أطلق نشطاء مغاربة عريضة دولية لجمع التوقيعات للمطالبة بإنصاف القاضي المعزول محمد الهيني، عضو نادي قضاة المغرب وأحد أبرز القضاة الناشطين على صعيد المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية. وكان الهيني قد تعرض لحكم تأديبي بعزله في 11-2-2016 على خلفية مقالات نقدية لمشاريع قوانين إصلاح القضاء في المغرب.
وعُرف القاضي الهيني بقاضي المعطلين، اذ ساهم في اصدار المئات من الأحكام التي انتصرت للمعطلين في دعوى أقاموها ضد رئيس الحكومة. كما أصدر أحكاما أخرى مبدئية انتصرت لحق الموظفين ضد رئيس الحكومة، قضت هذه الأحكام بالغاء قرار الاقتطاع من أجور المضربين عن العمل، وأصدر أيضا حكما مبدئيا قضى لأول مرة بحق المرأة السلالية في حقها في الأراضي السلالية اعتمادا على مقاربة النوع الاجتماعي ومبادئ المناصفة التي يكرسها الدستور والمعايير الدولية.
سلطت هذه الأحكام الضوء على القاضي محمد الهيني كأحد القضاة البارزين المناصرين للقضايا المجتمعية، وزاد من اشعاعه نشاطه الكبير في نادي قضاة المغرب وفي منظمات حقوقية أخرى على رأسها جمعية عدالة، حيث انضم الى ائتلاف قضاة ضد عقوبة الاعدام. وقد أثار ذلك حفيظة وزارة العدل حيث أحيل على المجلس الأعلى للقضاء قبل سنتين الذي أصدر عقوبة بتوقيفه لمدة شهرين و تنقيله من القضاء الاداري الى النيابة العامة، وواصل القاضي محمد الهيني نشاطه رغم تحفظات وزارة العدل، حيث ناضل من أجل استقلال النيابة العامة عن وزارة العدل، مطالبا بإلغاء وزارة العدل. وكتب معريا عن العيوب الواردة في مسودة اصلاح القانون الجنائي وقانوني المسطرة المدنية والجنائية، وهي المسودات التي أعدتها وزارة العدل، فما كان من عدد من برلمانيي حزب العدالة والتنمية إلا أن تقدموا بشكاية في مواجهته لوزير العدل المنتمي لنفس الحزب، فأصدر قرارا باحالته على المجلس الأعلى للقضاء الذي يترأسه، وصدر قرار عزله نهائيا من سلك القضاء.
النشطاء الذين أطلقوا عريضة التضامن اعتبروا أن "ما يتعرّض له اليوم القاضي محمد الهيني المعروف بمحاربته المستميتة للفساد والرشوة والتحكّم في القضاء هو نتيجة آرائه ومواقفه". ثم أضافوا "نحن الموقعين والموقعات أسفله الغيورات والغيورين على حرية الرأي والتعبير والمدافعين عن استقلالية السلطة القضائية عن السياسي وجبروته، نعبر عن تضامننا ودعمنا المبدئي والمطلق مع القاضي الحقوقي في محنته، مطالبين الجهات المسؤولة الكف عن مضايقة قضاة الرأي وخنق أنفاسهم وقطع أرزاقهم، والكف عن معاقبتهم عن آرائهم التي يضمن لهم الدستور حرية التعبير عنها، وتضمن لهم المواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب الحق في العمل النقابي وحرية الضمير. ونطالبها كما نطالب الرأي العام والمؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان وممثلي القوى السياسية والحقوقيين والمثقفين والإعلاميين والنقابيين وجمعيات المجتمع المدني، بالعمل جميعا على إنصافه ورد الاعتبار اليه وإلغاء قرار العزل الجائر بحقه".
ليختموا عريضة بأسفهم بكون القاضي النزيه محمد الهيني "اليوم بدون أجر وبدون معاش رغم أنه قضى أكثر من 17 سنة في مهنة القضاء، وفي سبيل تحقيق العدالة. كما أن قرار عزله الباطل يرسل رسائل سلبيّة ويحدّ من حريّة القضاة في ممارسة مهامهم، ويخلّ بمبدأ استقلالية القضاء".
وفور اعلان نتائج المجلس الأعلى للقضاء في ليلة الخميس 11/02/2016، إنتشرت صورة القاضي محمد الهيني في مواقع التواصل الإجتماعي على نطاق واسع مرفقة بهاشتاك معبر عن رفض شريحة كبيرة من المواطنين لهذا القرار. وتوالى صدور البيانات المنددة به من طرف منظمات المجتمع المدني الوطنية والدولية. فقج أصدر نادي قضاة المغرب بيانا عاجلا دعا فيه لاجتماع طارئ لمجلسه الوطني مؤكدا أن القرارات التأديبية الصادرة في حق قضاة الرأي وعلى رأسهم القاضي محمد الهيني والقاضية آمال حماني محاولة لإخراس كل أصوات القضاة المنادية بالتغيير والإصلاح، وعبرت اللجنة الدولية للحقوقيين عن قلقها ازاء الطابع التعسفي وغير المنصف للإجراءات المتخذة في حق القاضي الهيني، فصرح تيو بوطروش المستشار القانوني في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى اللجنة الدولية للحقوقيين أنه: "بالرغم من الانتهاكات المتعددة لمعايير المحاكمة العادلة استمرت الاجراءات التأديبية بحق القاضي محمد الهيني وصولا إلى انزال أقسى عقوبة ممكنة وذلك خلافا للمبادئ التي تنظم استقلال القضاء".
ويذكر أن القاضية آمال حماني كانت هي الأخرى قد تمت متابعتها على خلفية تدوينات نشرتها بمواقع التواصل الاجتماعي عبرت فيها عن رأيها الرافض لمشاريع قوانين السلطة القضائية. وقد تم توقيفها لستة أشهر عن العمل، ونقلها إلى محكمة أخرى.