حصلت "العالم الجديد" على وثائق تثبت قيام الخطيب الحسيني الشيخ عبد الحميد المهاجر باستغلال عشرات الفلاحين والاستحواذ على ارض زراعية تقدر مساحتها بنحو 81 دونما زراعيا في محافظة كربلاء، وتجريف بساتينها بالكامل، خلافا للقوانين والضوابط المقرة.
بدأت القصة بترويج المهاجر لبنائه أكبر جامعة للخطابة الحسينية، واعلانه البحث عن قطعة ارض لذلك.
عام 2007 اشترى الشيخ المهاجر من شخص ما خمسة دوانم من مجموع 81 دونما، مسجلة كطابو زراعي، ويسكن معظمها فلاحون يعتاشون على بيع ثمار البساتين التي يزرعونها، ويقيمون فيها منذ العام 1989، ويرفد بعضهم السوق بأطنان من المحصولات الزراعية، بحكم قربها من نهر الفرات.
القطعة المرقمة 4/23/ مقاطعة 17، تقع في كربلاء، مدينة عون، قرية بدعة اسود، المجاورة لجامعة السيد كمال الحيدري، وقرب مدينة "سيد الاوصياء" للزائرين التابعة للعتبة الحسينية.
وفي ذات العام الذي اشترى فيه الشيخ المهاجر قطعة الأرض الزراعية (5 دونم) استفاد من الضعف المادي للأهالي المشتركين معه في القطعة الكلية البالغة مساحتها 81 دونما، وقام برفع دعوى قضائية لإزالة الشيوع من الأرض، وتملكها بالكامل، اذ يجيز القانون العراقي إزالة الشيوع عن الأرض الزراعية، وفق ضوابط، ابرزها عرضها على المزاد، وتحديد قيمة كل دونم على وفق المزاد المعلن.
ووفق القانون، وحسب ما جاء بقرار مجلس قيادة الثورة المنحل المرقم 1497في 29/11/1982 النافذ، إمكانية إزالة الشيوع العادي للشركاء في حال اتفقوا على مدة لا تتجاوز خمس سنوات، ولا يجوز لاي منهم حق التصرف او نقض الاتفاق، كما ان الدعوى القضائية لإزالة الشيوع تتطلب عرض القطعة في المزاد، ويقيم سعر الدونم الواحد على أساس المزاد، بعد انتهاء الاتفاق بين الشركاء.
ولكن ما جرى ان الشيخ المهاجر اقام الدعوى دون اتفاق جميع الشركاء في الأرض المشاعة، وبالنظر الى الإمكانيات المادية المحدودة للعوائل التي تسكن الأرض، تمكن الشيخ من كسب المزاد، وتم تحديد سعر الدونم الواحد بـ3 ملايين دينار، في حين ان المبلغ الحقيقي للدونم الواحد يصل الى نحو 500 مليون دينار، بحسب الأهالي المتضررين.
هاشم جاسم احد المتضررين من إقدام الشيخ المهاجر على الاستحواذ لمجمل قطعة الأرض الزراعية (81 دونما)، يقول ان "المهاجر استغل الأوضاع الأمنية في عام 2007 قبل صولة الفرسان، وقام بإرسال مجموعة مسلحة لغرض تهجير الفلاحين من قطعهم تحت تهديد السلاح، وانصاع اغلبهم للامر، وغادروا منازلهم تحت التهديد"، مبينا انه "قام على الفور بتجريف 4 الاف نخلة، والمئات من الأشجار المثمرة الأخرى، من دون حصوله على الموافقات القانونية للتجريف".
وينص القانون العراقي على عدم جواز تجريف الأرض الزراعية المثمرة، ومنع تحويلها الى ارض سكنية، بل انه ذهب الى ابعد من ذلك، حين حدد البلديات بمتابعة مساحات البناء للفلاحين داخل الأراضي الزراعية.
ويضيف جاسم، ان "دائرة الزراعة في محافظة كربلاء أغلقت الملف دون محاسبة او عقوبة"، مشيرا الى ان "مديرية زراعة كربلاء لم تتخذ أي اجراء قانوني بحقه، نتيجة استغلاله النفوذ والعلاقات في الدائرة، وقد أغلق الملف دون محاسبة او عقوبة".
واسترسل بالقول "بعد ان قل تأثير المجموعة المسلحة التي أرسلها المهاجر على الفلاحين، بعد صولة الفرسان، عاد السكان المهجرون ليطالبوا بحقوقهم، وبعد المماطلة من 2007 الى 2010 قرروا الاحتكام الى المرجع الأعلى السيد علي السيستاني، لغرض البت في هذا الموضوع، بعد ان نجحوا بإيقاف بناء الأرض، او بيعها لجهات أخرى".
وتابع جاسم "صدرت فتوى السيستاني بأحقية المدعين بأرضهم ممن لم يستلموا التعويضات، لكن الشيخ رفض الامتثال للفتوى، مدعيا انه لا يقلد السيد السيستاني، وان فتواه غير ملزمة"، مضيفا ان "الأهالي نجحوا بإعلام معظم المراجع الاخرين، ومنهم السيد المدرسي الذي يدعي المهاجر تقليده، والذي كان له رأي مشابه للسيد السيستاني".
وحصلت "العالم الجديد" على نص جواب المرجع السيستاني بشأن القضية، إذ نصت على "عدم أحقية الأشخاص الذين قبضوا التعويض، لكن الأشخاص الذين ادعوا الشراء الشرعي خارج دائرة التسجيل العقاري (كما في المكاتبة وقرار المحكمة)، وانهم لم يستلموا استحقاقهم فانه اذا ثبت صحة الشراء وعدم قبض التعويض عن حقهم، فلهم حق المطالبة، ولا بد من إرضائهم ولو بالقيمة الفعلية". وبحسب جاسم، فان القيمة الفعلية للدونم الواحد تقدر بنحو 500 مليون دينار.
هذا التوجه من قبل السيد السيستاني، أدى الى تراجع العتبة الحسينية عن شراء القطعة التي عرضها الشيخ المهاجر عليهم، بهدف ضمها الى مدينة "سيد الاوصياء" التابعة للعتبة، كما أن الشيخ المهاجر ادعى بيع الأرض الى السيد علي الاديب القيادي في حزب الدعوة الاسلامية، ووزير التعليم العالي الأسبق.
وبين هاشم جاسم انه والأهالي رفعوا دعوى ضد الشيخ حميد كزار الملقب بالمهاجر منذ ثمانية اشهر، الا ان نفوذه اثر كثيرا على القضاة، وماتزال الدعوى متوقفة.
"العالم الجديد" حاولت مرارا وتكرارا استفهام سبب سكوت بلدية كربلاء على عملية تجريف البساتين، لكنهم رفضوا الحديث عن الموضوع، كما لم تتمكن من الوصول الى الشيخ المهاجر للتعليق على مجمل القضية، الا أنها تحتفظ له بحق الرد الكامل.
المقال الكامل على موقع "العالم الجديد"