في فبراير/ شباط الماضي يكون قد مرّ عامٌ على انطلاق أعمال الترميم الإسرائيليّة في مبنى خان العمدان، أحدِ أهمّ معالم مدينة عكّا، شمالَ فلسطين. في ختام أعمال الترميم، سيُحوّل الخانُ العثمانيّ الأصل إلى فندقٍ فاخرٍ تملكه سلسلة "أورتشيد" الإسرائيلية، في خطوةٍ أُخرى تُضاف إلى سلسلةٍ طويلةٍ من أعمال نهب المدينة ومواقعها التاريخيّة، وتحويلها إلى موقعٍ "سياحيّ عالميّ مريحٍ وعصري"، كما تُعبُّر عن ذلك بلدية عكّا الإسرائيلية.
شُيّد خان العمدان عام 1784 من قبل أحمد باشا الجزار، والي عكا وصيدا، ويتكوّن من طابقين على مساحةٍ تُقدّر بحوالي دونميْن، ويقعُ بمحاذاة مرفأ المدينة بالضبط. تستندُ أروقة الخان على 32 عموداً ضخماً من الغرانيت، ويأوي أكثرَ من 40 غرفةً في طابقيه، وفي ساحته نافورةٌ مثمَّنة الأضلاع سُحبت إليها المياه قديماً من نهر الكابري. كما يتميّزُ الخان عن غيره من خانات عكّا ببرجٍ يعلوه هو برج السّاعة المُزخرف بشعارِ الدولة العثمانيّة، والذي شُيّد بمناسبة مرور 25 عاماً على اعتلاء السّلطان عبد الحميد الثاني العرش، وذلك في العام 1900.
حينَ هوتْ فلسطين.. من مركزٍ تجاريّ إلى مأوى للاجئين
ساهمَ خان العمدان مع غيره من خاناتٍ عكا ومرافقها العمرانيّة وأبرزها الميناء، في تنشيط واستقطاب الحركة التجاريّة والاقتصاديّة نحو المدينة. فقد ازدهر في القرن الثامن عشر كفندقٍ للاستراحة والمبيت في غُرفه العُليا، ولراحة الدوابِّ والبهائم ومخازن القمح في الطابق الأرضي، وباتَ فيه التجَّار الأوروبيون الذين وفدوا إلى عكا في ذلك الوقت بهدف شراء منتجاتٍ زراعيّة كالسُّمسم والقطن، وعقدوا في ساحته صفقاتهم التجاريّة.
منذ منتصف القرن التاسع عشر بدأت عكا تفقُد دورها التجاريّ بفعل عدّة عوامل، منها الخرابُ الذي حلّ بها وبمرفئها في المعركة بين العثمانيين والجيشِ المصري على المدينة (1831-1833). وحتى بعد ترميم المدينة والذي تطلَّب عقداً من الزمن، لم يعد ميناؤها ملائماً للسفن البخاريّة والحربيّة الجديدة. ومن العوامل أيضاً إنشاءُ خطّ سكة الحديد حيفا – درعا عام 1905، وبالتالي انتقلَ مركز الثقل التجاريّ إلى مدينة حيفا ومينائها وقطارها الجديد. في تلك الفترة حُوّل الطابق العلوي من خان العمدان إلى مساكنَ لأهالي عكا في حين استخدم طابقه السفليّ للورش والمخازن.
ومنذ ذلك الحين وحتى انتهاء الانتداب البريطانيّ على فلسطين، أي عندما كانت تُدار الأوقاف من قبل المجلس الإسلاميّ الأعلى في فلسطين، استمرَّ استخدامُ بعض غرف الخان كمساكن، وتحوّل جزءٌ من طابقه السفليّ إلى مصنعٍ للحلويات، ومن ثم استُخدم جزٌء منه عام 1944 كمدرسةٍ أيضاً، وبعد النكبة لجأت إليه بعض العائلات التي هُجّرت من قرى ومدنٍ مجاورة.
النص كاملا على موقع متراس