جرى تفجير ملهى ليلي في قلب القاهرة. قُذفت فيه زجاجات المولوتوف واحترق ومات عشرون شخصاً. صحا سكان القاهرة على الخبر، مصمصوا شفاههم حزناً على الموتى، وامتلأوا رعباً من الآتي. داعش في قلب القاهرة، قال سكان القاهرة.
ولكن الساعات المفاجئة حملت أخباراً مبهجة. فمن حرقوا الملهى الليلي لم يكونوا من داعش. وإنما كانا شابين تم طردهما من الملهى فعادا للانتقام. وفجأة تبدل رعب القاهرة مرحاً. جلس سكان القاهرة على القهوة وتبادلوا النكات حول الشابين. كان الموضوع مرحاً بشكل غير عادي. ورقص سكان القاهرة طرباً وهم يغنون: "ليس هناك داعش، ليس هناك داعش".
وللحظة بدا أن كابوس داعش قد انزاح، لولا أنه أثناء الاحتفالات انتحر شخص غرقاً في النيل، وكان اسمه صليب. سمع سكان القاهرة عن هذا الحادث فارتعبوا مرة أخرى وجروا إلى بيوتهم. وهم يصرخون، الحرب الأهلية بدأت، الحرب الأهلية بدأت.
ولكن الساعات التالية حملت أنباء سارة أيضاً، فالمنتحر ترك رسالة يقول فيها إنه ضاق بالحياة بسبب زوجته وطلباتها التي لا تنتهي. فرك سكان القاهرة أعينهم ونظروا واحداً إلى الآخر، يعني الحرب الأهلية لم تبدأ بعد؟ وبدأت البهجة تتسلل لقلوبهم واحداً بعد الآخر، وبدأوا يتسللون واحداً وراء الآخر إلى الشوارع مرة أخرى لمعاودة الاحتفال، مع مجموعة كبيرة من النكات حول النساء التي سوّدت حياة الرجال.
وأثناء ما كانوا ينكّتون، مر شخص عليهم بمدفع رشاش وقتل منهم مئتين وخمسين شخصاً. ولكن سكان القاهرة كانوا تحلوا بالجرأة هذه المرة، فجروا وراءه وأمسكوه من ياقة قميصه وهم يصرخون، إرهابي، إرهابي! والتفت إليهم الشخص وصرخ، "أنا مجنون، والله العظيم أنا مجنون". ونظروا لبعضهم ثم بدأت تتعالى ضحكاتهم وبدأوا يصنعون وجوهاً مضحكة له ليروا رد فعله، وطلبوا منه أن يحكي لهم عدداً من المواقف الطريفة التي تعرض لها في حياته بوصفه مجنوناً، وأخذ يحكي وهم يكركعون بالضحك.
وهكذا تم إنقاذ الاحتفال القاهري، وعاد سكان القاهرة جميعاً لبيوتهم مطمئنين على مستقبلهم وشاعرين بالأمان.
نص نائل الطوخي ورسم مخلوف