يوجد في الأردن 5954 مسجداً ، منها 216 مسجداً تحت الإنشاء. الأرقام كشفت عنها وزارة الاوقاف والشؤون والمقدسات الإسلامية الأردنية في إحصائيات خاصة بنهاية عام 2013.
ويحتل المسجد لدى الأردنيين، الذين يشكل المسلمون 97 في المئة من عددهم، البالغ وفق أرجح الإحصائيات ستة ملايين ونصف المليون نسمة، مكانة مميزة، ويتمتع بقدسية واحترام خاصين حتى عند غير المتدينين منهم. هكذا في الظاهر.
ولذلك، لا يكاد يتم الانتهاء من بناء مسجد، حتى يُشرع في بناء آخر، فتجد المساجد متقاربة في العديد من الأماكن لا يفصل بينها عشرات الأمتار. وبنظرة من الأعلى تشعر أحياناً بأن مآذن المساجد تتحفز لعناق قريب. ويساهم في زيادة الاقبال على بناء المساجد أن المترعة جيوبهم بالمال وقلوبهم بالإيمان يعتبرونه الوسيلة الأسرع لزيادة رصيد حسناتهم أو حسنات أحباب لهم رحلوا من خلال صدقة جارية تمهد الطريق أمامهم إلى الجنة المنتظرة.
ويعتبر بناء المساجد في بعض الأحيان وسيلة للتفاخر، لا سيما في المناطق التي يتقاسم النفوذ فيها عشائر متنافسة، فيحرص كل أبناء عشيرة على بناء مسجد قريب منهم. وحدث أن هدمت مساجد قديمة ليبنى مكانها مساجد أكثر اتساعاً وأكثر زخرفاً، بغض النظر عن عدد المصلين الذين يؤمّونها، والهدف أن يقال أن المسجد الذي بنته عشيرة فلان أكثر ألقاً من المسجد الذي بنته عشيرة علاّن.
ذلك من الأسباب المتعددة لبناء المساجد في الأردن. وكما تتعدد الأسباب تتعدد الاستخدامات. إضافة الى الصلاة والتعبد، برزت استخدامات أخرى للمساجد. حديثاً، وفي ظل الانقسام الطائفي والسياسي، أصبحت أماكن للاستقطاب وبسط النفوذ، فتجد مساجد تحت سيطرة جماعة الأخوان المسلمين واخرى تسيطر عليها جماعة التبليغ والدعوة، وأخرى تقع تحت نفوذ التيار السلفي الجهادي (التكفيري) ينافسه التيار السلفي التقليدي بالسيطرة على مساجد يبسط عليها نفوذه وأفكاره، وللصوفيين مساجدهم، وهناك مساجد/ مزارات للشيعة الذين يفدون الأردن لأجلها أو يقصدها الشيعة الذين لجأوا إلى الأردن من العراق بعد احتلاله في 9 نيسان/ أبريل 2003، وهي الزيارة المحفوفة بالمخاطر والتي غالباً ما تعطلها تظاهراتٌ لأبناء المناطق التي تقع المزارات فيها رفضا للوجود الشيعي.
ومنذ أربعينيات القرن الماضي وللآن، استخدمت المساجد نقطة انطلاق التظاهرات والمسيرات الاحتجاجية، السياسية منها والاقتصادية والاجتماعية، المتعلقة بالشأن الداخلي للأردن، أو الخارجي المتصل بالشأن العربي أو الدولي. ويبرز هذا الاستخدام في صلوات الجمعة التي يؤمّها غالباً عدد كبير من المصلين، ولا يقتصر ذلك الاستخدام على التظاهرات والمسيرات الاحتجاجية التي تقودها جماعات إسلامية، بل يمتد لتلك التي يقودها اليساريون والشيوعيون، إذ ينتهز منظمو التظاهرة فرصة وجود جموع المصلين للتأثير عليهم بغية الخروج معهم. وغالباً، وعندما يعود المنظمون على اختلاف أفكارهم وتوجهاتهم بعد انتهاء التظاهرة أو المسيرة إلى هوايتهم في حصر الأعداد، يعتبرون جميع المصليين مشاركين سواء فعلوا ذلك أم لا.
ومن الاستخدامات الأخرى، يبرز الاستخدام التجاري للمسجد. وإذا كانت المساجد قديماً بنيت على مقربة من الأسواق، فأن الأسواق اليوم ترحل باتجاه المساجد من خلال الباعة المتجولين الذين يفضلون عرض بضاعتهم على أبواب المساجد، معتبرين المصلين عند خروجهم من الصلاة زبائن مفترضين.
وما ان يقول الأمام "السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، معلناً انتهاء الصلاة حتى تتعالي حناجر الباعة بالنداء على بضاعتهم، كلاً حسب السلعة التي يبيعها، فتتداخل أصوات "نقي بأيدك" مع "بصل ثوم" و "يابلاش بكسة البندورة بدينار" و"ملابس داخلية وجرابات" و"أصلية المنظفات"... وغيرها.
والمساجد أيضاً هدفٌ للمتسولين الذين يمدون أيديهم أمام المصلين بعد انتهاء الصلاة طمعاً في أن تمتد أيدي المصلين تحت تأثير اللحظة الإيمانية إلى جيوبهم ليغدقوا عليهم، ويردون الإغداق بأن يغدقوا عليهم بالدعاء الممزوج بالدموع، صادقة كانت أم كاذبة.
ومن استخدامات المساجد أن يقصدها البعض لقاء حاجته في الحمامات التابعة لها، ولأن الغالبية العظمى من المساجد في الأردن لا تفتح أبوابها إلا عند الصلاة، يشعر من يقصدها لتلك الغاية بالحرج وهو يخرج من حماماتها دون أن يدخل للصلاة، خاصة عندما ترمقه أعين الداخلين الى الصلاة بنظرة فيها ما فيها من نقد وتحقير.
وقد يكون للمساجد استخدامات أخرى أجهلها، لكن تبقى لها مكانتها، كيف ذلك، ولا يزال راكبو السيارات يخفضون أصوات مسجلاتهم عندما يعبرون بالقرب منها، خاصة في أوقات الصلاة، ولا يزالون يغلقونها عند الأذان، ولا يزال المصلون يجودون بأموالهم في صناديق التبرع الخاصة بها.