الآن، في الوقت الذي يناطح فيه هذا النصّ كلماته، وقعت قاصر يمنية تحت رحمة رجل بات فجأة زوجاً لها. لحظة واحدة كانت كفيلة بتحويل هذه الطفلة إلى مشروع جثة. جسدٌ غير جاهز، لا لزواج ولا لرجل أو حمل وما يرافق هذه الحالات الثلاث.
روان تحوّلت سريعا إلى قضية رأي عام. ما الفائدة؟ ستستمرّ المأساة زاحفةً فوق قصّتها. طفلة في الثامنة من العمر، لم يرتدع أهلها عن تزويجها لرجل أربعيني. فحمَلها الأخير وطار بها إلى حتفها.
نزفت بشدّة بعد تمزّق مهبلها في ليلة عرسها. روان ليست حالة فردية. كثيرات هنّ الصغيرات اليمنيات اللواتي قضين ليلة دخلتهنّ أو خلال حملهنّ أو وضعهنّ.
نستنكر ونشجب ومن ثم نعود إلى حياتنا. مع خروج قصّة روان إلى العلن، سالت التعليقات، توزّع تحميل المسؤولية بين الأهل والزوج والمجتمع... بينما اختار كثيرون الانشغال بفارق السن بين الاثنين. في محاولة للقول انّ «أربعينية» الرجل هي ما قضى على الفتاة. وكأنّ لبّ المشكلة ليس في المجتمع الذي يرضى بتزويج فتاة في الثامنة من عمرها، ولا في انحراف عامّ يفضي إلى اشتهاء «أطفال بالجملة».
آخر الإحصاءات الصادرة عن «مركز دراسات وأبحاث النوع الاجتماعي» في جامعة صنعاء تؤكد أن «نحو 52 في المئة من الفتيات اليمنيات تزوجن دون سن الخامسة عشرة». وتطرّق التقرير إلى الفجوات العمرية الكبيرة التي تصل في بعض الأحيان إلى 56 عاماً!
الأكثر بشاعة في قصّة روان هو خروج مصادر قبلية لتنفي الحادثة. قالوا ان لا فتاة ماتت في ظروف كهذه. اذاً مزيدٌ من التعمية على تخلّف بات لا بدّ من لجمه. بأيّ طريقة.
منذ سنة ماتت إلهام العشي (13 سنة) في ظروف مشابهة. قامت الدنيا من دون أن ينتج عن قيامتها شيء. البرلمان اليمني واقف في مكانه. يصارع نفسه. عام 2009 تقدّم بمشروع قانون لتحديد سن الزواج بـ18 سنة. رجال دين وإسلاميون وقبليون واجهوا المشروع وأوقفوه. جرى التفافٌ بسيط باقتراح سن السابعة عشرة حدّاً أدنى. وتُرك الموضوع على أساس أن لجنة الحوار الوطني ستناقش القضية.
اليوم، بعد موت روان، عاد وزير العدل غازي الأغبري لتحريك الموضوع. كان الأغبري حريصاً على التأكيد أن لا املاءات دولية أو غربية لتمرير مشروع القانون بل إنه جزء من رأي طبي للجنة الصحة البرلمانية. هاتوا قرآناً للوزير كي يحلف، لعلّهم يفكّون عن أبدان الأطفال.
ألا تصح مشاعر هيئات الأمم المتحدة وإنسانيتها المفرطة في هذه الحالات؟ تستحقّ روان وأخريات تحرك أساطيل لأجلهنّ. بلى يستحققن.
فكرة
روان ضحيّة بؤسنا
الآن، في الوقت الذي يناطح فيه هذا النصّ كلماته، وقعت قاصر يمنية تحت رحمة رجل بات فجأة زوجاً لها. لحظة واحدة كانت كفيلة بتحويل هذه الطفلة إلى مشروع جثة. جسدٌ غير جاهز، لا لزواج ولا لرجل أو حمل وما يرافق هذه الحالات الثلاث.روان تحوّلت سريعا إلى قضية رأي عام. ما الفائدة؟ ستستمرّ المأساة زاحفةً فوق قصّتها. طفلة في الثامنة من العمر، لم يرتدع أهلها عن تزويجها لرجل أربعيني. فحمَلها الأخير
للكاتب نفسه
ثورة "17 تشرين" اللبنانية: استدعاء شعارات الربيع العربي
زينب ترحيني 2020-02-01
ما الذي أثار غضب النظام؟ هل هو خوفٌ من تمرّد اللغة بكل ما يحمله من مؤشّرات؟ أم أنّ إعادة إنتاج بعضٍ ممّا سُمع في شوارع عربية أثار الرُعب وأعاد الكوابيس؟
عندما ترتاد امرأة شاطئاً عامّاً..
زينب ترحيني 2017-08-03
التهديد بالعري مقابل "حشمة" الحجاب المفروض، كما يحدث الآن بخصوص المايوه في الجزائر، هو الوجه الاخر للعملة نفسها. الاصل أن النساء لسن عورات للستر وان لهن حقوقاً مساوية للرجال في...
رمضان في تولوز: هل ترغبين بالتذوّق؟
زينب ترحيني 2016-06-12
عند السادسة مساءً يكتظّ الوسط التجاري الخاص بباغاتيل. تنزل النسوة مع أزواجهنّ وأولادهم لشراء ما ينقصهم قبل الإفطار. صفّ الناس لسحب المال من ماكينة البنك تجاوز الرصيف ليصل إلى الطريق...