والترنيم ولكن بدون مقابل، فيتم استغلال النساء مع حرمانهن من المقابل المادي لجهودهن، ومن سلطة اتخاذ القرار داخل الكنيسة.
وهي تستغرب من موقف كنيستها في مصر، فالعديد من الكنائس الإنجيلية في بلدان أخرى قامت برسامة نساء قسيسات، كما حدث في سوريا ولبنان وإندونيسيا وبلدان إفريقية. وقد أثبتن جدارة. مع ذلك ترى أن الوضع في الكنيسة الإنجيلية بوجه عام أفضل من كنائس أخرى كالأرثوذكسية التي لا تزال تمنع المرأة من مجرد دخول الهيكل، ومن طقس التناول في فترة الحيض [9] "هاتقولي لهم الست تبقى قسيسة؟! مش هايقبلوها طبعا".
في حوار لها [10] أكدت رولا سليمان أن رسامة المرأة أمر غير محرّم بل من تعاليم السيد المسيح، وأنها ليست حركة نسائية أو موضة. وقالت إن المشكلة تكمن في عادات وتقاليد المجتمع العربي الذكوري الذي لا يقبل قيادة المرأة، وإن التجارب العملية تنتصر دائماً على الأفكار النمطية والتقليدية السائدة في المجتمع.
بين رفضٍ وإرجاء
في الكنيسة الأرثوذكسية، أكبر الطوائف المسيحية في مصر، لا يُسمح للمرأة بتولي أي رتبة كهنوتية، أسقفية أو قسيسية أو شماسية [11] . وردّا على سؤال عن رِسامة المرأة، قال البابا تواضروس إن هذا الأمر مرفوض في الكنيسة القبطية (الأرثوذكسية) تماماً، وإن كهنوت المرأة أمر "لا يُناقَش ولا يُقرَّر ولا هو مقبول ولا هو في التفكير".
وفي أيار/ مايو 2020 أصدر الأنبا أغاثون أسقف مغاغة والعِدوة للأقباط الأرثوذكس بمحافظة المنيا بحثا بعنوان "لماذا ترفض كنيستنا القبطية الأرثوذكسية كهنوت المرأة وأعماله؟" [12]، قال فيه إن إقامة النساء في الدرجات والرتب الكهنوتية باطل وغير شرعي "لأن الله لم يشرعه إطلاقاً"، وإن "مبدأ المساواة بين النساء والرجال في السيامات الكهنوتية وأعمالها مبدأ لم يوافق الله عليه"، معتبرا كهنوت المرأة بدعة، وانحرافاً على غرار زواج المثليين، نتيجة الفهم الخاطيء للحرية والمساواة، فالتشريع الإلهي للكهنوت الخاص يُقصره على الرجال، مفرّقاً بين نوعين من الكهنوت: كهنوت روحي عام لجميع المؤمنين، وكهنوت سرائري خاص للرجال فقط، دون النساء والأطفال.
يبدو الوضع أكثر مرونة في الكنيسة الإنجيلية، التي لا تؤمن بنظام الكهنوت أو بالأسرار المقدسة، إذ تضم بالفعل أصواتاً مؤيدة لرِسامة المرأة قسيسة، وكانت السيدة آن إميل زكي قد تقدّمت بطلب للرِسامة عام 2009، وافق عليه مجمع القاهرة الإنجيلي بداية عام 2012 بأغلبية الأصوات، لكنّ المجمع الأعلى لم يصادق على القرار، لتظل المسألة معلّقة بدعوى النقاش. وفي حوار معه [13] ، قبل عامين، قال القسّ نادي لبيب رئيس سنودس النيل الإنجيلي (المجمع الأعلى للكنائس الإنجيلية) إن هناك حالة عدم رضا عن سيامة المرأة قسّة في مصر بوجه عام، وإن "الكنيسة الإنجيلية المصرية لا تقبل تلك الفكرة، وكذلك مجتمعنا وكنائسنا الأخرى، لذا تم إرجاء مناقشة القضية حتى عام 2026". وعلّق على سيامة قسيسة مصرية بإحدى الكنائس الأمريكية بأنه قرار يخصّ الكنيسة الإنجيلية في الولايات المتحدة "وليس لنا علاقة به من قريب أو بعيد".
تفاسير ذكورية
ربما لا يعكس وجود امرأة في مناصب عليا – بالضرورة - تحسّن أوضاع النساء بوجه عام، لكنه من ناحية أخرى يظل دالّا على مكانة المرأة في أي نظام: هل لها حقوق متساوية مع الرجل؟ هل تُقبل كقائدة؟ هل هناك تمييز على أساس الجنس يعرقل النساء ذوات الكفاءة؟. وبطبيعة الحال فإن تقييد أو تحجيم النساء أو الانتقاص من حقوقهن عادة ما يستند إلى نصوص كتابية. بالنسبة لمارسيل فؤاد المشكلة ليست في تلك النصوص بل في أنها فُسّرت من قبل الذكور، وتذكر مقولة لسيمون دي بوفوار إن كل ما كُتب بواسطة الرجال يجب أن يثير الشبهات لأنهم خصوم وحكّام في الوقت نفسه. وتستعرض المؤلفة في كتابيْها عدداً من النصوص التي تقول إن المفسرين الرجال "المتشبّعون بوهم التفوق الذكوري" قد استخدموها لتأكيد تميّز الرجل وسلطته على المرأة التي عليها أن ترضى بالدرجة الأدنى، وتصف تفاسيرهم بأنها تثير الاشمئزاز وتُشعرها بالإهانة والتدنّي وتفسد علاقة المرأة بالله وتشعرها بالظلم والغُربة داخل "بيت الله"، لذلك فالحاجة ماسّة لـ "ثورة على تفاسير الدين العنصرية".. منتقدة ما يفعله المفسرون الذكوريون من الانفراد بنصّ وتجاهل نصوص أخرى، فـ"نصف الحق ضلال كامل"، وتجاهل ما يتفق مع العقل والعصر، فضلاً عن التأثر بأفكار يهودية تحطّ من قدر المرأة.
من تلك النصوص مثلاً:
-"فإن الرجل لا ينبغي أن يغطّي رأسه لكونه صورة الله ومجده. وأما المرأة فهي مجد الرجل. لأن الرجل ليس من المرأة، بل المرأة من الرجل. ولأن الرجل لم يخلق من أجل المرأة، بل المرأة من أجل الرجل" (1 كو 11: 7-9)
-"لأن آدم جُبِل أولا ثم حواء. وآدم لم يُغوَ لكن المرأة أغويت فحصلت في التعدّي" " (1 تي 2: 13-14)، وتوضّح المؤلفة أن "الكتاب يؤكد على خطيّة آدم وحواء معاً حتى إن الرب عاقبهما معا".. وهي تخصّص فصلاً من أطول فصولها عن "قصة أدم وحواء كما لم تعرفها من قبل".
ومن هذه النصوص كذلك ما يُعرف بآيات الصمت، والتي استخدمت كدليل لمنع المرأة من الخدمة الجهارية في الكنائس، ويُقصد بها التعليم والوعظ على المنبر، أو السماح لها بممارسة ذلك مع النساء والأطفال فقط:
-"لتصمت نساؤكم في الكنائس لأنه ليس مأذونا لهن أن يتكلمن بل يخضعن كما يقول الناموس أيضا. ولكن إن كنّ يردن أن يتعلمن شيئا فليسألن رجالهن في البيت لأنه قبيح بالنساء أن تتكلم في كنيسة" (1كو14:34).
-"لتتعلم المرأة بسكوت في كلّ خضوع. ولكن لست آذن للمرأة أن تُعلّم ولا تتسلط على الرجل، بل تكون في سكوت" (1تي 2: 12).
وتعليقا على هذين النصّين تتناول بتفصيل كلمات: "تصمت" "يتكلمن" "سكوت" "تُعلّم".. فالأولى كلمة يونانية Sigao مفتاحية للنص وردت 8 مرات في العهد الجديد ولم تُشر إلى الصمت التام إنما المؤقت "أي بمعنى سكوت الاحترام وعدم مقاطعة أحد في الحديث، فهي تشير للهدوء وليس الصمت".
أما "يتكلمن" فليس معناها يُعلّمن، بل مراد الرب رفض التشويش لا رفض استخدام المرأة لمواهبها بطريقة صحيحة، خاصة أن "القرينة الأقرب لهذه الآية والتي نجدها في سياق الإصحاح هي أن إلهنا ليس إله تشويش" إذ ينتهي نصّ قريب من هذا النص بعبارة "وليكن كل شيء بلياقة وحسن ترتيب".
القراءات النسوية للنصّ القرآني: سـؤال اللغة
02-11-2019
أما كلمة "سكوت" فتقول عنها إن "المعنى في الأصل اليوناني مختلف تماماً عمّا توحيه لنا الكلمة العربية"، حيث كان بولس الرسول يحثّ النساء على أن تتعلم دون أن تُحدث تشويشاً في المكان، أي على الهدوء، "أمّا المعنى العربي فيشير إلى الصمت أي السكوت نهائياً"، وهنا تشير إلى تحيّز المترجمين الرجال حيث تُترجم الكلمة بمعنى "تصمت" عند الحديث عن المرأة بينما تترجم "هدوء" في الآيات الأخرى.. كما أن تصريف الفعل المستخدم في الأصل اليوناني يقودنا لمعنى مختلف لكلمة "تُعلّم"..
في الكنيسة الأرثوذكسية، أكبر الطوائف المسيحية في مصر، لا يُسمح للمرأة بتولي أي رتبة كهنوتية، أسقفية أو قسيسية أو شماسية. وردّا على سؤال عن رِسامة المرأة، قال البابا تواضروس إن هذا الأمر مرفوض في الكنيسة القبطية (الأرثوذكسية) تماماً، وإن كهنوت المرأة أمر "لا يُناقَش ولا يُقرَّر ولا هو مقبول ولا هو في التفكير".
الوضع أكثر مرونة في الكنيسة الإنجيلية، التي لا تؤمن بنظام الكهنوت أو بالأسرار المقدسة، إذ تضم بالفعل أصواتاً مؤيدة لرِسامة المرأة قسيسة. وكانت السيدة آن إميل زكي قد تقدّمت بطلب للرِسامة عام 2009، وافق عليه مجمع القاهرة الإنجيلي بداية عام 2012 بأغلبية الأصوات، لكنّ المجمع الأعلى لم يصادق على القرار، لتظل المسألة معلّقة بدعوى النقاش حتى عام 2026.
وهي تتحدث أيضا عن السياق التاريخي ووضع المرأة آنذاك وتَغيُّره، فتقول إن السائد في البلاد اليونانية وقت رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس كان استهجان المرأة التي تشارك في الحياة العامة ولذلك وردت كلمة "قبيح". كما أن المرأة كانت غير متعلمة بينما هي الآن تتعلم وتتفوق سواء في التعليم العادي أو في كليات اللاهوت.. داعية النساء - بلغة خطابية - لاستخدام مواهبهن، مقتدِيات بشخصيات نسائية عديدة ورد ذكرهن في العهدين القديم والجديد مثل دبّورة "النبية والقاضية والتي حكمت وقادت الشعب رجالا ونساء.."، وحنّة "النبيّة التي تكلمت عن الرب على مسمع من كل الحاضرين في الهيكل"، وفيبي وبريسكلا وطابيثا وأخريات...
الرجل رأس المرأة
وهو من أشهر النصوص المسيحية المتعلقة بالمرأة:
"ولكن أريد أن تَعْلَموا أن رأس كل رجل هو المسيح، وأمّا رأس المرأة فهو الرجل، ورأس المسيح هو الله" (1كو 11: 3)، "أيّها النساء اخضعن لرجالكن كما للرب. لأن الرجل هو رأس المرأة كما أن المسيح أيضا رأس الكنيسة، وهو مُخلّص الجسد. ولكن كما تخضع الكنيسة للمسيح، كذلك النساء لرجالهن في كل شيء" (أف 5: 22- 24).
تقول مارسيل إن التفسير السائد لهذه الآيات خاطيء، أعطى سلطة مطلقة للزوج على حياة زوجته "فهو الرأس أي العقل والتفكير وهي الجسد أي الدمية التي تنفذ أوامر هذا العقل. وتصوير الرجل بالمسيح يعطي قدسية للرجل فهو شبيه بالله". مؤكدة أن هذا ليس هو مقصد الله الذي خلق الذكر والأنثى - وليس الذكر وحده - على صورته: "فخلق الله الإنسان على صورته. على صورة الله خلقه. ذكرا وأنثى خلقهم" (تك 1: 27)، وأكد على المساواة التامّة بين الجنسين: ".. ليس ذكر وأنثى، لأنكم جميعاً واحد في المسيح يسوع" (غلا 3: 28). وأن المقصود بكلمة الرأس مصدر أو بداية وليس "عقل" [14]. وأن الرجل رأس المرأة داخل الأسرة أي بالنسبة لزوجته وليس بصورة مطلقة كل رجل هو رأس المرأة، وتضيف أن الرأس ليس امتيازاً وإنما "مسئولية يفشل فيها معظم الرجال..". كما أن "مقارنة الرجل بالمسيح مقارنة محدودة ونسبية وغير شاملة فالرجل يخطيء ولكن المسيح لا يخطيء، ورئاسة المسيح للكنيسة شيء متميّز كليّة عن رئاسة الرجل.."، "فالزوج ليس إله الزوجة وليس له أن يتحكم في علاقتها بالرب أو منعها عن العمل أو الدراسة أو حجزها في البيت أو استخدامها كخادمة.."، والرأس يعني الحب والعطاء والتضحية، وهو الذي يَخدم وليس يُخدَم "فالرب الرأس غسل أرجل التلاميذ.. أما الرجال فجعلوا من نسائهم خادمات بلا أجر..".
تؤكد أيضاً أن الكتاب المقدس ينفي فكرة الأدوار، وإن حصر المرأة في المطبخ والأعمال المنزلية يجعل تفكيرها محدوداً لأنها لا تحتكّ بالعالم، والعديد من الشخصيات النسائية المذكورة فيه قامت بأدوار غير تقليدية مثل ياعيل التي حاربت مثل الرجال، وأبيجايل التي وُصفت بانها ".. وكانت المرأة جيدة الفهم وجميلة الصورة، وأما الرجل فكان قاسيا ورديء الأعمال.." (1 صم 25: 3).
ميراث المرأة
تؤكد مارسيل فؤاد أن جعل حظ المرأة في الإرث نصف حظ الرجل يتنافى مع "مبادئ" الكتاب المقدس ومنها مبدأ المساواة بين الجنسين، كما أنه لا يناسب العصر الحالي الذي صارت فيه المرأة تشارك في المسئوليات المادية للأسرة.
وتوضّح أن التشريع الإسلامي في الميراث يتم تبريره بأن المرأة عند زواجها تحصل على مهر، وهو حق غير موجود في المسيحية، ومن ثم فإن حرمان المرأة المسيحية من نصيب متساو في الميراث هو ظلم لها ويؤدي إلى تدهور وضعها الاقتصادي والاجتماعي مقارنة بإخوتها الذكور ممّا يكون له تداعيات سلبية عميقة على حياتها. فضلاً عن أنه في الريف المسيحي تُحرم المرأة اصلاً من ميراث والدها أو شقيقها فإذا لجأت للقانون واجهت النبذ والقطيعة.
وهي تطالب باعتماد لائحة 1938 الخاصة بالأحوال الشخصية للأقباط الأرثوذكس التي تنصّ على أن الذكر يرث مثل الأنثى، عوضا عن تطبيق قوانين مستمدة من الشريعة الإسلامية، خاصة بعد دستور 2014 الذي نصّ في مادته الثالثة على أن "مبادئ شرائع المصريين من المسيحيين واليهود المصدر الرئيسي للتشريعات المنظّمة لأحوالهم الشخصية وشئونهم الدينية واختيار قياداتهم الروحية".
وكانت أحكام قضائية قد صدرت بالفعل خلال السنوات الماضية في دعاوى إرث لمسيحيين بأن يتم التقسيم بالتساوي بين الذكور والإناث، منها حكم صادر بتاريخ 20 ايار/ مايو 2020 عن محكمة استئناف القاهرة اعتمد - كما هو وارد في نصّ الحكم المنشور - على المادة الثالثة من القانون رقم 1 لسنة 2000 "التي نصّت على أنه تصدر الأحكام في المنازعات المتعلقة بالأحوال الشخصية بين المصريين غير المسلمين المتّحِدِي الطائفة والملّة الذين كانت لهم جهات قضائية ملّية منظمة حتى 31 ديسمبر 1955 طبقا لشريعتهم فيما لا يخالف النظام العام.. فتكون لائحة الأقباط الأرثوذكس واجبة التطبيق".
لكن تجربة مارسيل فؤاد كانت مختلفة، ففي أعقاب وفاة والدتها في تشرين الثاني/ نوفمبر 2019 قامت برفع دعوى لتقسيم الميراث بالتساوي بينها وبين إخوتها الذكور، إلا أن الحكم لم يكن في صالحها. تفسّر ذلك بأن الأمر مقتصر على الطائفة الأرثوذكسية ولا يشمل كلّ الطوائف، وإن أصرّت كما تقول على أخذ نصيبها متساويا، على الرغم من ذلك.
ومن المقرّر أن ينصّ قانون الأحوال الشخصية الجديد للمسيحيين باختلاف طوائفهم، والمتوقع صدوره قريبا، على المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث.
وصايا زواج أم صكّ عبودية؟
تحت هذا العنوان كتبت مارسيل فؤاد عن وصايا الزواج في الكنيسة الأرثوذكسية، معبّرة عن صدمتها كامرأة من هذه الوصايا "التي يجب أن تراجَع لتكون متطابقة مع مبادئ الكلمة ومناسبة للمرأة العصرية" وليس نموذج "أمينة وسي السيد".. تتضمّن الوصية الموجهة للزوج "يجب عليك أيّها الابن المبارك المؤيّد بنعمة الروح القدس أن تتسلم زوجتك.. بنيّة خالصة ونفس طاهرة وقلب سليم. وتجتهد فيما يعود لصالحها وتكون حنونا عليها وتسرع إلى ما يسر قلبها فأنت اليوم مسئول عنها بعد والديها.." وتعلّق على ذلك بأنه "كلام رائع ولكن غير محدِّد لمسئوليات الزوج تجاه زوجته"، كما أن الزوجة ليست قاصرا لتحتاج من يكون مسئولا عنها أو متخذ القرارات بدلا منها، بينما الكتاب وصف حوّاء أو الزوجة بـ "مُعينًا نظيرَه" أي إنسان قوي يسانده في الحياة.
أما الوصية الموجهة للعروس فتتضمن الآتي: "وأنتِ أيتها الابنة المباركة.. فيجب عليك أن تكرميه وتهابيه.. ولا تخالفي رأيه. بل زيدي في طاعته على ما أوصي به أضعافاً.. وهو المسئول عنك بعد والديك.. والله تعالى أوصاك بالخضوع له وأمرك بطاعته بعد والديك. فكوني معه كما كانت أمنا سارة مطيعة لأبينا إبراهيم وكانت تخاطبه يا سيدي.."
وتتساءل: "لماذا لم يقل لها المؤيّدة بروح القدس مثل العريس؟!" كما تعلق على الوصية بأنها تعطي للعروس قائمة من الأوامر لاتوجد في وصية العريس مما يجعل هذه الوصايا تفتقر للتوازن.. عبارة "لا تخالفي رأيه" تثير تعجّبها أيضا "هل المطلوب مني كزوجة أن أتخلى عن افكاري ومعتقداتي لكي أتبنّى معتقدات وأفكار زوجي؟.." فالله نفسه أعطى الإنسان الحرية في قراراته..
"الكتاب المقدس ينفي فكرة الأدوار، وإن حصر المرأة في المطبخ والأعمال المنزلية يجعل تفكيرها محدوداً لأنها لا تحتكّ بالعالم، والعديد من الشخصيات النسائية المذكورة فيه قامت بأدوار غير تقليدية، مثل ياعيل التي حاربت مثل الرجال، وأبيجايل التي كانت المرأة جيدة الفهم وجميلة الصورة، وأما الرجل فكان قاسياً ورديء الأعمال.."
وعن الخضوع تقول إنه يكون للرأي الأكثر نفعا والصادر من الطرف الأكثر تخصّصا وفهما للموضوع، أمّا أن نطلب من طرف معين الخضوع دائما فهذا يعني أنه عبد وغير كامل الأهلية، كذلك لا يوجد في البيت قائد بل تناوُب على القيادة. وإذا كان النص يقول: "اخضعن لرجالكن" (أف 5: 22)، فإن الخضوع كما تراه هو موقف إيجابي بين التمرّد والخنوع، ويكون ردا طبيعيا على الحبّ والتضحية، ولا يعني إلغاء الشخصية أو الرضى بالظلم، وهو مطلوب من الكلّ وليس فقط من المرأة "خاضعين بعضكم لبعض في خوف الله" وهي الآية السابقة مباشرة (أف 5: 21)، فيكون الخضوع "في الرب" أي غير معاكس لوصاياه وتعاليمه عن حرية الإرادة والفكر.. بخلاف ما يفعله الرجال من اتخاذ هذه النصوص غطاء لقهر زوجاتهم.
وتضيف أن الخضوع وغيره من الأوامر ينبغي أن تكون تبادلية، فعندما يطلب الله من الرجال "أيها الرجال أحبّوا نساءكم" لا يعني هذا أن النساء لا تحب رجالها، ومثل ذلك طلب الخضوع من المرأة لا يعني ألا يخضع الرجال لزوجاتهم. وتعطي أمثلة من الكتاب المقدس لرجال خضعوا لنساء بأمر الله..
أشارت أيضا إلى كشف العذرية [15] الذي تطالب به كنائس قبل إتمام الزواج بدعوى حماية الفتاة ووصفته بالكارثة وبأنه يعكس قناعة الكنيسة بأن "الطهارة هي صفة المرأة فقط" دون الرجل، وتعلّق على ذلك بأن هذا الفكر "ضد كلمة الله التي تعتبر أن مجرد نظرة الرجل الشريرة للمرأة زنا"، ففي (متى 28: 5) "وأمّا أنا فأقول لكم إن كل من ينظر إلى امرأة ليشتهيها فقد زنى بها في قلبه"، وأن القداسة الجسدية مسئولية الاثنين "احفظ نفسك طاهرا".
كما تؤكد حق الزوجة في أن تقول لا إذا لم ترغب في العلاقة الجنسية.. وتقتبس قولا لـ د. سامي فوزي ينتقد فيه العظات التي يستفيض المتحدثون فيها في شرح واجبات الزوجة ويضعون كل الأعباء على كتفيها بينما يمرّون مرور الكرام على دور الزوج. وتختم الفصل بسؤال: "هل لا بد أن نسمع هذا الكلام من رجل لنقتنع أو على الأقل نفكّر؟ لماذا لا نعتدّ بكلام المرأة عن نفسها وحقوقها؟ فحقوق المرأة لا ترد إلا من خلال امرأة قوية مؤمنة بحقها".
الطلاق والزواج الثاني
تعيش العديد من النساء المسيحيات والرجال أيضا "مأساة" بسبب عدم القدرة على الحصول على الطلاق وعلى تصريح الزواج الثاني، إذ تبقى ملفاتهم معلّقة في الكنيسة لسنوات دون حلّ [16]. ورغم عمق المشكلة وتعقّدها، عالجت مارسيل فؤاد القضية في فصل قصير بعنوان "موت أو زنى أو ترك الدين". وعلى غير المعتاد، لا نجدها هنا تذهب بعيدا، فهي تطالب بوجود تشريع مسيحي بالانفصال "حتى إذا كان بدون زواج ثانٍ"، كإجراء مؤقت إلى أن يتم الطلاق، أو كحلّ بديل في حالة عدم وجود أيّ من الأسباب المنصوص عليها للطلاق. وإذا كانت تطالب أيضا بإضافة أسباب للطلاق إلى جانب الزنا وتغيير الدين (كالجنون، أو الإدمان، أو السجن) فإن هذه الأسباب تظل "استثنائية"، على الرغم من أن لائحة 38 التي استشهدت بها في مسألة الميراث قد توسّعت في الأسباب التي تبيح الطلاق، كإساءة أحد الزوجين معاشرة الآخر أو الإخلال بواجباته.. قبل أن يتم تعديلها عام 2008 في عهد البابا شنودة (تُوفي عام 2012) الذي قصر أسباب الطلاق على علّة الزنا [17]، مما ضيّق كثيرا على الناس.. في الوقت ذاته ترى مارسيل أن تقييد الطلاق ومنع الزواج الثاني هو أمر في صالح المرأة وتأديب ضمني للرجل ولئلّا يستسهل "فشل الأسرة"، فمعظم النساء من وجهة نظرها يكنّ غير راغبات في الزواج مرة أخرى بل تكتفي المرأة برعاية أبنائها.. ومن الصعب أن يصمد هذا الرأي أمام واقع العديد من السيدات المسيحيات المعلّقات، وكثير منهن شابّات، ومنهن من لم ينجبن بعد.
"وصايا زواج أم صكّ عبودية؟". تحت هذا العنوان كتبت مارسيل فؤاد عن وصايا الزواج في الكنيسة الأرثوذكسية، معبّرة عن صدمتها كامرأة من هذه الوصايا "التي يجب أن تُراجَع لتكون متطابقة مع مبادئ الكلمة ومناسِبة للمرأة العصرية" وليس نموذج "أمينة وسي السيد"..
وتقول إنه ينبغي ألا يترك هذا التشريع لرجال الدين وحدهم بل أيضا لنساء الدين "ليعبرن عن مشاكلهن ويحملن معاناتهن ومعاناة أولادهن". ولا يبدو أن قانون الأحوال الشخصية للمسيحيين المزمع صدوره قد حظى بمشاركة نسائية أو مجتمعية في نقاشاته التي استمرت طويلاً بين ممثلي الكنائس.
"أتمنى أن أكون نوال السعداوي في المسيحية"
بدا واضحا تأثّر المؤلّفة الكبير بنوال السعداوي التي تتجاور اقتباساتها مع نصوص الكتاب المقدس على صفحات الكتاب. تصفها مارسيل فؤاد بأنها "أمّي الثانية"، وتقول إن علاقتها بها بدأت منذ الصغر حين بدأت تقرأ كتبها. لاحقا تصبح الكاتبة من الدائرة القريبة منها التي تتولى تنظيم محاضراتها وتواظب على حضورها، كما زارتها في منزلها مرّات. وتقول إن مناقشات نوال معهم كانت تفتح عقولهم على أفكار جديدة وجريئة وثوريّة تصطدم مع الأفكار الراسخة لديهم منذ سنين. وإنها طرحت على نوال السعداوي بعض أفكارها النسوية المسيحية وكانت تناقشها، وكانت سعيدة بجهودها النسوية في السياق المسيحي.
إلى جانب نوال السعداوي وسيمون دي بوفوار قرأت مارسيل فؤاد لكاتبات من داخل المنظومة المسيحية، مصريات وأجنبيات، ولرجال دين أيضا وكتّاب مسيحيين، وهو ما يتضح من القائمة القصيرة لمراجع كل فصل من فصول كتابيها، إلا أنها تقول إن كتاباتها أكثر جرأة.. "في العادة لا تودّ الكاتبات الدخول في تصادم مع المؤسسة الدينية لذلك يتبعن أسلوباً ناعماً بينما أنا لا أحب طريقة الترجّي وأتبع أسلوباً حاداً بسبب ما أشعر به من ظلم رهيب ولأن هذا حقي من الله". هذا الوضوح والحدّة والصراحة بأن الكنيسة غير عادلة ولا تطبّق وصية الله جعلها تواجه صعوبات في توزيع الكتاب داخل الكنائس.
لكن نوال السعداوي كانت ناقدة حادّة لجميع الأديان، فهل من السهل أن تستشهدي وتتأثري بأفكارها إلى هذا الحدّ، كامرأة مؤمنة؟
نوال السعداوي أكثر شخص مؤمن قابلته لأنها تستخدم عقلها الذي خلقه الله ويُحسب لها بحثها وتفكيرها واجتهادها وعدم أخذها الدين بالوراثة. كانت دائما تقول إن الدين والإيمان بالوراثة باطل، واعتقادي أنها أفضل بكثير أمام الله من أي شخص آخر أخذ الدين بالوراثة دون أن يبحث ويدرس وينظر.
وهي بالنسبة لي أكثر شخص يحب الله لأنها رفضت التشوّهات باسمه، الدين بالنسبة لها علاقة حقيقية بين الإنسان والله، وليس كتبا دينية تُطبع وتُحفظ وتسمّع ويستغلها كل فريق لإيذاء الآخر. وحتى إن وصلت إلى عدم وجود دين صحيح ففي اعتقادي سوف يتقبلها الله، لأنها تعبت وبذلت الجهد في التفكير والنقد والبحث و"المعافرة" مع الناس، فالطالب الذي يبحث ويجتهد، حتى إن لم يصل في النهاية، يأخذ درجة على بحثه واجتهاده بعكس من لم يفعل.
وإن كانت قد اتخذت موقفا حادّا من الدين، فبسبب من يستخدمونه لإذلالها كامرأة، ولكنها لم تأخذ موقفا معاديا من الله، بل كانت تقول دائما "الله العدل عرفوه بالعقل".. كانت إنسانة مؤمنة لكنها ضد استخدام الدين لقمع المرأة، خاصة مع احتكاره من قبل الرجال [18].
وعن ردود الفعل على كتابها تقول مارسيل فؤاد إن الردود في دائرتها القريبة تباينت بين التشجيع والهجوم، وإن العديد من النساء حولها تفاجأن بما ورد في الكتاب وهنّ يتمنين بالفعل لو كانت هناك قسيسة امرأة يرتحن في الحديث معها وتتحدث باسمهن في المجامع الدينية وتدافع عن حقوقهن وتدعمهن في مشكلاتهن، لا سّيما الأسريّة. لاحظتْ أيضا أن الكتاب جعل النساء يفكّرن ويعترضن، وصار الكتاب لهن مرجعاً يستشهدن به في نقاشاتهن مع القساوسة. في المقابل هناك من هاجمها واتهمها بأنها ضد الإنجيل وبأنها تبتدع ديناً جديداً وأن ما أتت به يخالف الكتاب المقدّس. وتقول إن الهجوم الأكبر تلقّته من نساء، وبالتحديد الفئات الأقل وعياً الراضيات بدور التبعيّة وبالتحكم الذكّوري ولا يرين غيره، وليس لديهن رغبة في القيادة.
الحركةُ النسويةُ في مصر حيةٌ لم تَمُت
08-09-2019
وتؤكد مارسيل فؤاد أن المسيحيات بحاجة إلى النسوية، فالنسوية تُعطي النساء الوعي فينتبهن لأوضاع المرأة في الأسرة والمجتمع والدين.. وتجعلهن يدركن المظالم الواقعة عليهن، ومنها تلك التي مورست داخل المؤسسات الدينية التي احتكر فيها الرجال تفسير كلمة الله كما احتكروا الأدوار القيادية والفعّالة لتصير الكنيسة "مستعمرة ذكورية"، وهي تعطيهن كذلك "الجرأة" لبعبرن عن فهمهن للنصوص. وترى أن أهم مجال تدخله المرأة هو المجال الديني لأن فيه توضع هالة مقدّسة حول الشخص، وعندئذ تنتهي أفكار مثل النجاسة والتحرشّ والاغتصاب. وتؤكد أيضا أن أية مؤسسة يقتصر العاملون والفاعلون فيها على جنس واحد دون الآخر هي مؤسسة تعاني من العَوَر. وأن الأجدر بمؤسسة تقول إنها تمثل الله ألّا تمارس التمييز.. من أين ننتظر العدل إذاً؟!
[1] https://www.elwatannews.com/news/details/4712553
[2] ردّا على سؤال عن دخول المرأة الهيكل على موقع الأنبا تكلا كانت الإجابة أنه غير مسموح للمرأة سواء كانت طفلة أو شابّة أو مسنّة "فالأمر لا علاقة له بالسن بل بالجنس بالنسبة للنساء، وبالرتبة بالنسبة للرجال، مع استثناءات بسيطة للرجال وليس النساء" وذلك اعتمادا على آيات الكتاب المقدس.
[3] https://bit.ly/3FwpPkg
[4] https://www.facebook.com/coptic.women.rights/
[5] العنوان مستمد من قول للسيد المسيح في الكتاب المقدس.
[6] تشير مارسيل في كتابها إلى المسار التاريخي لرسامة المرأة شيخا مدبّرا بالكنيسة الإنجيلية، ففي عام 1971 اتخذ القس لبيب مشرقي راعي كنيسة الملك الصالح بالقاهرة القرار وبالفعل تمت رسامة سيدتين هما السيدة ماري فاضل والسيدة منيرة توفيق. وفي عام 2002 اتخذ مجلس الكنيسة الإنجيلية الأولى بأسيوط برئاسة القس باقي صدقة قرارا مماثلا برسامة السيدة مارسيل مهنّى شيخا بالكنيسة. وفي عام 2006 أقر السنودس بالإجماع حق رسامة المرأة شيخا، على أن يُترك للمجامع ومجالس الكنائس حرية تنفيذ القرار. والجدير بالذكر أنه في عام 1937 كان القس غبريال رزق الله رئيس مجلس الكنيسة الإنجيلية آنذاك قد اتخذ قرارا برسامة المرأة شيخا مدبّرا إلا أن الخطوة لم تتم بسبب اعتراض أحد القساوسة.
[7] رُسِّمت شيخات مدبّرات أيضا في كنائس إنجيلية بالفيوم والإسكندرية والمنيا أعوام 2007 و2008 و2010.
[8] قال القس صموئيل زكي راعي الكنيسة الإنجيلية بعزبة النخل بالقاهرة خلال مداخلة بإحدى القنوات المسيحية إن للمرأة دورا عظيما داخل الكنيسة، فمن خلال إحصاء أجراه داخل كنيسته وجد أن 85% ممن يقومون بالخدمة نساء مقابل 15% أو أقل للرجال، وتتنوع خدماتهن ما بين تعليم الأطفال في مدارس الأحد، وخدمة الشباب والسيدات، والوعظ والتسبيح والمشورة وغيرها.
[9] سؤال عن التناول أثناء الطمث كانت إجابته أنه غير جائز إطلاقا، على موقع الأنبا تكلا، وفي عام 2017 كان قرار المجمع المقدّس بإمكانية السماح بالتناول في حالات استثنائية وليس كقاعدة عامّة. بينما تبيح الكنيسة الكاثوليكية للمرأة التناول في فترة الحيض وما بعد الولادة.
[10] https://www.albawabhnews.com/2734916
[11] النساء الشمّاسات رتبتهن خدمية وليست كهنوتية.
[12] https://bit.ly/3ArHENE
[13] https://www.dostor.org/2663144
[14] في السياق الغربي، ثمة ردودفعل ناقدة لما ذهبت إليه النسويات المسيحيات من جانب رجال دين، مثال ذلك ما كتبه القس البروتستانتي رون رودز Ron Rhodes في مقال له مترجم للعربية بعنوان "الجدل الدائر حول اللاهوت النسوي: أيّ الآراء يتبع الكتاب المقدّس؟" -الجزء الثالث من سلسلة من ثلاثة مقالات عن لاهوت التحرير. في هذا المقال يقدّم رودز تقييماً نقدياً للمنهج النسوي الذي تتبعه النسويات الإنجيليات على الرغم من "الإسهامات المهمة والإيجابية" التي قدمنها، إلا أن ذلك لا ينفي على حد قوله وجود "الكثير من المشكلات الواجب الالتفات إليها" في أطروحاتهن. من ذلك: 1- الافتراض بأن سيادة الرجل على المرأة نتجت عن سقوط آدم وحوّاء في الخطيئة وأن مجيء المسيح وموته قد حرّر "الإنسانية من اللعنة التي لحقت بها جرّاء الخطيئة ولذا لم يعد على النساء أن يخضعن لرئاسة الرجال، ويمكنهما الآن استعادة العلاقة التبادلية والتكاملية التي كان آدم وحواء يستمتعان بها قبل السقوط"، كما كتبت إحدى هؤلاء النسويات. ويرد رودز على ذلك بأن رئاسة الرجل قد تأكدت منذ الخلق نفسه وليس بعد السقوط. فرئاسة أو قيادة الرجل وتبعية المرأة هو نسق السلطة الذي أراده الله منذ البداية. 2- أنه لا تعارض بين "ليس ذكر وأنثى.. في المسيح" و"أيها النساء اخضعن لرجالكن" فالمساواة الأنطولوجية والتسلسل التراتبي لا ينفي أحدهما الآخر كما يقول، وإن عقيدة التثليث نموذج لذلك، فيسوع يساوي الأب في كينونته ولكنه يخضع طواعية لقيادته. 3- أما بخصوص تفسير كلمة رأس بأنها "مصدر" فيذكر نقلا عن الباحث المتخصص في العهد الجديد وين جرودم Wayne Grudem أن الكلمة ترد في كل المعاجم المتخصصة في فترة العهد الجديد بمعنى "سلطان على"، بينما لا يورد أيّ من تلك المعاجم معنى "مصدر".
المقال منشور في كتاب "النسوية والدراسات الدينية" الصادر عن مؤسة المرأة والذاكرة بالقاهرة عام 2012. ويتضمن أبحاثا لنسويات مسيحيات وإسلاميات. من ترجمة رندة أبو بكر. نسخة إلكترونية من الكتاب على موقع المؤسسة عبر هذا الرابط.
[15] https://bit.ly/3iMuRPQ
[16] جانب من هذه المعاناة في حلقة من برنامج "هن" على قناة الحرة.
[17] نقاش مهم حول طلاق الأقباط من جانب محامين مسيحيين عبر هذا الرابط.
[18] في حواراتها، كانت نوال السعداوي تقول إن علاقتها باالله هي علاقة فيها تساؤل دائم، وإن هناك ثلاث جمل أثرت فيها من طفولتها، صنعتها وحرّرتها من الخوف، سمعتها من جدتها وأمها وأبيها، على الترتيب، وهي: "ربنا هو العدل عرفوه بالعقل"، "لا يوجد نار أو جهنم"، "ناقشي ربنا"، وإن لها فهمها الخاص للدين "مفهوم الله عندي هو العدل، وأي شيء يتناقض مع العدل يبقى مش في الدين، يبقى مالوش علاقة بالله". وتعد مسرحيتها "الإله يقدّم استقالته في اجتماع القمة" من أكثر أعمالها إثارة للجدل فيما يتعلق بتناولها للذات الإلهية، وللأديان.