كرة القدم التي لا خير فيها

لم يكن رئيس نادي الهلال السعودي، الأمير عبد الرحمن بن مساعد، على دراية بأنّ تغريدة له على تويتر ستأخذ ما أخذته من جدل ونقاش. خرج الرجل، بأسلوب طبيعي مكرّر في أي حديث، ليقول "سأطلب العون من الله وأدعوه سبحانه في كل أمري صغيره وكبيره، وكوني أرأس الهلال أدعو الله سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العليا أن نأخذ بطولة آسيا". يشارك فريق الهلال السعودي في دوري أبطال آسيا 2014، ورئيس النادي قرّر مناجاة ربه، وفي طريقه تمنّى من الجماهير الإلحاح على الله في الدعاء والإكثار من الصدقة، طمعاً في أن يكرم الله الفريق. الشيخ سعد الدريهم تلقّى الخبر وافتتح الجدل، واعتراضه مبني على الحجّة المتعلّقة بكون دعاء بن مساعد تَعدّياً على طرف آخر وهذا ينهى عنه الشرع. كما أنّ الدعاء عليه أن يكون في أمور الخير، والكرة لا خير فيها، وإنما دائماً ما تجلب الضرر.
وتماشياً مع النقاش، توجّه بعض جماهير الرياضة في السعودية إلى المشايخ لسؤالهم عن رأيهم. الشيخ عبد العزيز الفوزان قال إنه ما دام الفريق مسلماً وملتزماً بالحدود الشرعية فيجوز الدعاء له (هو نفسه غرّد قبل فترة بأن الإسلام لم يحرّم سبي النساء ومن ينادي بتحريمه جاهل وملحد)، وكذلك صرّح الشيخ عادل الكلباني "لا حرج بالدعاء لفريق بالانتصار".
لم تنم القصّة أكثر، اذ كان لا بدّ من تدخل مفتي المملكة. المفتي العام ورئيس هيئة كبار العلماء ورئيس اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، الشيخ عبر العزيز آل الشيخ، بَلّ يده بالقضية ليخرج للعباد بالآتي "ينبغي للمسلمين أن ينشغلوا بما ينفعهم في دينهم ودنياهم وعبادة ربهم والبعد عن الحرام، فانتصار الفريق ليس فيه أية منفعة للمسلمين، وإن صلح دين الإنسان صلحت دنياه وآخرته، وعليه فإن فريقه إن فاز أو خسر لن تتأثر حياته بشيء".
بات يحلو إيجاد نقاش طبيعي في السعودية، أو العثور على تصريح رسمي مبني على منطق أو حكم عقلاني. ولا ممكن! إلى درجة أنّ رجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صرّحوا في الإعلام أنهم ضبطوا ساحرة عارية تطير. تدخّل في كل شيء، في الشاردة والواردة، في دعاء رجل على تويتر وفي الكرة بين أقدام اللاعبين.
وبالمناسبة فازت السعودية يوم السبت الماضي بحقّ تنظيم بطولة كأس آسيا للمبارزة للشباب والناشئين 2016 لفئة الرجال.
فلماذا هذه حلال وتلك حرام؟