تقود مدينة طرابلس تمرد الفقراء. فمنذ الأيام الأولى للحجر الصحي، لم يمتنع أهالي المدينة عن السير بمجموعات صغيرة رافعين مطالبهم، بل وفي الخروج الى شوارعهاالرئيسية. وفي داخل الاحياء لم "يحترموا" "البقاء في البيت"، فطرابلس تعاني من فقر شديد واهمال مديد.
ترمي السلطة والمصارف بتعميماتها على الناس فيقفون أمامها مذهولين، لا يفهمون معناها سوى انها تعدهم - بتعالٍ - بالجوع. حتّى قرروا أن الوضع فاق قدرتهم على التحمل، وأن الحياة الكريمة لم تعد واردة أمامهم.
وُضِع الجيش اللبناني في مواجهة المتظاهرين العزّل في الشارع، فاصابت رصاصة حية الشاب فوّاز فؤاد السمان ليصير شهيد الثورة السابع، والأوّل الذي تقتله رصاصة "عسكرية". وعد الجيش بتحقيق وتحديد للمسئوليات. ولكن أهالي طرابلس رموا الأواني والصحون من نوافذهم على رؤوس الجيش، ليدافعوا عن أبنائهم.
طرابلس: الجيش في مواجهة الفقراء المنتفضين
تأتي مدينة صيدا الجنوبية بعد طرابلس في المواجهات الأخيرة، هذه المدينة التي احتلّتها المراكز التجارية وقضت على أسواقها والبلد أو "صيدا القديمة"، مثلها مثل طرابلس، قالت لها السلطات انها لا تمد لها يداً سوى حين تريد أن تأخذ منها.
في شارع متفرّع من ساحة النجمة، التي كانت مليئة بالحياة قبل أن يحوّلها تجّار صيدا لموقف سيارات يجنون منه الأرباح، وقف المعتصمون أمام مبنى "مصرف لبنان" وهم يغنّون "هابي بيرثداي" أثناء انهيال عبوات المولوتوف عليه من كل صوب.
محتجون يقذفون مصرف لبنان بالمولوتوف في مدينة صيدا
في المقاهي الشعبية وقبل 17 تشرين الاول/ اكتوبر (الفائت، تاريخ انطلاق الاحتجاجات في لبنان) كان يجلس الصيداويون ويمازحون بعضهم بمن يملك قدراً أقل من النقود. هذه السخرية التي لا يعرفها سوى من لم يبق لديهم وسيلة أخرى للحياة، تبدّلت بعد الإنتفاضة وتحوّلت إلى غضب عمّ كل المناطق اللبنانية.
"سيكون خراباً.. سيكون خراباً.. سيكون خراباً
هذي الأمة لابد لها أن تأخذ درساً في التخريب"
( مظفر النواب، قصيدة "يا قاتلتي")
النبطية تتفاعل مع طرابلس.