الإيدز والإدمان أشباح تطارد المجتمع المصري

تنذر جمعيات مدنية أن الأيدز انتقل من كونه مرضاً قليل الانتشار كما تقول وزارة الصحة المصرية إلى تصنيف الوباء، وتعزو السبب لعدم التوعية حول طرق انتقال العدوى غير المقتصرة على الاتصال الجنسي.
2017-05-05

شيماء حمدي

كاتبة صحافية من مصر


شارك

مع الظهور الأول لمرض "الإيدز" (نقص المناعة المكتسبة) عام1981 كان الظن هنا في مصر أنه لا وجود له سوى بالولايات المتحدة الأمريكية وأنه محصور بالمثليين جنسياً وبمن يتعاطون المخدرات بواسطة إبر في الوريد.
لكنه وفي عام 1986، اكتشفت أول حالتين بمصر، فأطلقت وزارة الصحة حينها "البرنامج الوطني لمرضى الإيدز". وهو عيّن الطرق المتعددة التي ينتقل بها المرض من شخص إلى آخر، وأبرزها كانت ثلاث: "الاتصال الجنسي بكافة أشكاله والأم المصابة إلى جنينها أثناء الحمل أو الولادة، والدم عن طريق نقل دم فاسد أو حقن المخدرات أو الوشم أو غيره". وسائل الإعلام ركزت حول الطريق الأول فحسب مما كان له أثر أول هو تزايد انتشار المرض، وأثر ثان هو خوف الكثيرين أو خجلهم من البوح بالإصابة خشية الوصم المجتمعي له.
 

ما الرقم الصحيح؟
 

كشف التقرير السنوي الذي نشرته وزارة الصحة المصرية (قطاع الطب الوقائى بوزارة الصحة والسكان) في نيسان/ أبريل، ويخص العام 2016، وهو حول "الأمراض المعدية والمتوطنة"، عن أن معدل انتشار فيروس نقص المناعة (الإيدز) يمثل أقل من 1 في المئة من تلك الأمراض طبقاً لإحصائيات منظمة الصحة العالمية، وأشار إلى أن عدد الحالات التي أصيبت بالمرض في مصر منذ عام 1986 وحتى الآن، تبلغ 7049 حالة تتلقى علاجها بالكامل مجاناً بمراكز مكافحة الإيدز. وأكد أنه ما زال على قيد الحياة من الحالات المصابة 5615 حالة، مشيراً إلى أن عدد الحالات المكتشفة في عام 2015 بلغ 1163 حالة.
.. بينما تؤكد مراكز وجمعيات متخصصة في مكافحة الفيروس أن عدد المصابين تخطى 230 ألف حالة، وأن الوباء يتخطى حاجز 5 في المئة لدى للفئات الأكثر عرضة للمرض. وعلى الرغم من توفير وزارة الصحة للدواء الثلاثي للإيدز، إلا أن أدوية الجيل الثاني والثالث والرابع غير متوفرة، وأجهزة تحليل الحمل الفيروسى (أي وجود الفيروس في الجسم من دون ظهوره أو فعاليته)، التي تصل تكلفتها إلى ملايين الجنيهات، خارج نطاق الخدمة.
 

الإدمان
 

تلك الأرقام الأخيرة التي ذكرتها بعض الجمعيات المدنية المتخصصة تنقل تصنيف مرض الإيدز من "قليل الانتشار" وفقاً لتصريحات وزارة الصحة المصرية إلى "وبائي" وفقاً لمنظمات المجتمع المدني تلك، وأن ذلك حدث بشكل خاص خلال السنوات القليلة الماضية، مع تفشي الإدمان عن طريق الحقن.
 

 لم يكن محمد عودة يعلم أن مطاف الإدمان عن طريق الحقن سينتهي بمرض لعين يجعله يموت ببطء. هذا ما قالته شقيقته الجالسة أمام المشرحة بانتظار استلام جثمانه. قالت إنه ظل لسنوات يتعاطى المخدرات عن طريق الحقن، وأن الإدمان بالمناطق الشعبية، كتلك الذي يسكنون فيها، منتشر للغاية.
 

وعلى الرغم من وصمة مرضى الإيدز اجتماعياً بسبب التركيز على انتقاله عبر الاتصال الجنسي، وبالأخص المثلي، إلا أنه بدأ مؤخراً تركيز على متعاطي المخدرات، وعلاقة المرض المباشرة بذلك بحسب الدكتور إيهاب الخراط أستاذ الطب النفسي ومدير "برنامج الحرية لإعادة تأهيل مرضى الإيدز"، مؤكداً على أن المدمن من أكثر الشخصيات تعرضاً للإصابة بالأيدز أولاً بسبب استخدام المحقن الواحد المليء بالمخدر لأكثر من شخص، وثانياً عن طريق تأثير المخدرات نفسها على سلوك متعاطيها وحاجته لها باي ثمن، بما فيه الدخول في علاقات جنسية عابرة قد ينتج عنها نقل هذا المرض.

العزل والموت في إناء واحد
 

داخل أقسام مستشفى الحميات بالعباسية الـ24، يوجد القسم رقم 15، وهو قسم العزل المخصص لاستقبال مرضى الإيدز، وعدد غرفه لا تتعدى العشرة، في كل منها سريرين. تتشابك حكايات المرضى فمنهم من ينجو بعد توجهه لهذا المكان فور علمه بمرضه وبخطورته ليبدأ العلاج والتعايش مع المرض، ومنهم من تمر عليه لحظاته الأخيرة هنا. وليس في القسم إمكانيات للوقاية ولو بحدها الأدنى، فأهل المريض يستطيعون زيارته بلا تقنين خاص، كما بإمكانهم أيضاً مساعدة المريض في تلقي العلاج أو التنقل أو في مسح دماء سقطت منه أثناء تعليق أحد الأمصال، وذلك لقلة متابعة طاقم التمريض للمرضى واكتفائهم بمراقبة تناولهم للأدوية في ميعادها.
هكذا كان الوضع في جولة سريعة داخل هذا القسم، بين مدمن، ومصاب بالخطأ، وأم وأبنها الرضيع مصابان.. كانت الحكايات تتلاقى في غرف مكتظة بزائري المرضى.
 لم يكن محمد عودة يعلم أن مطاف الإدمان عن طريق الحقن سينتهي بمرض لعين يجعله يموت ببطء. هذا ما قالته شقيقته الجالسة أمام المشرحة بانتظار استلام جثمان شقيقها. قالت إنه ظل لسنوات يتعاطى المخدرات عن طريق الحقن، وأن الإدمان بالمناطق الشعبية، مثل تلك الذي يسكنون فيها، أصبح منتشراً وأن بائعي هذه السموم متوفرون في الشوارع لمن يرغب الشراء "على عينك يا تاجر" على حد تعبيرها. وأضافت أنهم حاولوا أن ينجدوا شقيقهم مراراً وتكراراً من الإدمان، إلا أن محاولاتهم باءت بالفشل بسبب "البيئة" المحيطة به.
وبين أذى النفس وأذى الغير شعرة. تلك السيدة، أم شهد، نقل زوجها إليها المرض وهو كان أصيب به من الإدمان، وتوفى وتركها هي وطفلتها مصابتان. فقد انتقل المرض إليها خلال الحمل. والطفلة اليوم في العاشرة. وأشارت إلى أنهما أصبحتا في حالة من التعايش مع المرض، وأن "الحميات" وتقصد هذا المستشفى صار بيتهما عند تدهور حالتهما. وهما منتظمتان في تناول الأدوية المصروفة لهما من وزارة الصحة.

مقالات من مصر

العاصمة المصرية في مفترق طرق..

رباب عزام 2024-11-21

على الرغم من الأهمية الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، بالنسبة إلى المواطنين، للمنشآت والمباني المقامة حالياً على أراضي "طرح النهر"، خاصة في العاصمة القاهرة، إذ يشمل أغلبها كثيراً من الأندية الاجتماعية التابعة...

للكاتب نفسه

مقترح قانون الحضانة المصري

شيماء حمدي 2017-01-03

انتهت اللجنة التشريعية في البرلمان المصري إلى رفض التعديلات على قانون الحضانة التي اقترحتها النائبة سهير الحادي مما يمكن اعتباره طوياً لهذا المقترح السيء