في بيتها في الأردن، تسمع التسعينيّة فوزة مصطفى (أم سمير) الأحاديث عن فرار حفيدها زكريا الزبيدي مع خمسة أسرى آخرين من سجن جلبوع الواقع غربيّ مدينة بيسان داخل الأراضي المحتلة عام 1948، وتتذكر سيرة زوجها أبو سمير الجهجاه، الذي فرّ من سجن شطّة عام 1958 مع أسرى فلسطينيين وعرب.
كان محمد علي أسعد أبو جهجاه، المولود يوم 22 تموز 1918 في بصّة الفالق قضاء طولكرم، قد طلب يدها في أربعينيات القرن الماضي، فتزوجته وأنجبا ولدًا وبنتًا هما سمير وسميرة، وعندما وقعت النكبة لجأت العائلة إلى جنين، ثم انتقلت عام 1951 إلى منطقة وادي الريّان في الأغوار الشمالية في الأردن، حيث تسكن أم سمير الآن.
في الأيام الأولى للعائلة في بلدة وادي الريّان، قطع أبو سمير نهر الأردنّ وسار غربًا ثم تسلّل إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948، دون أن يعرف أحد من العائلة وجهته. وقد كان خطّ الهدنة بين الأردن وسوريا ولبنان ومصر من جهة، و«إسرائيل» من جهة أخرى، يشهد دومًا تسلل لاجئين فلسطينيين إلى ديارهم بهدف العودة، أو مهاجمة المستوطنات الإسرائيلية التي أقيمت على أراضيهم.
آنذاك، أطلق جيش الاحتلال الإسرائيلي النار على المتسللين لمنعهم من العودة، فيما قُتل وجُرح 112 إسرائيليًا عام 1951 نتيجة الاشتباكات التي وقعت بين متسللين وقوات حرس الحدود الأردنية من جهة، وجيش الاحتلال من جهة أخرى.
أسَرَ جيشُ الاحتلال من استطاع القبض عليه من المتسللين، وحكم عليهم بالسجن المؤبد، أو أحكام سجنٍ طويلة الأمد، كان أبو سمير جهجاه واحدًا من الأسرى الذين نُقلوا إلى سجن شطّة، المخصص حينها للمجرمين الجنائيين الإسرائيليين والأسرى السياسيين العرب.
أجمل من خيال
09-09-2021
لقد خرجوا من خرم أبرة!
09-09-2021
وكانت سلطات الاحتلال البريطاني قد شيّدت سجن شطّة الواقع في غور بيسان كمقرٍ لقيادة شرطتها، إضافةً إلى مقراتٍ أخرى في رام الله والخليل ونابلس وعكّا، وحملت هذه المباني اسم «تيجارت» نسبةً إلى الضابط الإنجليزي المشرف على بنائها تشارلز تيجارت، ثم حولت «إسرائيل» المقر عام 1952 إلى سجن وضمّت له محطة قطار قريبة، وسمّي سجن شطّة نسبة إلى قرية شطّة الفلسطينية القريبة منه.
وبعدما طال غياب أبو سمير، جاء أهل أم سمير إلى الأردن لأخذها معهم، لكنها قالت لهم: «إذا ما أشوف أبو سمير ميت ويجيبوه قدامي ما أروّح، بدي أربّي سمير وسميرة»
أبو سمير في «خميس «إسرائيل» الأسود»
في حزيران 1958 كان في سجن شطّة 190 أسيرًا فلسطينيًا وعربيًا،بينهم الأسير المصري أحمد عثمان، بالإضافة إلى سبعة سجناء جنائيين إسرائيليين. وبحسب ما رواه أبو سمير لابن شقيقه خليل جهجاه، فقد كان بين الأسرى أسيران لبنانيّان، تراوحت أعمارهم بين 16 و17 عامًا.
في ذلك العام، كان العمل جاريًا على توسيع السجن وبناء سور خارجيّ له، وقد شغّلت إدارة السجن الأسرى في أعمال البناء، فيما شغّلت الأسيريْن اللبنانيّين في تنظيف غرف ضباط السجن، كما روى أبو سمير لخليل. واستغلّت مجموعة من ثمانية أسرى قدرة الأسيرين اللبنانيّين على الوصول إلى غرف الضباط، ومعرفة بعض الأسرى في أعمال التوسعة بالسجن، في التخطيط لعملية فرارٍ منه.
القصة كاملة على موقع "حبر"