مُنع فيلم "حلاوة روح" في مصر. الفيلم من بطولة هيفاء وهبي، إخراج سامح عبد العزيز وسيناريو علي الجندي، ومقتبس عن فيلم "مالينا" للإيطالي جوزيبي تورنتوري. هذا كلّه ليس مهمّاً. المفيد هو رصد نوعيّة الخطاب المؤيد لقرار المنع والفورة الأخلاقيّة التي حطّت فجأة فوق رؤوس المصريين حمايةً لمستقبل أولادهم!
بعد أسبوعين على انطلاق العروض في الصالات للبالغين فقط، قرّر رئيس الوزراء، شخصياً، توقيف عرضه بعد ورود "شكاوى من المواطنين بخصوص المحتوى". ما هي قصّة الفيلم؟ "روح البطلة تضطر للغناء في أحد الملاهي الليلية في القاهرة خلال غياب زوجها عنها. فتواجه متاعب كثيرة خصوصاً بعد وقوع رجال من الحي الشعبي الذي تقطنه في حبها" (بحسب ما تداولته الصحف العربية والمواقع الالكترونية المتابعة للأزمة التي رافقت صدور الفيلم).
أمّا المشاهد التي يُحكى أنّها تسببت بقرار المنع فهي: اغتصاب هيفاء وهبي من قبل محمد لطفي، باسم سمرة يحلم أنه يقبّل هيفاء، مشاجرة بين سمرة ولطفي تتضمن بعض الألفاظ الخادشة للحياء.. والمشهد الأخير الذي يتعلّق بفستان هيفاء ويبرز مفاتن جسدها. يشارك هيفاء في البطولة "كريم الأبنودي" الطفل الذي لم يتجاوز عمره الـ13 عاماً. كريم تعرّض قبل أيام للضرب. قطعت مجموعة طريقه إلى المدرسة، وأبرحته ضرباً، مطلقين عليه عبارات من قبيل "كافر" و"مُفسد"...
حسناً، وقع القصاص على المفسدين في مصر. ضرب طفل لمشاركته في فيلم يخدش الحياء العام ليس تعدّياً أخلاقياً ولا انتهاكاً لحرمة الناس أو اعتداء على قاصر؟ ولا ندري أيّهما أكثر خدشاً للحياء العام، مشاهد الفيلم أم التصريحات التي لا تتوقف، ومنها تصريح لرئيس نادي الزمالك مرتضى منصور، وهو رجل أعمال شهير وكان مرشحاً للرئاسة (وانسحب): "الفيلم ليس حلاوة روح وإنما 'حلاوة صدر منفوخ'.
استكمال المشهد يتوجّب المرور بالأزهر الذي أشاد بقرار رئيس الوزراء "حفاظاً على قيم المجتمع المصري الأخلاقية وثوابته الدينيّة"، معتبراً مثل هذه الأعمال السينمائية "الغريبة" مساساً بالأمن الأخلاقي في المجتمع المصري واغتيالاً لعقول الشباب والأطفال. ثم حنان الغزالي، مستشارة العلاقات التربوية والأسرية، وصاحبة الدعوى لوقف الفيلم، التي تقول "فكرة الفيلم ضد أخلاقيات الشعب المصري".
وأخيراً منظمة "مصريات ضد الإرهاب" (؟؟) وصفت الفيلم بـ"البورنو اللبناني".
هذه عيّنة صغيرة ممّا قيل. استنهض المجتمع المصري قواه للذود عن "الأخلاق" بوجه الهجمة الشرسة لإفساد المجتمع المصري. ربّما لا داعي للتذكير بأفلام مصرية تربت عليها أجيال، وبعضها رائع كأفلام هند رستم، أو (اقل روعة) كأفلام ناديا الجندي، وهي أمثلة من فيض. وأما حشر لبنان فسخيف وعنصري، وظيفته القول أن الفحشاء (والحروب والإرهاب الخ..) تأتي من الأغراب... كالعادة! آخر الدراسات اعتبرت مصر أسوأ مكان تعيش فيه المرأة مقارنة بالدول العربية، وأنّ 99 في المئة من النساء تعرضن للتحرش.. اذاً لنطلق حملة معاً من أجل شرف المرأة المصرية في الطرقات وضدّ التحرش.
مهما كانت سفاهة فيلم "حلاوة روح"، فلن تصل الى سفاهة ما أحاط به من قرارات وتعليقات.
فكرة
"حلاوة روح" ممنوع !
مُنع فيلم "حلاوة روح" في مصر. الفيلم من بطولة هيفاء وهبي، إخراج سامح عبد العزيز وسيناريو علي الجندي، ومقتبس عن فيلم "مالينا" للإيطالي جوزيبي تورنتوري. هذا كلّه ليس مهمّاً. المفيد هو رصد نوعيّة الخطاب المؤيد لقرار المنع والفورة الأخلاقيّة التي حطّت فجأة فوق رؤوس المصريين حمايةً لمستقبل أولادهم!بعد أسبوعين على انطلاق العروض في الصالات للبالغين فقط، قرّر رئيس الوزراء، شخصياً، توقيف عرضه
للكاتب نفسه
ثورة "17 تشرين" اللبنانية: استدعاء شعارات الربيع العربي
زينب ترحيني 2020-02-01
ما الذي أثار غضب النظام؟ هل هو خوفٌ من تمرّد اللغة بكل ما يحمله من مؤشّرات؟ أم أنّ إعادة إنتاج بعضٍ ممّا سُمع في شوارع عربية أثار الرُعب وأعاد الكوابيس؟
عندما ترتاد امرأة شاطئاً عامّاً..
زينب ترحيني 2017-08-03
التهديد بالعري مقابل "حشمة" الحجاب المفروض، كما يحدث الآن بخصوص المايوه في الجزائر، هو الوجه الاخر للعملة نفسها. الاصل أن النساء لسن عورات للستر وان لهن حقوقاً مساوية للرجال في...
رمضان في تولوز: هل ترغبين بالتذوّق؟
زينب ترحيني 2016-06-12
عند السادسة مساءً يكتظّ الوسط التجاري الخاص بباغاتيل. تنزل النسوة مع أزواجهنّ وأولادهم لشراء ما ينقصهم قبل الإفطار. صفّ الناس لسحب المال من ماكينة البنك تجاوز الرصيف ليصل إلى الطريق...