تمايز طبقي بنكهة رمضانية في اليمن

لرمضان في اليمن سمة خاصة من حيث أنواع الأطعمة، والحنين إلى التدين، وبروز التكافل الاجتماعي، غير أن التمايز الطبقي يبقى سائدا في وجبات تأخذ التسمية نفسها.اجتماعيا، لا يزال كثير من اليمنيين يحافظون على عادات متوارثة إذ يحملون إفطارهم في رمضان، ويتوجهون إلى المسجد قبل أذان المغرب، ويتجمعون هناك في حلقات، ويخلطون الأطعمة للاشتراك في وجبة الإفطار السريعة، ويدعون إليها الموجودين في المسجد. ويشمل
2012-08-01

أحمد الزكري

كاتب صحافي من اليمن


شارك
من أحد أسواق صنعاء

لرمضان في اليمن سمة خاصة من حيث أنواع الأطعمة، والحنين إلى التدين، وبروز التكافل الاجتماعي، غير أن التمايز الطبقي يبقى سائدا في وجبات تأخذ التسمية نفسها.
اجتماعيا، لا يزال كثير من اليمنيين يحافظون على عادات متوارثة إذ يحملون إفطارهم في رمضان، ويتوجهون إلى المسجد قبل أذان المغرب، ويتجمعون هناك في حلقات، ويخلطون الأطعمة للاشتراك في وجبة الإفطار السريعة، ويدعون إليها الموجودين في المسجد. ويشمل الفطور التمر، و"الحامضة" وهي الحلْبة (وهي نبتة) بالخل، والسلطة و"المفحوسة" أو ما تسمى "الفتوت" المصنوعة من الخبز الجاف الطازج مخلوطا بالسمن والحبة السوداء والعسل.
"الشربة" و"الشفوت" وجبتان لا تخلو منهما مائدة رمضانية في كل اليمن، غير أن مضمون الشربة كسواها من وجبات أخرى، يُبرز التمايز الطبقي.
تصنع الشفوت من رقائق تسمى "اللّحوح" وهو خبز طري من دقيق القمح أو الذرة حيث توضع العجينة على وعاء فخاري أو معدني لتطبخ على نار هادئة، ثم تخلط مع الحليب الطبيعي، أو الرائب (الحقين). أما الشربة فتصنع من القمح المقشور بعد خلطه بالحليب والسكر لدى الفئات الفقيرة، أو باللحم والدجاج لدى الأسر الغنية.
لا تزال عادة تبادل الأواني بأطعمتها المتعددة ظاهرة بين الأسر المتجاورة في المدن، إضافة إلى تقديم متوسطي الدخول أطعمة لجيرانهم الأقل دخلا.
في صنعاء ومحافظات أخرى شمالية تبدو "السلتة" وجبة لا غنى عنها في رمضان كما هي رائجة في سواه. وتتكون من الأرز، والخضار المهروسة، والحلْبة، واللحم المفروم، وتفضل طباختها في إناء من الفخار لاحتفاظه بدرجة الحرارة أثناء الأكل. غير أن اللحمة تغيب عن السلتة في معظم وجبات الفقراء. وهناك "بنت الصحن" التي تصنع من عجينة الدقيق المخلوطة بالسمن والبيض والحبة السوداء، وترق على هيئة أقراص رقيقة جدا، ثم توضع في الفرن حتى تنضج وبعدها يضاف إليها العسل من أنواع جيدة لدى الفئات الغنية (يصل سعر الكيلوغرام منه إلى 12 الف ريال أو 60 دولارا)، في حين تستخدم فئات فقيرة عسلا تجاريا يباع الكيلو منه بستمئة ريال (دولارين تقريبا).
المحلبية (بودرة الكاسترد) هي الأخرى وجبة خفيفة لا يتناولها معظم اليمينين باستمرار إلا في رمضان، وكذلك "السنبوسة"، و"الباجية" (وهي الطعمية أو الفلافل). وفي محافظات ساحلية مثل حضرموت والحُديدة، يظل الأرز والسمك وجبة أساسية في رمضان كما في سواه.
في الأرياف التي يقطنها 83% من نسبة الفقراء التي تجاوزت 43% من السكان، تحضر في مائدة رمضان "العصيد" التي تصنع من دقيق القمح أو الذرة، بخلطه وتحريكه في الماء الساخن، وتؤكل ساخنة مع الحليب والسمن البلدي، يضاف إليها العسل لدى الفئات الغنية في بعض المدن.
التجمع في بيت العائلة لتناول الإفطار والعشاء في رمضان، عادة بدأت تضمحل مع استقلال الأبناء في مساكن خاصة بهم بعد الزواج، تماما كتراجع تقسيم الفطور والعشاء إلى فترتين، خاصة في المدن.
تظهر معظم الحلويات في موائد الميسورين، وهي مزيج من الحلويات اليمنية والشامية والتركية والهندية كالرواني والكنافة والبقلاوة والبسبوسة والشعوبية. وقد انتقلت كثير منها إبّان فترة الحكم العثماني لليمن، أو عبر حركة التنقل والهجرات من الهند وإليها في فترة ازدهار التجارة في عدن منتصف القرن الماضي. أما أشهر المشروبات الرمضانية فهي الشعير والزبيب المنقع، وعصير البرتقال، ومعظمها تُشترى في المدن من محال متخصصة في صناعتها.
من ليس لديهم مساكن عائلية أو أقارب في المدن، يتوزعون بين المساجد التي تقيم فيها جمعيات خيرية موائد إفطار، وبين المطاعم التي تقدم إفطارا يشمل الشربة والشفوت والمحلبية، وعشاء يشمل الأرز وسواه من مأكولات مألوفة في غير رمضان.

رمضان ولغة الطعام

مقالات من اليمن

تحوُّلات العاصمة في اليمن

يُعدّ الإعلان الرئاسي عن نقل العاصمة الى "عدن"، في معناه القانوني، إجراءً رمزيّاً، لأن نقل العاصمة يقتضي إجراء تعديلات في الدستور اليمني، الذي لا يزال ينص على أن مدينة "صنعاء"...

للكاتب نفسه

الحـوار الــوطـنـي فـي الـيــمــن

هل سينجح «مؤتمر الحوار الوطني» في اليمن، الموشك على الانعقاد بعد تحضيرات وتأجيلات، ليلج باليمنيين إلى مستقبل تاه كثيرا في ماض متخم بالقمع والفساد والحروب الأهلية؟ هل مآلات هذا الحوار...