آخر أخبار سامر العيساوي هي احتضاره. تتهاوى نبضات قلبه في الدقيقة. الشاب مُضرب عن الطعام في سجون الاحتلال منذ ما يفوق 240 يوماً. بهدوء و«عادية» نستقبل هذه الأخبار. يقين كامل بأنّ سامر لن يموت. الشاب الذي يحيا منذ أشهر بمعدة خاوية، متمسكاً بمطالبه، رفض أي نوع من المساومة. قرّر أنّ ما بدأ به عليه أن ينتهي بالايجاب.
هو حتماً مدرك أن أحد السيناريوهات يحمل في نهايته جثّته هامدة. لكن سامر بصبره وثباته، يؤكد يومياً أن هذا الاحتمال ليس مُستثنى من خانة «الايجابي». وهو الذي قال في رسالته الأخيرة « لن أبقى هنا، لن أبقى أسيراً، سأتحرر ولو بالموت».
أشكال المساومة المعروضة عليه، لم تُزحزح في موقفه شيئاً. رفض كلّ عروض الحرية المشروطة، فما هو مجتزأ لا يدخل في قاموسه. وكلّ ما يزيد من أعداد اللاجئين وحجم المأساة الفلسطينية، لن يقبل به. لن يقبل العيساوي بالخروج من القدس مقابل الخروج من الاعتقال. دفاع عن الحقّ وصبر لا يشبه سوى الفلسطينيين. كلّ تلك السنوات والآلاف من «سامر» يُحْيون القضية. كلّ هذا المقدار من الصبر والرغبة بالاستمرار يهوّن عليهم ما خسروه.
في 30 آذار/مارس تحلّ ذكرى يوم الأرض. وفي هذا اليوم من هذا العام يدخل اضراب العيساوي يومه الـ251، معلناً أن النضال لأجل الأرض مستمرّ وأن فلسطين حقيقة. في هذا اليوم، سيكون سامر قد اقترب أكثر من الموت... اقترب من الحرية كما هي متاحة له.
في مكان قريب من اضراب الأسرى في السجون الإسرائيلية، نضال آخر تحت الضوء. ملاحقة المشاريع الاستيطانية والسعي لايقافها بأي طريقة. هذا العام وُلدت قرية «باب الشمس». هدمها الاحتلال مرّتين، لكنه لم يلغ تلك الرغبة الجارفة لاعادة احيائها. حضنت «باب الشمس» منذ ولادتها كلّ الأمل بالحفاظ على هذه الأرض. تعود ذكرى «يوم الارض» هذا العام، وفلسطين رغم كل شيء تستمر في الابداع مصرة على حق العودة. والشباب هم من يحتل واجهة المسرح. لم يُطبَّعوا ولم يعتادوا. فباب الشمس استتبعت خطوات أخرى في مسيرة تلك الحرقة المرافقة لكل فلسطيني. في آخر الأخبار، أن شباناً رفعوا العلم الفلسطيني على «جبل البابا» في العيزرية، ونصبوا خيامهم في ذلك الموقع الذي تعتزم اسرائيل اقامة مشروع استيطاني عليه. اطلقوا اسم «حي أحفاد يونس» عليه. الجبل مطلّ على الشارع الرئيسي لمدينة القدس والعيزرية ومستوطنة معاليه أدوميم. قرّر الشباب الحفاظ عليه بطريقتهم.
ينتظر يوم الأرض في هذا العام الكثير. تنتج فلسطين أساليب صراع جديدة. سامر الذي أصبح وزنه، مع استمرار اضرابه، 47 كيلوغراماً، يقف منفرداً متحديّاً اسرائيل. كذلك يفعل الشباب مع بناء قراهم الصغيرة، ولو كانت معروفة المصير، لا بأس. سيكررون. كما هو حال قرى النقب التي تهدم ويعاد بناؤها لعشرات المرات. هو صراع لا تبدو عليه علامات الخبو. كل عام وانتم بخير.
Normal
0
false
false
false
MicrosoftInternetExplorer4
/* Style Definitions */
table.MsoNormalTable
{mso-style-name:"Table Normal";
mso-tstyle-rowband-size:0;
mso-tstyle-colband-size:0;
mso-style-noshow:yes;
mso-style-parent:"";
mso-padding-alt:0in 5.4pt 0in 5.4pt;
mso-para-margin:0in;
mso-para-margin-bottom:.0001pt;
mso-pagination:widow-orphan;
font-size:10.0pt;
font-family:"Times New Roman";
mso-ansi-language:#0400;
mso-fareast-language:#0400;
mso-bidi-language:#0400;}