العالم مشغول بوباء "كورونا" الذي غزا الدول جميعاً، متسببا بوفيات بعض من مسه الوباء الذي يعمل العلماء الآن على التدقيق في صحة انواع الادوية ووسائل العلاج للمساعدة على شفاء مرضاه..
ولكن، من يمكنه شفاء العرب من كسلهم ودفعهم للخروج إلى مواجهة اعدائهم، وأخطرهم، الذي يتقدم على الكيان الاسرائيلي في هذه اللحظة، هو هذا الوباء الذي اجتاح العالم.. كما فعل الرئيس الصيني شي جين بينغ الذي قصد إلى حيث ظهر الوباء لأول مرة في مقاطعة هوبي- مدينة ووهان، مرتدياً على وجهه القناع الواقي، كما أي صيني، ليبعث رسالة تطمين إلى العالم بأن الصين بصدد اكتشاف العلاج الشافي والحد من انتشار هذا الوباء المخيف!
أما الدول العربية، لا سيما النفطية، فقد تعمدت الانكار، حتى اجبرتها اصابات مواطنيها على الاعتراف بوجود الكورونا فيها، والمسارعة إلى المباشرة في اتخاذ تدابير الوقاية وتحديد العلاج ومنع السفر الخ..مع محاولة اتهام ايران بأنها المصدر وأساس العلة!
والانكار، كما نعرف جميعاً، دليل على احتقار "الرعية" وإهمالها.. فماذا يعني أن يموت مئة او ألف من هؤلاء طالما أن اصحاب السمو، فضلاً عن صاحب الجلالة الملك، او الامير ولي العهد، وسائر الامراء بخير ومحصنين بحيث لا يأتيهم المرض لا من خلفهم ولا من امامهم ولا من الرعية البعيدة بل المبعدة عنهم.
ثم.. ماذا لو مات ألوف أو بضعة ألوف من الرعية؟!
الا تقول كتبنا المقدسة "الموت حق"؟ هل يهم السبب، اذأً!
الانكار، كما فعلت السعودية ومصر وقطر والإمارات، ثم تراجعت فاعترفت بعدما اتسعت دائرة انتشار الوباء، وبطل أن يكون سراً حربياً من أسرار الدولة العليا، ولم يعد التذرع بالواجب الوطني يفيد في التستر عليه حتى لا يشمت الاعداء.
فضائح إدلب واللاجئين وكورونا وسواها..
07-03-2020
المهم، نفي مسؤولية النظام عن "ولادة" هذا الوباء، او عن انتشاره، حتى لو كان النظام مسؤولاً عن كوارث أخطر وأعظم انتشاراً، كالعجز عن تحقيق التوازن في موازنة الدولة، او التوازن في سياستها الخارجية، بدليل أن اهدار المليارات على شراء سلاح لن يستخدم الا في العدوان على اليمن، التي اعتبرت اخطر على البلاد، بدولتها وشعبها، من وباء الكورونا!
وهكذا يثبت العرب، عكس ما يُشاع، انهم متضامنون ومؤتلفون على مواجهة وباء الكورونا الذي لا يعترف بخلافاتهم السياسية والعقائدية التي تميز بين الكورونا وسائر الامراض المعدية على قاعدة التمييز بين الوباء القاتل والاوبئة العادية، كالانفصال واقفال الحدود بين الاشقاء بذريعة الخوف من دعم المتآمرين وتمكينهم من قلب النظام!
لقد اسقط الوباء الحدود بين الدول، وتنقل بينها بسرعة الهواء، فكشف اهمال بعضها لرعاياها، وكشف كذب البعض الآخر، وكله يدل على عدم الاهتمام بسلامة الشعب والاستهانة بما يتهدده من الاوبئة والامراض السارية..
والا فما معنى أن تنكر السعودية والامارات والكويت وجود الوباء فيها، ثم تنسبه إلى عودة المصابين من إيران، كأنما الدول الاخرى جميعها خالية منه، وبينها الصين.
والحقيقة أن الأوبئة السياسية في بلادنا العربية اشد خطورة وايذاء من الكورونا..
فهل يعرف السعوديون والاماراتيون والقطريون الدخل الوطني لبلادهم، ومن ضمنه مصاريف القصور الملكية والاماراتية ومن ضمنها "الشرهات"، وتكاليف المحظيات، وما يُدفع للأميركيين اساسا، وسائر الدول، من رشاوى تحت اسم صفقات السلاح.
ثم.. هل يمكن أن تكون الكورونا اعظم ايذاء من الانظمة الدكتاتورية بقمعها الذي يطال الرعية جميعاً في رزقها وسلامتها، بل وفي حياتها؟
هل يعرف الحكام مَنْ من "الرعايا" مات في السجون قبل وصول الكورونا، من دون اعلان؟ وكم دُفن منهم من دون ابلاغ ذويهم الا بعد الاطمئنان إلى أن الرعب سيمنع هؤلاء من اشاعة اخبار المتوفين او تقبل عزاء الاقرباء والاصدقاء بهم؟
الحقيقة المرة المتمثلة في هذه العروش اعظم ايذاء، واكثر خطورة على رعاياها من أي وباء، بما في ذلك الكورونا الوافدة من الصين..
مع الحرب العالمية الأولى، وحسب ما يروي الاجداد، ضرب الجوع البلاد والعباد، مع كل ما يتفرع او يخرج من اسباب الامراض، كحمى التيفوئيد، فلما جاء الجراد اخذ الناس يتصيدونه ويتخذونه طعاماً..
أما في الكويت وسائر اقطار الصحراء فكانوا يرون في الجراد طعاماً شهيا، ولعلهم ما زالوا على رغبتهم فيه، خصوصاً وقد نقصت مقاديره مما سيجعل بعضهم ينام جائعاً..
الخلاصة: أن "كورونا" وباء العصر، خصوصاً وانه لا يتوقف عند حدود الدول، الغنية منها والفقيرة.ومن العبث أن تدعو جامعة الدول العربية إلى اجتماع استثنائي، او أن تنادي الامم المتحدة اعضاءها إلى لقاء عاجل لبحث المسألة..
أوبك في زمن الكورونا
11-03-2020
إن هذا الوباء بمثابة نداء عاجل إلى شعوب العالم كافة، عل اختلاف انظمة الحكم في بلادهم، إلى التلاقي والتعاون حتى من فوق رؤوس حكامهم لمواجهة هذا الخطر عابر القارات والذي يهدد الناس كلهم في البلاد جميعاً، الاغنى فالأفقر، ولا مجال للتقصير او الاهمال والا فلسوف تكون جريمة ضد الانسانية..
وليسمح الملوك والامراء، سواء المهددة عروشهم بمؤامرة ابناء العمومة او الخؤولة، او من الرعايا المغضبين لانهم متروكون للريح.. فالخطر يتهدد الناس جميعاً، دون اعتبار للألقاب المذهبة، والحصون المقفلة على ساكنيها..
واذا كان ولي العهد السعودي الامير محمد بن سلمان قد استطاع أن يعتقل عمه وابن عمه (وكذا ولاية العهد التي كان يشغلها قبل خلعه)، فهو لن يستطيع الصمود امام جرثومة لا ترى ولا يمكن اعدامها بالسيف..
لهذا فلا بد من تعاون الناس جميعا، في مختلف اقطار العرب، في مواجهة هذا الوباء القاتل..
وبعد ذلك يمكن تصفية الحسابات الملكية، ويمكن لتركيا أن تعود لاحتلال الشمال السوري، كما يمكن للطبقة السياسية أن تراجع علاقتها برعاياها حتى لا يتحول غضبها إلى ثورة أين منها خطر المرض القاتل (برغم اسمه الظريف): الكورونا!
ولن نطالب احد من هؤلاء بالتحلي بشجاعة الرئيس الصيني شي جين بينغ وهو يتقدم واثقاً على ارض مدينة ووهان التي انطلقت منها الكورونا لتعم العالم..