عودة "جلجامش الحلم" إلى العراق

"لوح غلغامش" جزء بسيط من الآثار والتحف الرائعة التي في عهدة سلطات نَهبت الكثير خلال استعمارها لبلدان من العالم. وعملية إعادة هذه الآثار متعسرة، مع نقاش مفتوح حول مَن يحفظها وكيف وأين. إلا أنّ الأكيد هو أن متاحف أوروبا وأميركا، لو أعادت كلّ ما هو منهوب من حضارات وشعوب أخرى (ومنها العربية)، فستفرغ قاعات وصالات هائلة...
2021-10-07

شارك
لوح حلم جلجامش

مَن يذكر صورةً انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي منذ شهور لرجلٍ عراقي يبكي أمام رهبة آثار بلاده؟ هناك أيضاً من انهار بالبكاء أمام بوابة عشتار المعروضة في متحف "بيرغامون" في برلين... الرجل هنا "يجهش بالبكاء في الصالة الآشورية خلال إعادة افتتاح مقتضبة للمتحف الوطني في بغداد لعرض كنز نمرود الذي اكتشف عام 1988، وهو عبارة عن 613 قطعة من الأحجار الكريمة والمجوهرات المصنوعة من الذهب"، وقد نشرتها رويترز عام 2003، العام نفسه الذي نُهب فيه المتحف إثر الغزو الأميركي للعراق، إذ فُقدت نحو 15 ألف قطعة أثرية، تمكنت السلطات العراقية من استعادة نحو ثلثها فقط.

تحمل الصورة معناها بكل الأحوال، في برلين كما في بغداد. فثمّة ما يؤلم ويٌبكي النفس في معرفة أنّ بقيّة حضارة وثقافة عريقة وأثارها الباهرة قد اختُطفت من بين الأيدي إلى أيدٍ أخرى في بلاد بعيدة، وأن ما بقي معروضاً في العراق جزء يسيرٌ من الكثير الذي راح نهباً لفوضى الاحتلال (ولأعوام سبقت 2003 كذلك، خلال الحصار الذي دام 12 عاماً)، وانها بِيعت لتجار لا يقيمون وزناً لها أو أُخذت رهينة لدول استعمارية لطالما استسهلت القبض على كل ما تناله يدها وادّعاء أحقية ما به!

يعود موضوع هذه الآثار إلى الواجهة مجدداً. ففي 23 أيلول / سبتمبر 2021، سلّمت الولايات المتحدة إلى العراق رسمياً لوحاً لأحد أقدم الأعمال الأدبية في التاريخ: لوح ملحمة جلجامش، بمباركة واحتفاء من اليونسكو. وبالإضافة إلى تلك القطعة الاستثنائية بالنقوش المسمارية التي تبلغ من العمر نحو 3500 عام، فقد وافقت الحكومة الأميركية في تموز/ يوليو الفائت على إعادة 17 ألف قطعة أثرية إلى العراق كانت قد نُهبت في العقود الأخيرة.

يُعتقد أنّ اللوح المعروف أيضاً باسم "لوح جلجامش الحلم"، قد سُرق في عام 1991 خلال ما عرف ب"حرب الخليج الأولى". وفي عام 2007، دخل عبر الاحتيال إلى سوق الفن الأمريكي، إلى أن استولت عليه وزارة العدل الأمريكية عام 2019.  

مقالات من العالم العربي

التغريبة السودانية: عن رحلات العودة بين ضفتي النيل

رباب عزام 2025-11-08

تستمر "التغريبة السودانية" في رسم مصير العائدين، الذين يغادرون القاهرة مثقَلين بضغوط الغلاء والأزمات الاقتصادية، ليواجهوا وطناً لا تزال ملامحه غير واضحة، بين سيطرة واستعادة. وبينما تحرِّكهم دوافع اقتصادية قاهرة...

من ندرة المورد إلى وفرة الصراع: أزمة الماء في تونس

يُمكن النظر إلى الماء كعنصر يُعيد إنتاج التفاوتات الاجتماعية. فمن جهة، تحظى الفضاءات السياحية والمناطق الصناعية بوفرة مائية نسبية، تضمن لها الاستمرارية والاستقرار، بينما تُترك الأحياء الشعبية والقرى الفلاحية في...