هل تحكم هذه المجموعة العراق سرا؟ فقرات جديدة من مقالة قيد الكتابة ستنشر لاحقا بكاملها: أما في حقل الصناعة النفطية العراقية، فتقارير مجموعة كروكر تذهب إلى هدفها الحقيقي مباشرة دون لف أو دوران، وتأمر حكومة بغداد بضرورة "إعادة التفاوض بشأن العقود مع شركات النفط". ملوحة بإغراء براق ومزيف يقول إن الحكومة سوف "تستفيد" من "الابتعاد عن اتفاقاتها مع الخدمات التقنية". إن المقصود بهذه العبارة هو أن تتخلى الحكومة العراقية عن استراتيجيتها الصحيحة والتي تم تثبيتها بجهود الكوادر النفطية الوطنية القائمة على "عقود الخدمات" ورفض الخيار الآخر المتمثل "بعقود الانتاج"، الذي يعني أن تكون الشركات الأجنبية المتعددة الجنسية شريكا فعليا في الانتاج والأرباح، لا مجرد شركات تقدم الخدمات والخبرات مقابل أثمان معلنة. إن هذا المطلب يعني أن "مجموعة كروكر" تريد قلب الوضع القائم لكي تحصل الشركات الأجنبية على أرباح مضاعفة تصل إلى أربعة أضعاف ما تحصل عليه بموجب عقود الخدمة، أي كما هي الحال مع الشركات العاملة في إقليم كردستان العراق والتي تعمل بموجب عقود المشاركة في الانتاج دون موافقة الحكومة العراقية الاتحادية. وبهذا ستكون تلك الشركات والاحتكارات النفطية الأجنبية شريكا في ما لا يمكن المشاركة فيه لأنه ينتقص من السيادة العراقية.
إن التبرير الذي يطرحه تقرير "مجموعة كروكر" لهذه التوصيات هو انها ستكون "لمصلحة العراق"، ولأن عقود الخدمة (تفرض رسوماً مرتفعة للبرميل على الحكومة في الوقت الذي تكون فيه أسعار النفط منخفضة، مما يؤدي الى تقليل تحفيز الاستثمارات الفعالة من حيث التكلفة في البنية التحتية من جانب شركات النفط) وفي مناقشته لهذا التبرير يكتب صائب خليل (في هذا الكلام، حقيقة صغيرة أخرجت من سياقها لإمرار أكذوبة كبيرة. الحقيقة الصغيرة هي أن عقود الخدمة تنخفض أفضليتها تدريجيا مع انخفاض سعر النفط بالفعل. أما الكذبة الكبيرة التي يتجنب التقرير الحديث عنها فهي أن افضلية "عقود الخدمة" تبقى أعلى، حتى في أدني الأسعار التي وصل اليها النفط مؤخراً من "عقود الانتاج"، وأن سعر البرميل يجب أن يهبط إلى أقل من عشرة أو ثمانية دولارات للبرميل الواحد، قبل أن يتساوى مردود النوعين من العقود بالنسبة للعراق، حسب تقدير الخبير النفطي العراقي فؤاد الأمير!).
وبعد كل ما تقدم، هل يمكن وصف هذه المجموعة والمجلس الأطلسي الذي يقف وراءها بأنها كما تعرف نفسها (مؤسسة حيادية مرموقة لا تتبع أي حزب، وتكرس جهودها لدفع التعاون عبر الأطلسي والسلام الدولي)؟ وإذا كان طبيعياً أن ينضم إليها ويعمل في صفوفها سفراء وجنرالات وموظفو مخابرات وخبراء اقتصاد أميركيون وأجانب فهل يستقيم ويكون خاليا من الشبهة والتشكيك أن ينضم إليها ويعمل في صفوفها كتاب وخبراء عراقيون، وخصوصا ممن وصفوا أنفسهم ذات يوم بأنهم وطنيون وديموقراطيون أو يساريون مناهضون للرأسمالية والاستعماروالغزو والهيمنة من أمثال فالح عبد الجبار ونبراس الكاظمي وغيرهما؟
بكلمات أخرى: هل يمكن اعتبار هذه المجموعة جهة علمية أكاديمية تصدر الدراسات المحايدة والمفيدة لمن يريد الاستفادة منها كما يفترض بسائر الجهات الأكاديمية والعلمية المستقلة أم أنها في حقيقتها جهاز أميركي للقيادة والتخطيط والتجسس وإصدار التوصيات والأوامر التنفيذية والتي تتعامل مع قمة السلطة في واشنطن ولا تتعامل مع الطرف العراقي المعني أكثر من غيره بنشاطها وتوصياتها كما يقتضي الزعم بالعلمية والاستقلالية؟ وهل هذه حكومة عراقية مستقلة التي تقبع وراء أسوار المنطقة الخضراء أم مجموعة من حلفاء الاحتلال التابعين الذين يطبقون توصيات أجهزة الاحتلال الناعمة ومجموعاته السرية والعلنية؟
رابط لتحميل تقارير مجموعة كروكر
من صفحة علاء اللامي على فايسبوك