قبل ألف سنة حاول إنسان مسلم تأليف قصة يثبت فيها أهمية أن يتعرف الإنسان على العالم من حوله من دون مؤثرات فكرية خارجية، يعيد علاقته بالأشياء، بالدين، بالمذهب، بالإنسان الآخر المجاور له في الطبيعة. هذه القصة اقتبستها الآداب العالمية، نصاً أو تناصاً، فكانت رواية روبنسن كروزو وحكايات طرزان وماوكلي وسدهارتا. وفي السينما فيلم توم هانكس، cast away، كمثال معروف، وغير ذلك الكثير.
القصة اسمها حي بن يقظان، يقال إنّ أول من ألفها هو ابن سينا، الشيخ الرئيس الفيلسوف، ثم أعاد كتابتها ابن طفيل، ثم ابن النفيس. وتحكي قصة إنسان يجد نفسه في جزيرة بعد أن ترعاه ظبية وترضعه، وتنقسم الأسطورة إلى ست مراحل في كل مرحلة يتدرج في المعرفة، من النار والنبات والجماد والحيوان إلى الأسئلة الوجودية الكبرى. ثم يصل بنا إلى المغزى الإنساني وسفاهة الاختلافات المذهبية الحادة.
أما أنت، فلا تذهب لتلك الجزيرة، ماكو داعي، اركب تاكسي وتجول في مدينتك، واسأل نفسك عن تلك التواريخ، الولادات، الوفيات، الاحتفالات، المناسبات الطقوسية، هل تستحق كل هذا العناء؟، هل تمت للدين والحياة بصلة؟ هل نحن فعلاً نقتبس هدياً نورانياً وأخلاقياً من هذه التشوهات الإنسانية؟، فكّر متجردًا مثل بن يقظان، هل ما عندنا غير موجود عند الآخر؟، بماذا تتميز عقيدتك الفريدة؟ ها؟ فكر في الأغشية الغليظة التي وضعها هؤلاء على رأسك، شاهد الكلام (الزعبرة، الاحتيال، باللهجة) العظيم الذي وضعونا فيه، وصفّر الميزان.
من صفحة مرتضى كزار-العراق (فايسبوك)