لا يوجد «يوم طبيعي» في العراق. تنفجر السيارات المفخخة كل الوقت، أو يجري تفكيكها قبل وقوع المحظور. وتتوالى التقارير لإحصاء أعداد القتلى والجرحى. بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) أصدرت تقريرها لهذا الشهر، وهو يُظهر أنّ 804 عراقيين ماتوا في آب/اغسطس «جرّاء أعمال العنف والارهاب». ووصل عدد المصابين إلى 2030 انساناً. غمز التقرير إلى أمر ايجابي: انخفض عدد الضحايا عن شهر تموز/يوليو، أي رمضان، حيث كانوا 1057. انجازٌ.
هناك في ذيل تقرير الامم المتحدة «بيان اخلاء مسؤولية». ترفع البعثة يدها عن أي خطأ في تعداد الجثث، وتشرح بدقة طريقة عملها وكيفية تأكّدها من الرقم، لكن امكانية الخطأ تبقى واردة. الملاحظة في اسفل التقرير اسمها بيروقراطية أو حضارة، كما تشاؤون، وهي ضرورية، ولكنها حيال هذا القدر من الموت المستمر تبدو لسبب ما استفزازية. ربما بسبب برودتها. وربما بسبب ما يرشح من مجمل التقرير، عن عجز الامم المتحدة أو عدم اكتراثها. يستمرّ هذا الحال منذ سنين. أمّا رئيس الوزراء نوري المالكي فيواظب على القاء كلماته الأسبوعية. قبل يومين من صدور تقرير بعثة الامم أطلّ في «أسبوعيّته». أعلن حالة الاستنفار القصوى. خير، ما القصّة؟ هي سوريا.
قرر الرجل «حالة الانذار الشديدة على مستوى التحديات الأمنية واتخاذ الاجراءات اللازمة لتخفيف ما قد يترتب على الحرب السورية من أزمات داخلية...». هكذا اذاً. رئيس الوزراء لم يلحظ انه قبل مشكل سوريا هناك مشكل العراق. طريفة هذه الطريقة في تعليق الازمات والمصائب على مشاجب الآخرين. هناك دائما «آخر» شرير أو هو سبب البلاء. هل نسينا كيف ساد هذا المنطق خلال الحرب الاهلية اللبنانية؟
حسناً، لنتخطّ نوري المالكي الى الجدال في مجلس النواب.
منذ بضعة ايام، وقعت مشادّة كلامية وضرب بالأيدي بين نائب مستقل وآخر من ائتلاف العراقية، بعد أن اعترض الأخير على رفع صور الامام الخميني والمرشد الايراني الأعلى علي خامنئي في شوارع بغداد. بعيداً عن تفاصيل الإشكال، يبدو واضحاً مدى انشغال نواب الأمة بقضايا الشعب.
منذ بداية سنة 2013 قُتل ما يقارب من 5000 عراقي بسبب أعمال العنف، وأُصيب 12000 آخرين وخربت بيوت كثيرة، هذا اذا لم نشر الا الى الموت، وليس الى الخراب المستديم في قطاعات الصحة والتعليم والكهرباء... في هذا البلد فاحش الثراء بسبب موارده النفطية المنهوبة. أي أنه علاوة على القتل والصحة والكهرباء والتعليم، وهي الاساسيات الدنيا للحياة، هناك الفساد. فساد غير مسبوق، حتى في «جمهوريات الموز». وأما الخلاف والنرفزة والتقاتل، فعلى اشياء أخرى!
كان يتوجّب على المسؤولين العراقيين تبنّي بيان اخلاء المسؤولية الذي أصدرته الأمم المتحدة، حتى تكتمل قلّة الحياء الرسمية.
فكرة
جثث عراقية.. المزيد منها
لا يوجد «يوم طبيعي» في العراق. تنفجر السيارات المفخخة كل الوقت، أو يجري تفكيكها قبل وقوع المحظور. وتتوالى التقارير لإحصاء أعداد القتلى والجرحى. بعثة الأمم المتحدة لمساعدة العراق (يونامي) أصدرت تقريرها لهذا الشهر، وهو يُظهر أنّ 804 عراقيين ماتوا في آب/اغسطس «جرّاء أعمال العنف والارهاب». ووصل عدد المصابين إلى 2030 انساناً. غمز التقرير إلى أمر ايجابي: انخفض عدد الضحايا
للكاتب نفسه
ثورة "17 تشرين" اللبنانية: استدعاء شعارات الربيع العربي
زينب ترحيني 2020-02-01
ما الذي أثار غضب النظام؟ هل هو خوفٌ من تمرّد اللغة بكل ما يحمله من مؤشّرات؟ أم أنّ إعادة إنتاج بعضٍ ممّا سُمع في شوارع عربية أثار الرُعب وأعاد الكوابيس؟
عندما ترتاد امرأة شاطئاً عامّاً..
زينب ترحيني 2017-08-03
التهديد بالعري مقابل "حشمة" الحجاب المفروض، كما يحدث الآن بخصوص المايوه في الجزائر، هو الوجه الاخر للعملة نفسها. الاصل أن النساء لسن عورات للستر وان لهن حقوقاً مساوية للرجال في...
رمضان في تولوز: هل ترغبين بالتذوّق؟
زينب ترحيني 2016-06-12
عند السادسة مساءً يكتظّ الوسط التجاري الخاص بباغاتيل. تنزل النسوة مع أزواجهنّ وأولادهم لشراء ما ينقصهم قبل الإفطار. صفّ الناس لسحب المال من ماكينة البنك تجاوز الرصيف ليصل إلى الطريق...