الأرثوذكس العرب للإدارة اليونانية: "الأرض بتتكلم عربي"

يعود من جديد حراك الأرثوذكس العرب في الأردن وفلسطين المواجِه للهيمنة اليونانية. وهو لم يهدأ منذ 500 عاماً، وتحديداً منذ الاحتلال العثماني لمنطقتنا الذي دعم الحضور اليوناني في بطركية الروم الأرثذوكس المقدسية بعد أن كانت إدارتها عربية وكذلك بطاركتها. وعلى الرغم من عمر الرفض العربي الطويل للهيمنة اليونانية، إلا أن ثمة أصوات أرثذوكسية عربية لها رأي آخر في المسألة.وعلى أية حال، هم
2014-05-25

رانية الجعبري

قاصة وصحافية من الاردن


شارك
من اعتصام الجمعيات الأرثوذكسية في الأردن، الأسبوع الماضي،احتجاجا على سياسة بطريرك القدس وسائر اعمال فلسطين والأردن للروم الأرثوذكس ثيوفيلوس الثالث (من الانترنت)

يعود من جديد حراك الأرثوذكس العرب في الأردن وفلسطين المواجِه للهيمنة اليونانية. وهو لم يهدأ منذ 500 عاماً، وتحديداً منذ الاحتلال العثماني لمنطقتنا الذي دعم الحضور اليوناني في بطركية الروم الأرثذوكس المقدسية بعد أن كانت إدارتها عربية وكذلك بطاركتها. وعلى الرغم من عمر الرفض العربي الطويل للهيمنة اليونانية، إلا أن ثمة أصوات أرثذوكسية عربية لها رأي آخر في المسألة.وعلى أية حال، هم يعلقون في هذه الأيام احتجاجاتهم إكراما لزيارة البابا فرنسيس للأردن وفلسطين، مع أنه ليس رئيسهم الروحي. مساحة الصمت هذه تتيح فرصة رواية القصة.

حكاية الهيمنة اليونانية على الكنيسة

"أنا ضد تعريب الكنيسة"، إلى هذا المنحى يذهب النائب السابق د. عودة قواس، الذي يعتقد أن الكنيسة يجب أن لا يكون لها إثنية. ولا يتوقف عند هذا الحد، بل يعتبر أن أصل الخلافات بين الرعية العربية والإدارة اليونانية عمرها خمسون عاما ومنبعها شخصي. لا يقبل رئيس المجلس المركزي الأرثوذكسي في الأردن وفلسطين، د. رؤوف أبو جابر، هذه الرواية، فالخلاف من وجهة نظره مبدئي أساسي بين رعية عربية لكنيسة هي الأعرق عربياً، تشعر بالحيف نتيجة سيطرة مجموعة من الرهبان اليونان عليها. وعند الاطلاع على دراسة أعدها عضو المجلس المركزي الارثوذكسي في الاردن و فلسطين م. إميل الغوري، نجد أن بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية لم تعرف بداية عهدها إلا بطاركة عرباً، وإن البطريرك يوحنا منع الصلاة في الكنائس بأي لغة غير العربية حالما تولى كرسي البطريركية في العام 705. وإن البطريركية لم تعرف اليونان إلا مع الحكم العثماني، وكذلك عزز سطوتهم الانتداب البريطاني في مطلع القرن الماضي، وإن العرب الأرثوذكس ثاروا ردا على عزل البطريرك اليوناني داميانوس في العام 1908 الذي حاول منح العرب بعض حقوقهم، فانقلب عليه المجمع المقدس اليوناني متهما اياه بمحاباتهم.  وقتها شهدت مدن فلسطين مظاهرات واستمرت الانتفاضة حتى استولى العرب على جميع الاديرة عام 1909، ولم تهدأ الحال الى أن تم تحقيق مطالبهم. ولم يتمكن اليونان من مصادرة هذه الحقوق من جديد الا بعد بدء الانتداب البريطاني، وهي ما زالت مصادرة إلى اليوم.

الأراضي العربية في فك الصهاينة

رغم أن د. قوّاس أثار قبل 10 سنوات قضية تأجير أراضي في القدس لليهود على يد البطريرك اليوناني إرينوس، لكنه يرى أن الانحرافات في البطريركية فردية، وان من يقترفها يأخذ جزاءه، معتبرا أن البطريرك ثيوفيلوس يقوم الآن بمحاولة استرداد أراض قام إرينوس بتأجيرها. لكن دولة الكيان الصهيوني لم تمنح البطرك ثيوفيلوس الاعتراف الا بعد عامين من انتخابه. ويفسر رئيس الجمعية الأرثوذكسية المهندس باسم فراج هذه الخطوة بالتالي: "في العام 1951 استأجر الصهاينة من الكنيسة أراضي الطالبية لمدة 99 عاماً، وهي وقف أرثوذكسي، وأقاموا عليها الكنيست وبيت رئيس الوزراء ومرافق أخرى. ومساحة الارض 650 دونم، ولقد تم تجديد العقد في العام 2010 أي في عهد ثيوفيلوس لمدة 99 عاما أخرى". فما الذي يدفع دولة الكيان لتجديد عقد قبل 40 عاما من انتهائه؟ ببساطة، إذا حل العام 2049 ولم يتم الاتفاق على تمديد العقد، فإن الصندوق القومي اليهودي سيتحول إلى "رذاذ". فكل أموال دولة الكيان لا يمكنها تعويض من يمارسون حياتهم اليومية من اليهود على أرض الطالبية. "لكن بكم تمَّ تأجير أرض الطالبية وفق العقد الجديد؟" يجيب م. فراج بأن المبلغ لا يتجاوز العشرين مليون دولار، على الرغم من أن قيمة المأجور تصل إلى 2.5 مليار دولار. مما يدعو النائب السابق وعضو المجلس المركزي الأرثوذكسي، فوزي طعيمة، إلى التساؤل عن دخل الكنيسة، في ضوء أن معظم المدارس والكنائس التي تُبنى في الأردن وفلسطين هي من تبرعات الأرثوذكس والبطريركية غائبة عن هذا الشأن. ويرد على من يبرىء ساحة البطريرك ثيوفيلوس من تأجير الأراضي "لماذا لايكشف الحساب أمام أبناء الأرثوذكس ويقنعهم؟". كل مدخولات الكنيسة تختفي بشكل أو بآخر – وفق د. أبوجابر – ويسمع الرعية أنها تُحوَّل إلى عائلات هؤلاء الرهبان في اليونان.

الأرثوذكس العرب بين "حانا ومانا"

يقع الأرثوذكس العرب في الأردن وفلسطين بين 5 جهات، يلخصهم م. فراج: دولة الكيان الصهيوني الساعية لتهويد الأراضي العربية الأرثوذكسية، السلطة الفلسطينية، الأردن الذي له حق الوصاية على المقدسات المسيحية كما الاسلامية بموجب قانون بطريركية الروم الأرثوذكس المقدسية  رقم 27 لسنة 1958، وأمريكا الأقرب لسياسة اليونان، وأخيراً اليونان التي ترى أن البطريركية تمثل إرثها القديم في المنطقة. وإن البطريرك لا يمكنه البدء بمهامه ما لم يحصل على الاعتراف من الحكومة الأردنية وحكومة الكيان الصهيوني. رغم أن قانون العام 1958 لا يعبر عن طموحات الرعية، لكنه مع ذلك قانون معطَّل لا ينفذه البطريرك، ويتفرد بالحكم في الكنيسة متمتعا بسلطته المطلقة. وعندما لم يعترف الأردن عام 2005 بالبطريرك إلا بعد توقيعه على التزام بتنفيذ القانون، وقَّع ثم تنكر... وإن حراك العرب الأرثوذكس الحالي هو نتيجة لشعورهم بالظلم بسبب عدم تطبيق الالتزام. والأمر الذي يثير الدهشة وفق م. فراج هو عدم استماع رئيس الحكومة الأردنية عبد الله النسور لمطالب الأرثوذكس بضرورة احترام البطريرك اليوناني للقانون الأردني، إذ يعتبر النسور أن البطريرك يمثلهم وحواره لا يكون معهم بل معه! وما تخشاه الحكومة الأردنية هو وقوع البطريرك في حضن إسرائيل إن هي سحبت اعترافها به، لكن الأرثوذكس يردون بأنه واقع في كل الأحوال بحضنها، وتأجير الأراضي يعكس ذلك.

الكنيسة بتتكلم يوناني!

ينص قانون بطريركية الروم الأرثوذكس على أن البطريرك يجب أن يكون أردنيا. الحل في النهاية بسيط، إذ تمنح الحكومة الأردنية جوازات سفر أردنية للرهبان اليونان. وهؤلاء بدورهم، وليمنعوا العرب من الارتقاء في السلك الكنسي، فإنهم لا يسمحون للراهب العربي بدخول الكنيسة إلا في حال تزوج، كي لا يصبح بطريركا في المستقبل، فيختار الرهبان في الاردن وفلسطين الهجرة إلى بطريركيات أخرى. يقول د. قواس أن ما سبق مجرد حجة، وأن الأمر يتعلق بشباب يريدون أن يساموا رهبانا بين ليلة وضحاها. وهنا يتسائل م. فراج "إذاً، لماذا يصل أبناء الأردن إلى رتبة بطريرك ورتب عليا أخرى في الخارج؟"."لو كانت القيادة اليونانية في الكنيسة حريصة على الرعية العرب لسعت إلى تأهيلهم". هذه القناعة لا تغادر طعيمة وهو يستذكر أثناء حديثه بطريركية أنطاكية في لبنان وسورية ذات الإدارة العربية: "انها بطريركية أفخر بانتمائي لها، لأنها أصيلة ذات ثقافة عالية ومنتمية لعروبتها"، ويكمل: "كل التفاصيل المالية للكنيسة نجهلها، وللبطريرك وكلاء يونانيون هنا، ولا يوجد مدرسة اكليركية لتعليم أبنائنا في الاردن، إننا لا نسمع عن مشاكل من هذا النوع في كل الجسد الأرثوذكسي في العالم".

مقالات من الأردن

رحلة البحث عن رغيف

كُل صباح في الأيام الماضية، حينما أجوب الشوارع، لا أجدني سوى باحث عن الخُبز، وأنا حقيقةً لا أستوعب إلى الآن أن الحال وصلت بي - كما وصلت بكُل الناس- إلى...

خالدة جرار مسجونة في قبر!

2024-11-21

"أنا أموت كل يوم، الزنزانة أشبه بصندوق صغير محكم الإغلاق، لا يدخله الهواء. لا يوجد في الزنزانة إلا دورة مياه ونافذة صغيرة فوقه أغلقوها بعد يوم من نقلي إلى هنا...

اقتصاد البَقاء: الدّلالةُ والمفهوم في ظلّ حرب الإبادة

مسيف جميل 2024-11-17

لا توجد جدوى للصمود، ما لم يرتبط بالتصدي للاحتلال. استخدم المانحون "الصمود" كإطار جديد، يتماشى مع المرحلة الفلسطينية، ويراعي المشاعر الفلسطينية والحس الوطني السياسي، وكأن التنمية تحدث بتسمية وتبنِّي مصطلحات...

للكاتب نفسه

نظام انتخابي "جديد" في الأردن؟

بماذا يفكر الأردني عندما يضع ورقته الانتخابية في صندوق الاقتراع؟ في الواقع، أول ما يفكر به هو الخدمات التي تُقدَّم له، من توظيف أو تأمين خدمات صغيرة، سيقوم بها النائب...